الشهيد عليان إلى تراب القدس.. ثلاجات الاحتلال مثّلت بجثمانه

الشهيد عليان إلى تراب القدس.. ثلاجات الاحتلال مثّلت بجثمانه

01 سبتمبر 2016
الشهيد الفلسطيني بهاء عليان (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد أكثر من 10 أشهر، حظيت والدة الشهيد المقدسي، بهاء عليان، من حي جبل المكبر، جنوب القدس المحتلة، بعناقه واحتضان جثمانه بعد احتجازه في ثلاجات الموت الإسرائيلية، رغم أن الجسد المسجى بين يديها هو غير ما كان عليه حين ودعته قبل نحو العام.

شوّه صقيع ثلاجات الموت الإسرائيلية جسد الشهيد بهاء، فبدا، كما قال والده، المحامي محمد عليان، وقد مثل به من قبل الاحتلال. كانت العينان غائرتان في الوجه، وكانت عضلات الجسد ضامرة، وهو مشهد أبكى أقارب الشهيد الذين عرفوه ببنيته القوية وقامته المنتصبة.

"لولا أني والده وأعرفه جيدا، وأحفظ عن ظهر قلب تفاصيل وجهه وبنيته، لما كان بالإمكان التعرف عليه، لقد غيّرت ظروف الاحتجاز داخل كتلة من الصقيع معالم الوجه تماما، وتغيّر لون الجلد"، قال والد الشهيد بهاء، بعدما انتهى من دفن نجله.

ويضيف لـ"العربي الجديد": "المهم بالنسبة إلينا أن بهاء اليوم في ثرى القدس التي أحبها. هو اليوم أكثر دفئا وقد توسد ثرى مدينته. يرعاه الله ويحفظه"، مجددا ما قاله قبيل التشييع والدفن، حول كون استعادة الجثامين، رغم قسوة الشروط التي فرضت على ذوي الشهداء، هو انتصار.
ويشدد والد الشهيد على أن استعادة الجثامين "معركة قاسية، وكنا لا نمل من خوضها، فيما لم نعول كثيرا على وعود من هنا وهناك لم تؤت أي ثمار، الفضل بهذا الإنجاز لذوي الشهداء. حتى الآن استعدنا جثامين ثلاثة شهداء هم: محمد الكالوتي، وثائر أبو غزالة، وبهاء، وسنواصل مع باقي أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم معركة استعادتهم".
لم يكتف جنود الاحتلال بحصار المقبرة التي دفن بها بهاء في القدس، ومن قبلها محاصرة قلوب المشيعين والتنكيل بهم، حتى بعد وصولهم إلى مكان الدفن في مقبرة المجاهدين، حيث أخضعوا العائلة للتفتيش الدقيق 3 مرات، وصادروا الهواتف النقالة وسط تحذيرات بعدم تسليم الجثمان إن ضبط هاتف بحوزة أحد المشيعين.

وسبق ذلك تجميع المشيعين وفق القائمة المتفق عليها قرب مبنى البريد عند مدخل شارع صلاح الدين بمدينة القدس، قبل أن ترافقهم قوة خاصة إلى داخل المقبرة، وتحاصرهم هناك حتى في لحظة التشييع والدفن.

والدة الشهيد التي حثّت الخطى نحو من تجمعوا من الأقارب والأصدقاء وبعض الصحافيين بعد احتضان نجلها ودفنه، اكتفت بالحمد والتسبيح. لم تتحدث لأحد عن لحظة اللقاء والفراق. بينما عرضت راحتي يديها وقد تحنت ببعض من دم فلذة كبدها، وهي تهتف: "شموا ريحة بهاء. ريحة المسك"، وسط تكبير ودموع قريبات، منهن عمة وزوجة عم الشهيد، اللواتي منعن من المشاركة في التشييع، حيث اقتصر على واحد وعشرين مشيعا، على خلاف ما اتفق عليه من مشاركة خمسة وعشرين.

بالقرب من باب الأسباط بمدينة القدس القديمة، انتهى موكب المشيعين الذين طاردهم جنود الوحدة الخاصة في قوات الاحتلال، وهناك استقبلهم حشد من المواطنين المقدسيين الذين هتفوا باسم الشهيد، ووعدوه بالثأر، فيما وقف والد الشهيد ليتحدث إلى وسائل الإعلام، مستهلا حديثه بتهنئة الشعب الفلسطيني بما تحقق من إنجاز بدفن الشهداء.

قال أبو بهاء: "الإنجاز هو أننا دفنا أبناءنا الشهداء قرب المسجد الأقصى، قلب القدس ومركزها الروحي. هذا إنجاز حققناه بصمودنا وثباتنا على مواقفنا، ولم نكن وحدنا في هذه المعركة القاسية، كان شعبنا وقواه الحية ملتفة حولنا، وكان لنا ما أردنا".
واستشهد بهاء عليان في الثالث عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2015، حينما نفذ برفقة الأسير بلال أبو غانم عملية قتل وجرح فيها عدة إسرائيليين.