شقق تونسيّة تؤجّر لساعات

شقق تونسيّة تؤجّر لساعات

28 اغسطس 2016
استأجر بيتاً في تونس (كريس ماغراس/ Getty)
+ الخط -
العثور على منازل للإيجار ليوم أو يومين أو حتى ساعات ليس أمراً صعباً في تونس. تكفي قراءة الصحف أو زيارة مواقع الإعلانات. بعدها، ما عليك إلّا الاتصال والاتّفاق مع صاحب البيت على المدة وبدل الإيجار. لن يطلب منك بطاقة هوية أو وثيقة رسمية ولا أي شيء آخر غير الدفع مسبقاً كشرط لتسليمك المفتاح. لن يسألك عن أي تفاصيل، أكان معك مرافقون أم غير ذلك. كلّ ما يهمّه هو الحصول على المال.

هذه بيوت مخصّصة للإيجار لأيّام. ويتراوح بدل إيجار اليوم الواحد ما بين 60 (نحو 27 دولاراً) و100 دينار (نحو 45 دولاراً). في السابق، كانت تؤجّر للسيّاح الهاربين من غلاء أسعار الفنادق، أو العائلات التونسية المقيمة في الخارج. لكنها اليوم، تؤجّر لكلّ من يرغب ومن دون إبرام عقد حتى. وتنتشر هذه الشقق المفروشة في عدد من أحياء العاصمة الراقية والشعبية، وقد ارتفع بدل إيجارها خلال السنوات الخمس الأخيرة، لا سيما بعد الحرب في ليبيا وتوافد آلاف الليبيين إلى تونس. هذا الأمر بات يؤثّر على العائلات التونسية الباحثة عن شقق للإيجار، والتي لم تعد قادرة على تحمل هذا الارتفاع في الأسعار. من جهة أخرى، يخشى الأهالي الذين يسكنون على مقربة من هذه البيوت من تواجد عناصر إرهابية فيها، مع ورود أخبار عن اعتقال البعض.

وكانت الوحدات الأمنيّة قد كشفت خلال السنوات الأخيرة أن بعض هذه الشقق كانت مخصّصة للدعارة. واعتقلت الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية التابعة لإدارة الشرطة العدلية في تونس 30 فتاة تونسية، و18 ليبياً، وآخرين من جنسيات مختلفة بينهم جزائريون وكويتيون، بتهمة الدعارة، وذلك في منطقة حي النصر في العاصمة.

كذلك، أثارت جريمة القتل التي حصلت في العام 2012، وراحت ضحيّتها فتاة داخل شقة وسط العاصمة، ردود فعل غاضبة لدى كثير من التونسيين بسبب انتشار مثل هذه الشقق في أحياء عدة في المدن الكبرى. وتبين أن الشقة التي قتلت فيها الفتاة كان قد خصّصها صاحبها للإيجار لكن بطريقة مشبوهة.

وفي الآونة الأخيرة، كثرت البلاغات الصادرة عن وزارة الداخلية التونسية، وتتضمن اعتقال مجموعة من الشباب في شقق أجّرت لاستخدامها لغرض الدعارة أو تعاطي المخدرات وغيرها. كذلك، قدمت عائلات تعيش في هذه الأحياء شكاوى عدة، بعدما لاحظت أن البيوت تؤجّر بطريقة غير قانونية.

في هذا السياق، يقول المحامي أحمد الغربي إن عدد القضايا المتعلقة بالإيجار غير القانوني تجاوز المئات في المحاكم التونسية. ويلفت إلى أنّ تأجير هذه البيوت لساعة أو ساعتين أو ليوم أو يومين أدى إلى مشاكل كثيرة، مشيراً إلى أنّه لا يوجد قانون ينظّم قطاع الإيجار في البلاد. يضيف أن قانون 18 فبراير/شباط الصادر في العام 1976 قديم ولم ينقّح، مؤكداً أنّ غالبية الشقق لا تؤجّر وفق عقود مبرمة بين الطرفين، بل بناء على اتفاق شفوي وحصول صاحب الشقة على أمواله مسبقاً، على أن يسترجع المفتاح بعد انقضاء المدّة المتفق عليها. مثل هذه التصرّفات لا تجعل صاحب الشقة بمنأى عن المسؤوليّة في حال وقوع مشاكل.

ويؤكّد أمجد مولدي، وهو وكيل عقارات في العاصمة، تلقيه العديد من المكالمات يومياً للبحث على شقق مفروشة لإيجارها لمدة يوم أو ساعات معدودة، لافتاً إلى أن عمل الوكالة يقتصر على تأمين بيوت للإيجار في إطار القانون. وفي معظم الأوقات، يبرم صاحب البيت عقداً مع المستأجر تحدد فيها المدّة، والتي لا تقل عن سنة، مع إمكانية فسخ العقد في أي وقت على أن يكون هناك اتفاق بين الطرفين. يضيف أن غالبية هذه الشقق التي تؤجر لساعة أو يوم يوفرها سماسرة يعملون في الخفاء، مشيراً إلى أنّ غالبية المقبلين على تلك الشقق هم من الشباب التونسيين.

ورغم أنّ القانون لم يمنع تأجير البيوت ليوم أو ليلة أو ساعات، ولم يحدد أي مدة، إلا أنّه اشترط إبرام عقد بين الطرفين حتى يكون المالك على بينة من هوية المستأجر، بهدف حماية نفسه من مشاكل محتملة. وفي ظلّ عدم وجود عقد، غالباً ما لا يتمكّن الباحثون والمحقّقون الأمنيّون من معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت المستأجر إلى اختيار بيت لساعات محددة، خصوصاً في حال وقوع جرائم. بالتالي، يجب أن يعلم صاحب البيت بدوافع المستأجر. ففي بعض الأحيان، قد يواجه تهماً عدة، منها المشاركة في الدعارة، وهي الجريمة التي نص عليها الفصل 232 من المجلّة الجزائية.

دلالات