"المسيح جالس في قارب للاجئين" أمام كنيسة الدوم الألمانية

"المسيح جالس في قارب للاجئين" أمام كنيسة الدوم الألمانية

28 يوليو 2016
القارب واللافتة أمام واجهة الكاتدرائية (العربي الجديد)
+ الخط -

وضعت كاتدرائية الدوم في مدينة كولونيا، ثالث أكبر مدن ألمانيا، قارباً خشبياً صغيراً أمام الواجهة التي ترتفع 157 متراً ويراها أي قادم لكولونيا من كل الجهات، وكتب إلى جواره بلغات عدة، بينها العربية، "المسيح جالس في قارب للاجئين".

وقامت الكاتدرائية بوضع القارب للتعبير بوضوح عن دعمها قضية اللاجئين بعد أن ابتلع البحر المتوسط عائلات كاملة حاولت عبوره على قوارب مماثلة للقارب الصغير الذي لا يمكن أن يضمن سلامة عشرة أشخاص، فكيف إذا كان عدد من يخوضون به البحر يزيد عن المائة ممن تحولت بلادهم بسبب صمت العالم إلى جحيم يوزع الموت.
القارب الموضوع أمام الكاتدرائية هو قارب استعمله كثير من اللاجئين للوصول إلى الشواطئ الإيطالية قادمين من ليبيا بعد أن دفعوا للمهربين كل ما كانوا يمتلكون طيلة حياتهم، لكن غرق معظمهم في المتوسط بعد أن غرقت القوارب بهم وبأطفالهم.
بجانب القارب المضاء بشكل دائم وبطريقة جذابة، علقت كنيسة الدوم لوحة كبيرة مكتوب عليها بعدد كبير من اللغات، عبارة قوية وصادمة تجعل من يزور المكان يفكر كثيراً، وربما يغير كثيراً من قناعاته وأفكاره السابقة عن اللاجئين.
"المسيح جالس في قارب للاجئين" التي كتبتها كنيسة الدوم، معبرة عن موقف ديني إنساني نادر يعتبر اللاجئ إنساناً مقهوراً ومعذباً ومظلوماً، مثله مثل السيد المسيح حين صلب وعذب على الرغم من أنه كان بريئاً نبيلاً.
لم يكن وضع مركب اللاجئين أمام الواجهة، أول فعل تقوم به الكنسية لإعلان موقفها الداعم لوجود اللاجئين على الأراضي الألمانية وحقهم بالوصول لبلاد تؤمن لهم ولأسرهم الحياة الكريمة والآمنة، إذ إنها أطفأت أنوارها للمرة الأولى في تاريخها العريق احتجاجاً على مظاهرة قامت بها حركة "بيغيدا" العنصرية ضد الوجود الإسلامي في أوروبا، فما كان من المسؤولين عن الكاتدرائية سوى إطفاء أنوارها طيلة ليلة الثاني من مايو/أيار 2016.
يذكر أن مدينة كولونيا تعرضت إلى قصف جوي عنيف خلال الحرب العالمية الثانية، وبما يشبه الأعجوبة لم تتضرر الكاتدرائية كثيراً على الرغم من الآثار التي تركتها 14 قنبلة أصابت أجزاءً جانبية منها.
وتعد الكاتدرائية رمزاً لمدينة كولونيا، وقامت منظمة "يونسكو" بوضعها على قائمة الميراث الثقافي للإنسانية في عام 1996 معتبرة إياها من أهم المعالم الثقافية والمعمارية في أوروبا والعالم.