إفطار "ميعار" الفلسطينية المهجرة.. عودة رغم أنف الاحتلال

إفطار "ميعار" الفلسطينية المهجرة.. عودة رغم أنف الاحتلال

01 يوليو 2016
أطفال وأمهات في قرية ميعار يحلمون بالعودة (العربي الجديد)
+ الخط -

قبيل غروب شمس الجمعة، بدأ أهالي قرية ميعار المهجرة في الجليل، شمال فلسطين المحتلة عام 1948، يتوافدون بالمئات الى أرض الأجداد، حاملين راية "مهرجان العودة الرمضانية إلى ميعار" بنسخته الثالثة.

وفيما انشغل الكبار بتحضير الإفطار الرمضاني، تسابق الأطفال الى فعاليات خاصة بهم، فرسموا علم فلسطين على الحجارة، ومفتاح العودة على أياديهم، معلنين أنهم باقون على العهد، وأن ذاكرتهم الوطنية بدأت تتشكل فعلا، وهويتهم من هوية المكان.
مع مغيب الشمس رُفع الأذان، وكانت الجموع قد اتخذت أماكنها على طاولة الإفطار، "هون الأكل اطيب من أي مكان ثاني"، همهم بعضهم بفرح على الأرض الحزينة، فرح هو وليد الأمل بعودة منتظرة ولو بعد حين.
وأعقب الإفطار مهرجان تخللته كلمات وفعاليات متنوعة تحمل رائحة المكان. "بمثل هذه الفعاليات، نضرب جذور الأمل في هذه الأرض"، يقول غازي شحادة، مركّز "لجنة الزعتر والصبار" القائمة على الفعالية، في حديث لـ "العربي الجديد"، وهو الذي ورث الأمل عن أبويه ويسكن في قرية كابول المجاورة لبلده الأم.
يتابع شحادة:" اليوم نقيم إفطاراً لأهالي ميعار، القادمين إليها من مختلف القرى التي يسكنون فيها منذ عام النكبة. كان عدد سكانها أبان النكبة نحو 800 نسمة واليوم في الداخل والشتات يصل عددهم إلى نحو 15 ألف نسمة، والقسم الأكبر موجود في مدينة طمرة وقريتي ّكابول وشعب ومدينة شفاعمرو وسخنين وعبلين، نحن نعمل على لم شملنا للسنة الثالثة على التوالي".

لم يسلم الإفطار من تدخل المؤسسة الإسرائيلية وأذرعها الشرطية، فأقيم على أراض هي امتداد للقرية لكن ليس في المكان الذي كانت الحياة تدب فيه إبان النكبة.
يوضح شحادة: "في العامين الماضيين أقمنا الإفطار والمهرجان داخل القرية نفسها حيث معالمها، ولكن هذا العام اختارنا بقعة أخرى، فالشرطة رفضت منحنا ترخيصا للتجمع هناك، بسبب اعتراضات من أهالي المستوطنة القائمة على أراضي ميعار. هذه تراجيديا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بحيث يمنعنا المستوطنون من دخول بلدنا بحجة أننا نسبب لهم إزعاجاً، وهم الذين اغتصبوها".
ومن المعالم التي يقصدها "مقبرة القرية التي نقوم بصيانتها والحفاظ عليها بقدر المستطاع، كما نحاول أن نعيد بناء المسجد وترميم ما تبقى منه وهذا يلقى معارضة شديدة ولكننا ماضون في مشروعنا".
وأوضح شحادة: "نجتمع هنا كباراً وصغاراً، ويهمنا أن يفهم الصغار أن هذه المساحة لهم، وأن أجدادهم كانوا هنا والقرية اغتصبت ونحن نوصيهم بحفظ العهد. قد يبدو أمر العودة حلماً في هذه المرحلة، لكننا على يقين أنه سيتحقق، فإذا لم يكن ذلك في زماننا، فبزمن أبنائنا وربما أحفادنا".
ابن التسع سنوات ليث كاظم هيبي، اختار الحضور إلى قريته وهو يلف رقبته بالكوفية الفلسطينية، ليؤكد لـ "العربي الجديد" على الرغم من صغر سنه "أنا أسكن في قرية كابول المجاورة، ولكني من ميعار، نعم من ميعار. فهذه هي قريتي، بلد أجدادي. جئت لأتناول الإفطار هنا وللمشاركة في المهرجان وإلقاء قصيدة. حلمي أن نعود إلى ميعار، والأولاد الصغار في جيلي يهتمون بالقرية ويرغبون بالعودة إليها، وهذه الفعاليات تفيدنا كثيراً".
أما وفيق زعير، فهو ميعاري الأصل ويسكن في قرية شعب. يقول: "تفصلني عن قريتي الأصلية أمتار معدودة، فهي على مرى حجر مني. نحن من قرية شعب نرى فوقنا مستوطنة ياعد اليهودية، المقامة على أراضي ميعار".

يرى زعير أن "المشاركة في المهرجان أوسع هذا العام، ومن أهدافنا أن تتواصل الأجيال الجديدة من وطننا وقريتنا، وتعريفهم بالنكبة، فما تعلمناه من آبائنا نعلمه وننقله لأطفالنا. والوجود هنا بحد ذاته مهم جداً. نجد أن التفاعل كبير من مختلف الأجيال. وليس اليوم فقط، ولكن دائما ما نزور ميعار مع الصغار ونعرّفهم إلى ما تبقى من معالم القرية".
ينهي حديثه قائلا: "جميل جداً برأيي أن نقيم إفطاراً ومهرجاناً رمضانياً على هذه الأرض، وأن نتواصل كأهالي البلد الأصليين مع بعضنا بعضاً، وتعميق الروابط والأواصر بيننا، وكلنا أمل أن حلمنا بالعودة سيتحقق وإن طال الزمان".
من مدينة سخنين المجاورة لقرية ميعار، وصل خالد أبو علي للمشاركة في المهرجان. يؤكد أنه من واجبه أن يكون مع أهالي ميعار "فهي ليست لهم وحدهم، إنما القرى المهجرة هي لنا جميعا"، مستدركا "أنا أواكب قضية ميعار منذ سنوات ولي أصدقاء من أهلها، وعادة ما أشارك في الفعاليات التي تقام فيها. أنا جزء من مجموعة معيار، وموضوع العودة يهم جميع شرائح شعبنا.

دلالات

المساهمون