"الشباب الذهبي" على طرقات روسيا

"الشباب الذهبي" على طرقات روسيا

01 يوليو 2016
هل يقنعه البائع بشرائها لابنه؟ (Getty)
+ الخط -

كثيرون هم الشباب الذين يرون في تجاوز السرعة خلال القيادة برهاناً على قدرتهم على السيطرة. هذا مثال روسي.

"الشباب الذهبي" تعبير يستخدم في روسيا للإشارة إلى أبناء كبار المسؤولين في الدولة ورجال الأعمال. يشتهر هؤلاء الشباب بارتداء الأزياء الأغلى ثمناً، وتناول الطعام في أفخم المطاعم، وقضاء العطل في منتجعات سياحية عالمية، وقيادة السيارات الفارهة.

وثراء هؤلاء ولّد لدى كثيرين منهم شعوراً بأنّهم فوق القوانين، كلّ القوانين. فقد شهدت روسيا خلال الآونة الأخيرة سلسلة من حوادث الطرقات تسببوا هم بها، نتيجة تجاهلهم لقوانين السير ولكلّ قواعد الأمان في القيادة بما في ذلك تجاوز مستوى السرعة المسوح بها.

في واحدة من آخر تلك الحوادث المرورية، قُتل شخص تحت عجلات سيارة من طراز "تويوتا لاندكروزر برادو" كان يستقلها إيفان موزرايف (25 عاماً)، وهو نجل رئيس مديرية لجنة التحقيق الروسية في مقاطعة فولغوغراد، جنوب روسيا، في نهاية مايو/ أيار الماضي. ما زاد من ردود الفعل الغاضبة، هو عدم الكشف عن الحادثة إلا في منتصف يونيو/ حزيران المنصرم وعدم رفع قضيّة جنائية حتى اليوم.

إلى ذلك، وفي محاكاة لأفلام هوليوود، قرّر رسلان شمسواروف، وهو نجل نائب رئيس إحدى أكبر شركات النفط الروسية "لوك أويل"، خوض مغامرة من خلال مطاردة الشرطة في شوارع موسكو. كان يستقلّ سيارة دفع رباعي من طراز "مرسيدس" مع مجموعة من أصدقائه، وراح هؤلاء يبثّون مشاهد المطاردة عبر شبكات التواصل الاجتماعي فيما راحوا يستهدفون رجال الشرطة بألفاظ غير لائقة. وعلى عكس حوادث سابقة من هذا النوع، لم يفلت "المغامرون" من المساءلة، إذ أوقِف رسلان شمسواروف لمدّة 15 يوماً ووجّهت تهم إليه.




في هذا السياق، يرى سائق السباقات الروسي أوليغ كيسيلمان، أنّ السبب الرئيسي لتكرار مثل هذه الحوادث هو توفّر إمكانيّة الإفلات من العقاب وشعور أصحاب السيارات الفارهة بالتميّز. ويشير لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "مساءلة نجل نائب رئيس لوك أويل هي في الواقع سابقة، بينما لم تُحرَّك أيّ قضية مماثلة في السابق". وحول الأسباب التي تدفع بأبناء الأثرياء إلى مخالفة قوانين السير، يقول كيسيلمان: "يرغب الشباب في بعض الأوساط، في خوض مغامرات وتحدّي المجتمع بهذا الأسلوب. على عكس القيم الأوروبية التي تقضي بالمساواة بين البشر، فإنّ الأثرياء في روسيا يشعرون بالتميّز بعد شراء سيارات فارهة". ويشرح أنّ "من الأسباب الرئيسية لكثرة الحوادث في روسيا، تدني مستوى ثقافة القيادة والإهمال وعدم احترام القوانين".

على الرغم من تراجع عدد حوادث السير في روسيا في عام 2015 بنسبة ثمانية في المائة، إلا أنّ الأرقام المعلنة ما زالت مخيفة. بحسب الإحصاءات، شهدت البلاد في العام الماضي 184 ألف حادثة سير أسفرت عن مقتل أكثر من 23 ألف شخص. وقد وقعت 16 ألف حادثة منها على خلفيّة السّكر. ووفق منظمة الصحة العالمية، فإنّ مستوى أمان السير في روسيا يقارب مستوى دول مثل الصين وطاجيكستان وأرمينيا.

من جهته، يرى سائق السباقات الروسي يفغيني غولينكوف، أنّ "تجاوز السرعة بطريقة غير عقلانية يعود قبل كلّ شيء إلى أسباب نفسية، مثل سوء المزاج أو الرغبة في لفت الأنظار". ويقول لـ"العربي الجديد": "إذا أردت أن تفهم طبيعة الشخص، فتابع سلوكه أثناء القيادة". بالنسبة إليه، "من يرغب في القيادة السريعة، يمكنه الذهاب إلى حلبة مخصصة لذلك بدلاً من تنظيم سباقات في الشوارع". وحول الأسباب التي أدّت إلى تراجع حوادث الطرقات ولو بصورة طفيفة، يشير إلى "إصلاحات مستحدثة في مدارس التدريب على القيادة، بالإضافة إلى تحسين حالة الطرقات التي عُرفت روسيا تاريخياً بتدهور حالتها".

من بين الحوادث الأخرى التي شغلت الرأي العام الروسي في الآونة الأخيرة، اصطدام سيارة من طراز "فولكس فاغن بولو" كان يستقلها أوليغ لاديكوف (17 عاماً)، وهو نجل رئيس بلدية تشيبوكساري، في جمهورية تشوفاشيا، بسيارة من طراز "لادا" أثناء محاولة الأوّل التجاوز في مكان لا يُسمح بذلك. أسفرت الحادثة عن إصابة السائق الآخر بارتجاج في المخّ. من جهتها، شهدت مدينة بودولسك، في ضواحي موسكو، حادثة تسبب بها نجل النائب في مجلس الدوما عن الحزب الشيوعي الروسي بوريس إيفانيويجينكوف. بعد اصطدام سيارة نجل إيفانيويجينكوف، وهي من طراز "بي إم دبليو إكس 6"، بأخرى من طراز "سكودا"، انحرفت عن الطريق واصطدمت بمحطة للنقل العام، الأمر الذي أسفر عن إصابة شخصَين. يُذكر أنّه في حال أدين السائق، فقد يواجه عقوبة السجن لمدّة عامَين.