مواطنات وبلطجيات

مواطنات وبلطجيات

05 مايو 2016
صحافيّون يتظاهرون في مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
لم تستوعب صديقة خليجية أن تطارد سيدات مصريات الصحافيين أمام مقر نقابتهم في وسط القاهرة في حماية الأمن وبتوجيهات من عناصره، هي تدرك من خلال متابعتها للشأن المصري، أن الشرطة لا تحب إلا الصحافيين الموالين لها، والذين يطلق عليهم المصريون "الأمنجية"، وتدرك أيضا أن الشرطة تستخدم عادة في مهامها القذرة من يسميهم المصريون "بلطجية"، أو "مواطنين شرفاء".

ربما كونها غير مصرية منعها من استيعاب أن يكون البلطجية من النساء، كما استنكرت الألفاظ النابية التي وردت على ألسنتهن، قبل أن ألفت نظرها إلى التركيز على مظهرهن، وعدم تجاهل ما يمكن أن يفعله الجهل والفقر بالناس، وخاصة النساء.
لاحقا نبهتني صديقة تونسية، إلى عناصر شرطة نسائية يرتدين الزي الرسمي في محيط نقابة الصحافيين، شرحت لها أن في الأمر محاولة لتوخي الحذر من اتهام رجال الشرطة بالتحرش بالصحافيات، وهو أمر سبق أن تسبب في فضيحة مدوية.

ورويت لها باقتضاب القصة القديمة، والتي تكررت لاحقاً أيضاً، ففي يوم 25 مايو/أيار 2005، والذي أطلق عليه لاحقاً اسم "الأربعاء الأسود"، تظاهر العشرات من أنصار حركة "كفاية" أمام مقر النقابة احتجاجاً على التعديلات الدستورية التي كان الرئيس المخلوع حسني مبارك بصدد تمريرها تمهيدا لتوريث الحكم إلى ابنه جمال.
يومها مزق عناصر ممن تم تسميتهم لاحقا "المواطنون الشرفاء" على مرأى ومسمع من عناصر الشرطة؛ ملابس أربع صحافيات في التظاهرة أمام النقابة، وكانت الواقعة سبباً مباشراً في احتقان متواصل تجاه الشرطة من جانب الصحافيين، والصحافيات على وجه الخصوص، حيث إن النيابة قررت بعد نحو 7 أشهر حفظ البلاغات المقدمة من الصحافيات "لعدم الاستدلال على الفاعل".

وفي يوم احتجاج الصحافيين في نقابتهم ضد اقتحام الشرطة لمقرهم، أصدرت محكمة مصرية حكماً بحبس الناشطة الشابة سناء سيف بتهمة إهانة القضاء، وحسب قول سناء نفسها فإن هذا القضاء الذي اتهمت بإهانته زوراً، أهان نفسه وأهان كل المواطنين المصريين الذين ضيّع حقوقهم بإصرار عجيب بأوامر من نظام الحكم، وهي من بين هؤلاء الذين تم التعدي عليهم مرات عدة وبرّأ القضاء المعتدين عليها لأنهم كانوا من عناصر الشرطة والمواطنين الشرفاء التابعين لها.

في الأثناء نفسها، كاد أن يغشى على زميلة سورية من هول الصدمة بعدما قرأت قرار وزارة العدل السعودية، الذي يتيح للمرأة السعودية الحصول على نسخة من عقد الزواج، ضماناً لمعرفتها بحقوقها وشروط العقد، ظلت تكرّر بحسرة "هل كان امتلاك عقد الزواج طوال السنوات الماضية من حق الرجال فقط؟".

المساهمون