الشباب العرب يدمنون التبغ

الشباب العرب يدمنون التبغ

31 مايو 2016
تحوّل التدخين مرضاً بحدّ ذاته (حسين بيضون)
+ الخط -

هل تعلم أنّ نسبة إدمان التدخين لدى الشباب وصلت إلى 40 في المائة في البلدان العربية؟ هذا ما يؤكّده أطباء اختصاصيون في الجهاز التنفسي لـ"العربي الجديد"، في حين تبيّن منظمة الصحة العالمية أنّ التبغ يقتل اليوم نصف الذين يتعاطونه تقريباً. من هنا، أطلقت المنظمة هذا العام شعار "استعدوا للتغليف البسيط" احتفاءً باليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ 2016.

يدعو هذا الشعار إلى استبدال التحذيرات المكتوبة على علب التبغ، بتحذيرات مصوّرة. يُذكر أنّ التبغ يودي كلّ عام بحياة ستة ملايين نسمة تقريباً. أكثر من خمسة ملايين من الذين يتعاطونه أو سبق لهم تعاطيه، وأكثر من 600 ألف من غير المدخنين أي ضحايا التدخين السلبي. وفي حال لم تُتخذ إجراءات عاجلة، من المتوقّع أن يزيد عدد الوفيات ليبلغ أكثر من ثمانية ملايين بحلول عام 2030.

يشدّد الطبيب الاختصاصي في الأمراض الصدرية الدكتور جودي بحوث على "أهمية التوعية، لأن نسبة إدمان التدخين سواء السجائر أو النارجيلة، تخطت 40 في المائة في البلدان العربية". يقول: "لم نعد نتحدث عن التدخين وعلاقته بالمرض. التدخين صار مرضاً بحدّ ذاته". أما الأعراض، "فتبدأ بسعال مع بلغم ولا تنتهي بانسداد رئوي مزمن. ويفقد المصاب نشاطه، إذ إنّ كلّ خليّة في جسمه تتأثر سلباً". يضيف: "التأثير على الصحة بدءاً بالشعر وصولاً إلى أظافر الأصابع".

ويتابع بحوث أنّ "أهم ما يجب معرفته في اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ، هو أنّ الأذى الصحي لا يطاول صحتنا فحسب، بل يلحق الأذى بمن حولنا. سرطان الرئة يتزايد ليس فقط بين المدخنين، بل أيضاً بين الأشخاص المعرّضين للتدخين السلبي". ويأسف إذ إنّ "التدخين في البلدان العربية ككلّ إلى تزايد مع موضة النارجيلة المتصاعدة. ثمّة أفكار شائعة تقول بأنّ الأخيرة ليست مضرّة مثل السجائر، وهذا خطأ كبير جداً. النارجيلة مضرّة أكثر من السجائر".




ويوضح بحوث أنّ "ما بين 40 و45 في المائة من المواطنين العرب فوق الخامسة العشرة من عمرهم، يدخّنون النارجيلة. إلى ذلك، تبلغ في لبنان نسبة المدخنين التي تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً، ما بين 20 و25 في المائة. وهؤلاء هم من تلاميذ المدارس، خصوصاً. وهذا ما يُعدّ خطورة كبرى. التدخين يبدأ لدى الصغار دلعاً وينتهي ولعاً، إذ إنهم ومع تقدّمهم في السنّ لن يتمكنوا من التخلي عنه بسهولة". لذا يشدد على "أهمية تركيز التوعية في المدارس ومن خلال وسائل الإعلام. إلى ذلك، لا بدّ من أن تكون حملات التثقيف شاملة، بعدما لاحظنا ارتفاعاً في نسبة الإصابة بسرطان الرئة لدى النساء، لتتخطى النسبة الخاصة بالرجال". يضيف أنّ "التعلق بالنارجيلة ليس نفسياً بل هو إدمان عضوي. وعدم تطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة وأماكن العمل، يزيد من الخطر في غياب الرادع".

أمّا الطبيب الاختصاصي في أمراض الحساسية الدكتور إلياس أصفر، فيرى أنّ "الناس أصبحوا مسطلّين (مشوّشين) إذا صحّ القول من جرّاء إدمان النارجيلة والسجائر. أبناء العشر سنوات يدخّنون النارجيلة في لبنان، فكيف لا يلحق الضرر بهم وبمن حولهم؟". ويربط الأمر "بعدم تطبيق قانون منع التدخين، وأكثر من ذلك بتوفّر النارجيلة اليوم عبر خدمة الديليفري (التوصيل المجاني) إلى المنازل". ويشدّد على أنّ "إدمان النارجيلة هو تماماً كما إدمان القمار"، آسفاً أن "يكون الأمر قد تحوّل عدوى اجتماعية. العائلة تجتمع اليوم حول النارجيلة. وثمّة مرضى لدينا في السابعة عشرة من عمرهم، يدخنونها أربع مرات يومياً. أمّا النتيجة، فتسطيل أكثر ونسبة عالية من الانسداد الرئوي". يُذكر أنّ أصفر أعدّ منشورات توعية للمرضى الذين يقصدونه، يحثّهم من خلالها على أخذ الاحتياطات اللازمة، لتفادي التداعيات الصحية المرتبطة باستهلاك التبغ.

من جهتها، تطالب الطبيبة الاختصاصية في الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي الدكتورة ميرنا واكد، "بالاحتجاج يومياً على مضار التدخين وليس في اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ فقط. الأضرار الصحية تزداد أكثر فأكثر، وبالتالي الخطورة". وتوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "المسؤولية مشتركة، بين الأطباء والمجتمع المدني والدولة. ونحن في مرحلة دقيقة وحساسة في هذا المجال، إذ إنّ نسب الانسداد الرئوي فوق سنّ الأربعين في لبنان مرتفعة جداً".

في السياق، يأسف مدير البرنامج الوطني للحدّ من التدخين التابع لوزارة الصحة العامة فادي سنّان، إذ إنّ قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة وأمكنة العمل لم يطبّق كاملاً. ويقول لـ"العربي الجديد": "عملنا على إنشاء لوبي من جمعيات أهلية لحثّ المجتمع المدني على تطبيق القانون. كذلك نطالب برفع ثمن علب السجائر، حتى لا يتمكّن المراهقون من شرائها بسهولة". ويشدّد أيضاً على "أهمية التحذيرات المصوّرة على علب السجائر، تطبيقاً لشعار منظمة الصحة العالمية لهذا العام: استعدوا للغلاف البسيط".