ماهر شتا.. القهوة العربية مصدر رزقه في رام الله

ماهر شتا.. القهوة العربية مصدر رزقه في رام الله

رام الله

محمود السعدي

محمود السعدي
01 مايو 2016
+ الخط -
منذ عام 2005 يبيع ماهر محمد شتا، (54 عاماً)، القهوة العربية للمارة في شوارع مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، بعدما نقل سكنه إليها من مدينة جنين، بحثاً عن مكان عمل أفضل، كنوع من الهجرة الداخلية، لكنه لا يعرف متى سينهي موسم هجرته، ويعود إلى موطن نشأته الأول في جنين.

أصبحت رام الله بالنسبة لماهر موطئ عمل يدر عليه دخلاً حسّن حياته الاقتصادية، وكغيره من آلاف الفلسطينيين الذين نقلوا مكان سكنهم في مدن الضفة الغربية بحثاً عن العمل، ترك ماهر مع أسرته مدينة جنين لتدهور الأوضاع الاقتصادية فيها، مطلع الانتفاضة الثانية عام 2000، والتي لم تعد ملاذاً لفلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، إن أرادوا التسوق، يقول ماهر لـ"العربي الجديد".


رجل مليء بالنشاط

يقف الرجل الخمسيني ذو الشعر الشائب كل صباح عند ميدان المنارة، وسط رام الله، يحمل دلّة القهوة العربية النحاسية، يسير مع حركة المركبات العمومية يبيعهم في أقل من دقيقة فنجان قهوتهم الصباحية الجاهزة والساخنة. سائقون كثر صاروا زبائنه وأصدقاءه، علاوة على المارة والموظفين، الذين يقصدون قهوته صباحاً وعند انتهاء دوامهم. ويلازم ماهر الأماكن العامة ومفترقات الطرق الرئيسية في رام الله، بحثاً عن زبائن يحتسون قهوته.

بعد إنهاء عمله عصر كل يوم، يعود ماهر إلى منزله، يبدأ بغلي قهوته العربية التي يتفنن بصنعها على نار هادئة، ثم يخمرها (يتركها لصباح اليوم التالي)، ويصفيها، ثم يعيد غليها مرة أخرى ويضيف لها الهيل، ويصبها في الدِّلال عند الفجر، وينطلق باكراً إلى ميدان المنارة وسط مدينة رام الله، ليبدأ يوماً شاقاً من العمل.



مشروع يكفيه العمل لدى الآخرين

يفضل ماهر شتا العمل بمشروعه الخاص في بيع القهوة، الذي بدأ العمل فيه قبل 35 عاماً، بدل العمل لدى الآخرين، ويقول: "أنا هنا سيد نفسي، حينما أريد أن أحصل على عطلة فأنا أحددها"، ولا يفكر بترك بيع القهوة والعمل عند الآخرين، فهو مشروعه الذي تزوج منه قبل 26 عاماً واشترى أرضاً وبنى منزلاً في جنين منه، ووفر له مصدر دخل اعتاش منه طيلة حياته.

قهوة ماهر العربية الساخنة ينتظرها المارة والموظفون (العربي الجديد)


أصبح دخل ماهر في بيع القهوة برام الله أكثر من 1500 دولار، بعدما كان نحو 500 دولار فقط في جنين، ويقول: "في رام الله أيضاً أبعد أبنائي عن البطالة فهم يعملون، كثيرون يقولون إن الحياة في رام الله تحتاج لمصاريف كثيرة، لكن أنت تحدد من أين تريد الشراء وكيف تعيش".

مشروع صناعة القهوة العربية وبيعها، بالنسبة لماهر، لازمه منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره، ورأس مال المشروع لا يزيد على 500 دولار (دلتا قهوة نحاسيتان، وفحم، وطناجر، وقهوة، وغاز للطهو).

يبيع ماهر فنجان القهوة العربية بربع دولار فقط، وقد يصل سعر فنجان القهوة في بعض المقاهي برام الله إلى أكثر من ثلاثة دولارات، كما أصبح لماهر زبائن في مناطق كثيرة من رام الله وبلداتها، يصب لهم القهوة في مناسباتهم وأعراسهم.

ورغم مرور 11 عاماً على انتقاله إلى رام الله طلباً لرزقه، إلا أن ماهر شتا لم ينس موطن طفولته في جنين ومكان سكن عائلته وأصدقائه، ويقول لـ"العربي الجديد": "أنا أحب جنين وأريد العودة إليها ولولا ظروفي لما خرجت منها، ففيها عائلتي وذكرياتي وكل مناسباتي، وحتى لو أصبحت رام الله موطن أبنائي، فهم أحرار بالبقاء، أما أنا فسوف أعود إلى جنين بعد سنوات قليلة".

ووفق معطيات جهاز الإحصاء الفلسطيني المركزي عام 2010، فإن معظم الهجرات الداخلية للسكان تكون داخل المحافظة الواحدة، ومن ثم المحافظات القريبة، وإن نشاطاً ملحوظاً سُجل بين الأعوام 2005 – 2010 باتجاه وداخل عدد من المحافظات الفلسطينية، من أهمها القدس، ورام الله، والبيرة، ونابلس، لأسباب منها الزواج والمرافقة والعمل والدراسة.

دلالات

المساهمون