لبنان: قطع طريق مطمر الناعمة.. البعوض يجتاح الساحل

لبنان: قطع طريق مطمر الناعمة.. البعوض يجتاح الساحل

09 ابريل 2016
إصابات ناتجة عن النفايات والبعوض (فيسبوك)
+ الخط -

قطع أهالي بلدة الناعمة (عند مدخل بيروت الجنوبي)، الطريق السريع بين بيروت وصيدا احتجاجاً على استمرار نقل النفايات إلى المطمر الكائن في بلدتهم، في ظلّ اجتياح موجة من البعوض والأمراض الجلدية التي بدأت تصيب الأطفال والمواطنين في الناعمة.

وبعد تدخّل القوى الأمنية لفتح الطريق، نقل الناشطون اعتصامهم إلى الطريق المؤدي إلى المطمر، في حين نظّم أهالي البلدة اعتصاماً في ساحة الناعمة ردّدوا خلاله شعارات وهتافات داعية إلى إقفال المطمر بشكل نهائي، ومشيرين إلى فساد الطبقة السياسية.

وتأتي إعادة فتح مطمر الناعمة في إطار الحلّ الذي وجدته الدولة اللبنانية لأزمة النفايات، والذي تضمّن إعادة فتح مجموعة من المطامر عند مداخل بيروت، من بينها الناعمة الذي كان طوال السنوات الماضية المطمر المركزي لنفايات بيروت وجبل لبنان.

واجتاحت موجة من البعوض مختلف مناطق الساحل اللبناني، بدءاً من بيروت وصولاً إلى صيدا، في نتيجة أوليّة فعلية لارتفاع درجة الحرارة واستمرار تكديس أطنان النفايات. ونشر مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للّسعات التي تعرّضوا لها نتيجة البعوض، وسط تساؤلات كثيرة عن الضرر الذي يمكن أن تلحقه هذه اللسعات وعن الأمراض التي يمكن أن تنقلها إلى جسم الإنسان.





وبينما تحوّل الموضوع إلى مادة سجالية بين اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حول وجود هذه الموجة وتضخيمها، لم يختلف المدوّنون في تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية الضرر العام اللاحق بالمواطنين نتيجة أزمة النفايات، على الأصعدة كافة، بدءاً من البيئة إلى الصحة وصولاً إلى واقع كون بيروت ومحيطها صارت مناطق غير قابلة للسكن في ظلّ الروائح الكريهة المنبعثة من المكّبات العشوائية أو المنظّمة التي يتم اليوم العمل على تفريغها وإرسالها إلى المطامر المخصصة بحسب ما نصّ عليه الحل الذي اعتمدته الحكومة.


أهالي معتصمون على الطريق إلى مطمر الناعمة (فيسبوك)



آراء طبية وبيئية 



وأوضح الدكتور المتخصص في الأمراض الجلدية، بشارة غريّب، لـ"العربي الجديد"، أنّ "لسعات البعوض طبيعية حتى الساعة ولم تصل بعد إلى مستوى يثير القلق، على اعتبار أننا اليوم في موسم الحساسية والبرغش نتيجة تبدّل الحرارة"، مشيراً إلى أنّ معالجة اللسعات يجب أن تتم كالمعتاد وبواسطة المساحيق المطهّرة من دون أية علاجات أخرى طالما أنّها لم تتخطَّ المشهد الاعتيادي.

بدوره، يؤكد الخبير البيئي رجا نجيم أنّ مشكلة الحشرات المتزايدة في المناطق متصلة بمشكلة النفايات وتراكمها ونقلها اليومي إلى مصب نهر الغدير- "كوستا برافا"، بالقرب من العاصمة بيروت.

يقول في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إنّ تحريك النفايات المتراكمة من مكانها، ونقلها عبر الشاحنات، يخلق بكتيريا الرائحة الكريهة التي تعاني منها العاصمة حالياً. ويشير إلى أنّ المطلوب هو رش النفايات في مكان تجميعها بالمبيدات اللازمة التي تقضي على البكتيريا، قبل نقلها في الشاحنات، ثم رشها مجدداً بعد تفريغها، لأنّها قد تبقى في الشاحنات طوال سبع ساعات كاملة.

ويؤكد أنّ المسؤولين عن رش المبيدات لم يتمكنوا حتى الساعة من مباشرة عملهم بسبب عدم تأمين المياه لهم وهي أساسية في خلط المواد قبل رشها. يعلق على ذلك: "كأنّهم يريدون عن قصد أن نعيش في هذا الجو السيئ".

البرغش ويرقاته التي تتكاثر بفعل نقل النفايات ونبش أكوامها (فرانس برس)


يتابع نجيم أنّ خطر الحشرات هو نفسه، لكنّها اليوم تنتشر بشكل أكبر بالترافق مع الشاحنات المتنقلة على الطرقات. لكنّه يشدد على أنّ تلك الشاحنات قد تتناثر منها نفايات، إذا لمست المواطنين قد تسبب لهم أضراراً صحية، خصوصاً إذا ما وضع المواطن إصبعه في فمه مثلاً بعد لمس تلك المواد.

يطلب نجيم حلاً عاجلاً للقضية، ويتساءل: "هل يعاملوننا كحيوانات أم كبشر؟".

وزارة الصحة تكتفي بالإرشادات

من جهتها، اكتفت وزارة الصحة بإصدار بيان أشارت فيه إلى أنّ "البعوض يتكاثر عادة في بداية الربيع وعند ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن البيئة الحاضنة للحشرات التي شهدها لبنان أخيراً وارتفاع الحرارة بشكل أعلى من المعدلات الطبيعية لهذه الفترة من السنة، من نفايات ومياه راكدة، أدت إلى ازياد نسبة البعوض والذباب بشكل أعلى من المعتاد في بعض المناطق اللبنانية". ودعت الوزارة المواطنين إلى المحافظة على بيئة نظيفة داخل وخارج المساكن "وإزالة أي مياه راكدة قد يتكاثر فيها البعوض، كما تنصح باستعمال الأدوية المنفّرة للبعوض على الجلد".

وفي حين تُجرى اتصالات بين وزارة الصحة وعدد من البلديات الساحلية لتأمين الحلول اللازمة لموجة البعوض هذه، أعلن رئيس بلدية صيدا (جنوبي لبنان)، محمد السعودي، أنّ البلدية ستقوم بحملة رش مبيدات في مختلف شوارع المدينة لمواجهة موجة البعوض.

أما وزير البيئة، محمد المشنوق، فاكتفى بتحذير المواطنين في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، إذ كتب أنه "مع الحرارة أعداد متزايدة من البرغش على مناطق ساحلية بموجات متفرقة، وينصح بتوقي ابتلاع واستنشاق البرغش".