"سفاح أوسلو" يربح قضية ضد النرويج من خلف القضبان

"سفاح أوسلو" يربح قضية ضد النرويج من خلف القضبان

22 ابريل 2016
السفاح أندرس بريفيك (عن الصحف النرويجية)
+ الخط -
"هذا الحكم مثال على أن دولة القانون تعمل"، بهذه العبارة علّق المحامي النرويجي وخبير حقوق الإنسان، توماس هورن، على ربح موكله أندرس بريفيك، المعروف بـ"سفاح أوسلو"، قضية ضد حكومة بلاده بسبب "خرقها لحقوقه الأساسية كسجين".

وربح بريفيك، أمس الخميس، القضية ضد الحكومة، والحكم يحمّل الحكومة دفع تكاليف المحاكمة بـ331 ألف كرون نرويجي. بينما لم يرغب هو بأي تعويض مادي.

ونقل عنه محاميه أنه "يرى نفسه كمانديلا، وأنه من غير المعقول أن يتناول طعامه لمدة سنتين بشوكة وسكين بلاستيكيتين ويشرب قهوة باردة لأنه يمنع عليه أن يمتلك أي شيء معدني بما فيه حافظ القهوة الساخنة".
ويعتبر بريفيك (37 سنة) نفسه "أمين عام حزب دولة الشمال"، وهو حزب غير موجود سوى في مخيلته، ولهذا يقول مراقبون إنه "يقارن نفسه بمانديلا بينما أفكاره وأطروحاته نازية".

ويقضي "سفاح أوسلو" حكما بالسجن لمدة 21 سنة، عقابا على مذبحة جزيرة أوتويا في 2011 وتفجيرات مباني الحكومة في أوسلو، حيث قتل 77 شخصا جلهم من الشباب، لكنه ومنذ 15 مارس/ آذار الماضي أقام دعوى ضد حكومته، مدعياً أنها "تقوم بمعاملتي معاملة غير إنسانية. يعاملونني كحيوان طيلة السنوات الخمس الماضية، كان يمكن أن يكون أكثر إنسانية لو أطلقوا النار عليّ".
ويشير بريفيك إلى وضعه في سجن انفرادي منذ اعتقاله ثم الحكم عليه. ويدعي أنه تعرّض لتعذيب نفسي و"جرى تفتيشي وتعريتي لـ885 مرة. لقد أصبت بضرر عقلي من مشاهدة برنامج (برادايس هوتيل)، ولديّ صداع دائم وفقدان للشهية ومشاكل نوم، وكل ما كانوا يساعدونني به هو أن أشرب المزيد من الماء مع حبتي مسكّن". وقد علّقت صحيفة "داوبلاديت" على أقواله "إنه أمر مقزز حقا".


ودائما ما أثار "سفاح أوسلو" الكثير من الجدل القانوني والاجتماعي، فهو إلى جانب تبرير مجزرته بما سماه "الدفاع عن النرويج ضد المسلمين"، يستفز القضاة والإعلام برفع التحية النازية ويستغل إعطاءه الكلام ليعيد التذكير بأفكاره النازية المتطرفة والمحرّضة. وفي فترات كثيرة، كانت تضطر السجون لوضعه خلف زجاج سميك كي لا يُسمَع صوته. وهو يشتكي من رداءة الطعام المقدم له ووضعه في زنزانة انفرادية ومنع 600 رسالة منه إلى العالم الخارجي.

محامو الحكومة لم يرفضوا التهم المتعلقة بإيقاف 600 رسالة بينه وبين أتباعه، ورفض زيارات البعض له، وخصوصا من أطراف اليمين المتطرف، "فأعماله الإرهابية ونشر أفكاره تحمل مخاطر استلهام للآخرين للقيام بأعمال إرهابية مشابهة"، وفق ما تذرعت به الدولة النرويجية.

وعانت مصلحة السجون مع بريفيك واستعلائيته وعدوانية يظهرها في كل مرة تكون فيها الصحافة متواجدة في محاكمته، وسبق أن بثت بعض جلسات القضية التي أقامها ضد الدولة على الهواء مباشرة، ما استغله لنشر أفكاره المتطرفة.

كثير من النرويجيين صدمهم الحكم بـ21 سنة مؤبد فقط على مرتكب أعمال إرهابية، وضغط كثيرون لكي يجري تغيير القوانين بحيث يصبح أقل حكم "30 سنة مؤبد"، ورغم تغيير القانون، فإنه لن يسري على بريفيك لأنه تم بعد الحكم عليه. لكنه هو نفسه يكرر "أعرف أنه لن يجري إطلاق سراحي في يوم من الأيام". وهو ما يتفق معه قانونيون كونه "إنساناً يشكل خطرا شديدا على المجتمع".
ولم يبد بريفيك أي ندم على ما قام به من قتل لشبان كانوا يخيمون في معسكر صيفي في تلك الجزيرة، أو ضرب مقرات الحكومة. وأثيرت الكثير من التحليلات التي ربطت أعماله الإرهابية بمحاولة استدعاء ردود فعل "تشعل في المجتمعات الأوروبية حربا داخلية ضد المهاجرين والمسلمين".

يرفض بريفيك التعاون مع مصلحة السجون في العمل المفروض على السجناء في ورشات خاصة، معتبرا نفسه "أرفع من القيام بهذه الأعمال". وفي السجن الذي يقبع فيه في منطقة "شين"، في ضواحي أوسلو، يوضع بريفيك تحت مراقبة شديدة ليلا ونهارا. ويدعي في شكواه أنه تلقى "تهديدات بالقتل في السجن".

ويحق لسفاح أوسلو أن يتقدم خلال 10 سنوات بطلب إطلاق سراح مشروط، لكن لا يبدو أن الأمر سيمر. فهو أكثر الشخصيات النرويجية المكروهة في المجتمع، ويحق للمدعي العام أن يطالب حتى بعد انتهاء فترة محكوميته، كل 5 سنوات، بالإبقاء عليه خلف القضبان لما يشكله من خطر على المجتمع.
ولا يخفي السجين إعجابه بالزعيم النازي هتلر وبالنازية، وهو يعد ملهما للحركة النازية في كل دول شمال أوروبا، باسم "الوطني الحقيقي"، ما يشكل خطرا في حال تواصله مع هؤلاء.

ويذكر أن بريفيك هو الشخص الوحيد في النرويج الذي حكم بـ21 سنة كأطول مدة حكم مؤبد في تاريخ القضاء النرويجي، وهو ما قاله أيضا القانوني يورغن إيفرسن، من مصلحة السجون النرويجية.

وكانت القاضية هيلين أندرياس سيكوليك حكمت لمصلحة سفاح أوسلو "لكي تعود له حياته الشخصية ويعامل بطريقة محترمة في السجن".

دلالات