عراقيات يبحثن عن شريك الحياة

عراقيات يبحثن عن شريك الحياة

02 ابريل 2016
الحروب زادت نسبة الإناث (فرانس برس)
+ الخط -
لا تتردد الصيدلانية إسراء أحمد (38 عاماً) عن البوح برغبتها بالزواج من شقيق صديقتها سماح الذي يعمل أستاذاً جامعياً. تقول إسراء لـ "العربي الجديد": "أجد نفسي في مجتمع ينظر إلى الفتاة غير المتزوجة نظرة دونية وكأنّها غير سوية. كما أنّ هذا المجتمع القاسي في حكمه على المرأة لم يكلف نفسه عناء البحث عن حلول تجعل من الفتيات أقل عرضة لألقاب جارحة كالعانس أو المطلقة". تتابع: "عدد المتقدمين لخطبتي قليل لأسباب عديدة أبرزها عدم رغبة الشباب بالارتباط وتحمل مسؤولية عائلة، والتفكير في الهجرة. كلّ هذا يدفعني إلى مصارحة صديقتي برغبتي في الزواج من شقيقها".

الحرب الدائرة في العراق منذ أكثر من عقد أفرزت تداعيات كثيرة وخطيرة منها هجرة الشباب، وارتفاع عدد الأرامل والفتيات في سن الزواج.

دفعت المرأة العراقية الضريبة طوال عقود وما زالت بحسب أستاذ العلوم الإسلامية الدكتور حذيفة العاني. يقول لـ "العربي الجديد": "فرض الواقع المرير الذي يعيشه العراق أموراً كثيرة قد لا تتناسب مع العادات والتقاليد التي نشأنا عليها. الفتيات اللواتي بلغن سن الزواج ولم يتزوجن يخفن خصوصاً مع ارتفاع نسبة الإناث على الذكور مع استمرار الحروب وهجرة الشباب، وعزوف آخرين عن الزواج. هذا ما يدفع بعض الفتيات إلى البحث عن شريك الحياة. لا أعرف لماذا تنقلب حياة المرأة إلى جحيم حين يتأخر زواجها. لكنني لا أجد أنّ من الخطأ بحث الفتاة عن شريك حياتها ضمن ضوابط لا يمكن تجاوزها من قيم أخلاقية أو أعراف اجتماعية".

يوضح: "هناك وعي أنّ الزواج كالرزق والله هو الرزاق. السؤال هو: هل كلّ زواج يمكن أن يخلّص الفتاة من لقب عانس؟ ربما تحمل بعض الزيجات في طياتها لقب مطلقة وهو الأصعب في مجتمعنا من عانس. وهذا يفرض على الفتاة أن تعي شروط الزوج الصالح، فخوفها من بقائها غير متزوجة أمر طبيعي لأنّ المرأة في مجتمعنا الحلقة الأضعف أثناء الأزمات. ونظرا لحاجتها إلى وجود الرجل الذي من الممكن أن يوفر لها الأمان ويخفف عن كاهل أهلها أيضاً بعض الحمل، تلجأ المرأة الى البحث عن الرجال متنازلة عن كثير من المواصفات التي كانت تضعها".

يقول الناشط في إحدى المنظمات الحقوقية فؤاد الجميلي لـ "العربي الجديد": "نجري حملات في مخيمات النازحين. وقد لاحظنا أنّ معظم الشباب يرفضون فكرة الزواج جملة وتفصيلاً لعدم استعدادهم لتحمل المسؤولية، ولوضع أسرهم الصعب بعد النزوح. فقد أصبح كثير منهم معيلاً لأسرته. وهو غير مستعد لإضافة عبء آخر على عاتقه، بينما يفضل البعض الآخر الهجرة".

يضيف: "البعض من الشباب يفضل الزواج بأي زوجة شرط أن تكون موظفة. ذلك أنّه يبحث عن فتاة تعينه على هموم الحياة حتى إن كانت أكبر منه سناً. أما الفتاة ربة البيت فلا تجد أحداً يخطبها أو يتقدم إليها، ما يجعلها تبحث عن فرصة حتى بين الرجال المتزوجين. هنا يصبح التنازل عن الكثير من الشروط التي كانت تفرضها الفتاة أو أهلها على المتقدم الراغب بالزواج واقعاً".

من جهته، يقول الحقوقي أحمد عبد الخضر الجاسم لـ "العربي الجديد": "مع زيادة العنوسة، تسعى الفتاة إلى الحصول على زوج وإن كان لا يلبي مواصفات فارس الأحلام. كما ترتفع نسب الطلاق نتيجة سوء الاختيار أو عدم التكافؤ في تلك الزيجات". يتابع أنّ "نسبة الفتيات اللواتي يتقدمن للزواج من الشباب تختلف تبعاً لكلّ بيئة وأعرافها. فهي ترتفع في المجتمعات ذات الصبغة المدنية وتقل في المجتمعات الريفية. وليس عجباً أن تسجل محافظة بغداد النسبة العليا كونها تضم الكثير من المجالات المكانية الحيوية التي يمكن للشابة فيها أن تحصل على زوج".

يشير عبد الخضر إلى دراسة محلية تكشف أنّ نسبة الإناث قد ارتفعت في العقد الأخير لتصل إلى نحو 57 % من عدد السكان، فيما بلغت نسبة الذكور 43 % من أصل 37 مليون نسمة.

يعرض الجاسم قصة موظفة ثلاثينية فقدت أباها وأخاها الوحيد في الأحداث العسكرية. تقدمت لخطبة شاب يصغرها سناً ولا يملك وظيفة أو عمل. أكدت له أنّها ستتحمل جميع تكاليف الزفاف والحياة المستقبلية. بالفعل، وافق الشاب على العرض الذي لم يكلفه شيئاً.

من جهته، يقول الباحث في علم النفس والاجتماع غسان ذو الفقار: "لا أظن أنّ هناك انتشاراً لعروض زواج مباشرة من الإناث للذكور. هناك وسيط يقترحه الأب كصديق يثق به، أو يبلغ الأقارب أنّ لديه فتيات في سن الزواج. أما المتطلبات فبحسب الحالة المادية للعريس. حدث معي مثل هذا عندما اتصل بي صديق وقال لي إنّ صاحبنا فلاناً لديه خمس بنات جميلات وماهرات ويرغبن بالزواج حتى كزوجة ثانية. كذلك، قد تعرض المرأة رغبتها في الزواج عبر وسائل الإعلام المختلفة".

يدعو ذو الفقار من خلال "العربي الجديد" الدولة إلى تقديم بعض الحلول للمجتمع واحتواء الأمر بخلق فرص العيش الكريم في البلد ومنع الهجرة وسحب الجنسية من المتزوج من غير العراقية. يقول إنّ من شأن هذا الحدّ من الأزمة ولو بنسبة بسيطة".


المساهمون