الرسامون في العراق يسعدون الناس من دون مقابل

الرسامون في العراق يسعدون الناس من دون مقابل

11 ابريل 2016
الرسام مصطفى كريم يبث الفرح برسوماته (العربي الجديد)
+ الخط -
يتخذ الرسام الشاب مصطفى كريم من التجمعات العامة مكاناً لبث ما بداخله للناس، هو يشعر بسعادة عندما يرسم ما يسعد أبناء وطنه وسط فوضى القتل والتفجيرات والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.

ويقول: "في العراق دائماً هناك أمل، ولولاه لما بقينا أحياء"، وهو يروي لـ"العربي الجديد" سبب تعلقه بالرسم، رغم أنه لم ينتفع منه مادياً بعد دراسته الطويلة للفن التشكيلي.

ويضيف "أنا مستعد لأن أشارك في أية فعالية للرسم لمجرد أني أزرع البهجة في نفوس العراقيين، كما أواصل النشاطات الجماعية التي تتبناها الجهات الفنية في العراق، التي يستغلها الناس لرؤية ما يبدعه الفنانون التشكيليون".

لكن الفنان العراقي يرى أن الفن في بلاده صار مستباحاً، موضحاً "أعمال أنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو أشارك بها في معارض مشتركة، وأكتشف أنها تستنسخ ويعاد رسمها من جديد من قبل رسامين عرب في بلدان أخرى، دون أن يكون لي أي نصيب فيها، أو حتى يذكر اسمي، وهذا يعود للفوضى التي تعيشها البلاد، وعدم وجود قانون يصون حقوق الفنان".

وتنشط في بغداد تظاهرة ثقافية أسبوعية طوال السنوات الخمس الماضية، فيتجمع الفنانون ويرسمون في الهواء الطلق، في فضاءات وحدائق بناية القشلة التاريخية بالعاصمة بغداد، التي يقصدها الآلاف بغرض الاستمتاع بأجواء ملؤها ثقافة وفن وإبداع.

والقشلة بناء كبير يطل على نهر دجلة، ويتصل بشارع المتنبي المعروف بأنه شارع الثقافة، الذي يتحول هو الآخر في أيام الجمعة إلى سوق وملتقى للمثقفين والفنانين، وفيه أهم مكتبات بغداد ومطابعها.


الرسامون ينتشرون في زوايا وحدائق القشلة يرسمون لإسعاد الناس، الذين يتحلقون حولهم، هذا وحده يكفي لأن يشعر الرسام بالسعادة، بحسب حيدر هادي، وهو رسام شاب.

ويضيف هادي لـ"العربي الجديد" إن الوصول إلى هذا المكان يتطلب أكثر من ساعتين ومثلهما للعودة، لكنه يحرص على أن يكون موجوداً كل يوم جمعة. وتابع: " سعادتي لا توصف وأنا أرسم ما يطلبه مني الناس خاصة الأطفال وأهديه لهم دون مقابل، ذلك يزيدني راحة نفسية وشعوراً عظيماً بوجودي وعطائي".

الرسم في العراق كان قبل نحو أكثر من عقدين من الزمن مكسباً جيداً للفنانين، ولهذا الفن أسواق متخصصة في بغداد والمحافظات، إضافة لوجود عدد كبير من القاعات الفنية الخاصة، التي تقدم الدعم للفنان.

الفنان التشكيلي عبد الرزاق البياتي، أوضح لـ"العربي الجديد" أن "الظروف الصعبة التي مرّ بها العراق، بشكل تدريجي، خاصة فترة الحصار الاقتصادي بتسعينيات القرن المنصرم، مروراً باحتلاله في 2003، ثم معاناته مع الإرهاب، وما يعانيه حتى اليوم، من اختلال أمني، دفع بالكثير من المهن إلى الانزواء، من بينها محال بيع اللوحات الفنية التي كانت مصدر دخل جيد للرسامين، بسبب سفر ميسوري الحال الذين كانوا يشترون تلك اللوحات، وانصباب العراقيين اليوم على توفير معيشتهم، وهذا من سوء طالع الأجيال الفنية التي ظهرت لاحقاً".

حسام الربيعي ومجموعة من زملائه الرسامين يحفظون مواعيد جميع الاحتفالات والمهرجانات التي تقيمها المنظمات المدنية، فالمشاركة في تلك التظاهرات الاجتماعية مهمة لديهم. وقال حسام لـ "العربي الجديد": "نرسم من أجل التفاعل مع الحياة ولنفرح الآخرين. الناس تحتاج لمشاهدة الجمال والألوان والحب، لقد ملوا العنف والدم والقتل. أشعر أني كالطبيب الذي ينجح في إنقاذ حياة مريض عندما أرسم والناس تستمتع برسوماتي".

المساهمون