هل البطالة قدر اللاجئين في السويد؟

هل البطالة قدر اللاجئين في السويد؟

06 مارس 2016
تطول مدّة تعلّم اللغة (Getty)
+ الخط -

رأت دراسة نشرها مركز "دلمي" في ستوكهولم أخيراً أن اللاجئين الذين يُصدمون بواقع العمل والتعليم في السويد هم الذين كانوا يحصلون على الوظائف في بلدانهم الأصلية بالواسطة وليس وفقاً لكفاءتهم، وعلى شهاداتهم الدراسية بالغش. وتؤكد أن هؤلاء سوف يجدون صعوبة في الاندماج ودخول سوق العمل.

ومع أن "التوصية" تلعب دوراً لا يمكن إنكاره في سوق العمل حتى في بلد كالسويد، إلا أنها بالتأكيد تختلف عن "الواسطة" التي قد ترتبط في العالم العربي بالعلاقات الشخصية والمعارف، وقد لا تتعارض بالضرورة مع الكفاءة. أما الحصول على شهادات دراسية بالغش، فهو أمر مبالغ فيه، والمعضلة تكمن في ضعف شهادات من العالم الثالث أمام الشهادات الأوروبية.

من جهة أخرى، أظهرت بيانات المكتب الوطني السويدي للإحصاء أن نصف المهاجرين سوف يجدون أعمالاً مستقرة بعد عشرة أعوام، بمن فيهم الذين يحملون شهادات جامعية. ويمكن فهم ذلك في ضوء طول مدة تعلم اللغة وعدم نجاعة أساليب تعليمها، ومن ثم الدراسة والتدريب المطلوبَين بعد إنهاء مراحل تعلم اللغة لممارسة مهنة من المهن. ممارسة مهنة التعليم مثلاً للحاصل على شهادة جامعية أجنبية، تتطلب نحو ثلاثة أعوام من دورات اللغة السويدية، ومن بعدها نحو عام ونصف العام لدراسة التربية وأساليب التدريس واستكمال مواد جامعية، وذلك بالحد الأدنى. يُذكر أن ساعات العمل في مهنة التعليم طويلة والرواتب الخاصة بها زهيدة، لكنها إحدى المهن المطلوبة في البلاد أسوة بالتمريض ورعاية المسنين والمهن التقنية والصناعية.

تجدر الإشارة إلى أن السويد واحدة من أكثر دول العالم طلباً لتوفّر تأهيل دراسي أو مهني للحصول على عمل ما، والمهن التي لا تتطلب شهادات ولا دورات تكاد تكون معدومة.

يخضع اللاجئ في السويد إلى مرحلة تحضيرية تسمى "ترسيخ"، مدتها عامَان تخصص لتعلّم اللغة والتعريف بالمجتمع السويدي والحصول على تدريب مهني، ويحصل على تعويضات مادية تؤمّن له لقمة العيش. وعلى الرغم من طول الفترة النسبي، إلا أنه من النادر أن يصبح اللاجئ جاهزاً لدخول سوق العمل بعدها، والاستثناءات قليلة. صاحب المهنة الفنية والحرفية بحاجة إلى شهادات، وهذا أمر غير شائع في البلدان الأصلية. والجامعي بحاجة إلى نوع من استكمال الدراسة، يختلف تبعاً للاختصاص وقد يصل إلى ثلاثة أعوام للشهادات العلمية.

إلى ذلك، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" قبل أعوام تحقيقاً عن ضاحية ريكنبي الشهيرة في ستوكهولم التي يتكون سكانها بغالبيتهم من المهاجرين الذين وفدوا إلى السويد في وقت مبكر من اليونان وتركيا وأميركا اللاتينية، فتبيّن لها أن 50% من هؤلاء يعيشون على المساعدات الحكومية في حين أن مدرستها الثانوية تحقق أفضل نتائج على مستوى العاصمة. ثمّة حلقة مفقودة هنا. أين يذهب هؤلاء التلاميذ الذين يحمل أجدادهم الجنسية السويدية وليس فقط آباؤهم، والذين لا يُعَدّون أجانب في بلد لا يعدّ من يحمل والداه الجنسية أجنبياً؟ هؤلاء لا يجدون حتى أعمالاً بسيطة كالبيع في المتاجر. وهنا، لا يمكن نفي وجود نوع من التمييز الخفي خصوصاً من قبل القطاع الخاص، إذ ما من قوانين تجبر على رفض أو توظيف أحد الأشخاص، ويمكن للمرء أن يلمس ذلك في كل مكان. المتحدرون من أصول أجنبية لهم وجود ضئيل في المؤسسات التجارية والخاصة، لا يتناسب مع حجمهم الذي يقرب من ربع السكان.

تعادل نسبة البطالة لدى المهاجرين في السويد ضعفَي مثيلتها على المستوى الوطني، ولذلك انعكاساته لناحية الاندماج وخلق بيئة خصبة للنشاطات غير القانونية والجريمة والتطرف، في انتظار العثور على المعادلة الذهبية بين حاجة البلد الشديدة للهجرة وحاجة المهاجرين للعمل والاندماج والمواطنة.

اقرأ أيضاً: نساء السويد يرفضن العنف باسمهن ضد اللاجئين

المساهمون