صداقات في دوائر مطاطية

صداقات في دوائر مطاطية

04 مارس 2016
ابحث عن الأصدقاء قبل الشعور بأنك بحاجة لهم(مات كاردي/Getty)
+ الخط -
أحياناً، تعود إلى أذهاننا أسئلة "مراهِقة". هل تدوم صداقاتنا؟ سابقاً، كنّا نُحكم الإغلاق على أسماء داخل قلب، ونطلق وعوداً بأن نبقى أصدقاء إلى الأبد. وإن كانت هذه القلوب ما زالت موجودة في صندوق قديم، إلا أنها باتت مجرّد ورقة تحمل تاريخاً كنّا فيه يوماً.

وفي يوم آخر، أطلقنا وعوداً جديدة. فعلنا ذلك مراراً. دائرة الأصدقاء مطاطية مثل بطن امرأة حبلى. قد تحمل جنيناً من كيلوغرامين أو أكثر. هناك الذين نجمعهم من المبنى الذي سكنّا فيه، والحي، والمدرسة، والجامعة، والأعمال، والمقاهي، والصدف وغيرها. لا يمكن لهم جميعاً أن يكونوا أصدقاءنا. اللهفةُ لا تجمع عاشقين فقط. هناك أخرى بين الأصدقاء. كأنهم يسيرون في كل زاوية من الدائرة المطاطية قبل أن يغادروها. يتركون فراغاً ثمّ يملؤه آخرون. ولا داعي لأن يكون الآخرون أكثر مواءمة لنا، بل نحن الذين نخشى الفراغات في نفوسنا.

وماذا لو استمرّ أحدنا في مكان عمل لفترة طويلة؟ هل يزيد حبّه للناس من حوله أم يخفت تدريجياً؟ ويصح السؤال نفسه مع عائلتنا وأشقائنا وأزواجنا وزوجاتنا. أحياناً نحبّ، ثم نعتاد أن نحب، ثم نسأم من العادات. وفي صداقاتنا، ما إن ننتهي من بلورة العلاقات، حتى نبدأ في تقييم ذواتنا فيها. ماذا قدمنا لهم وقدموا لنا؟ كأن الصداقات ليست بريئة تماماً. نصنعها ولا تكوّنها طبيعة أو صدفة. أحياناً، يفرضها علينا المجتمع الذي يضعنا دون سوانا في مكان معيّن مع أشخاص معينين، ولا يمنحنا إلا هامشاً صغيراً للاختيار. يقول صديق إن "هذا يلبّي غريزتنا القائمة على البقاء. ومن خلال هذه القوة، نصبح أكثر قدرة على التحرّك من دون أن نكون أحراراً تماماً في عملية الاختيار هذه".

في علاقاتنا، نلوم ظروف الحياة. هذه القوّة الخفية التي تبدّل أمزجتنا وناسنا. لم نكتفِ بالعيش في كرة أرضية. في داخلها، خلقنا دوائر مطاطية. ننقلُ أشخاصاً من دائرة إلى أخرى، وينقلنا آخرون من دائرة إلى أخرى. حين نكبر، قد نعيد طرح السؤال بحسب عمرنا الجديد. هل من صديق يمكننا الاتصال به إذا ما أصابنا عارض صحي بعد منتصف الليل؟ سؤال آخر. هل تتغير الأسماء؟

صديق آخر يشعر بأنه حان الوقت لفتح دائرته. بالنسبة لصديق، صديقه هو المسؤول عن أي خلل وليست الظروف. وحده الوقت يعيد تسمية الأشياء بأسمائها.

تقول الممثلة الأميركية ايثيل باريمور إن الوقت الأفضل لبناء صداقات هو قبل أن تشعر أنك بحاجة إلى أصدقاء. ربّما كانت تحاول أن تحمي دائرتها من نفسها. لكننا مجرد فصل من الفصول، ولا نكون دافئين دائماً.

اقرأ أيضاً: عيون القلب سهرانة

دلالات

المساهمون