نبات الخبّاز طعام المحاصرين في الفلوجة

نبات الخبّاز طعام المحاصرين في الفلوجة

30 مارس 2016
النباتات طعام أساسي للمحاصرين (Getty)
+ الخط -
لم يكن نبات"الخبّاز" الذي عرفه العراقيون، منذ وجدوا على الأرض، مادة غذائية أساسية في وجباتهم، بل كان يعد كطبق غذاء ثانوي يزين تشكيلة وجبات الطعام.

ولا يهتم الفلاحون كثيراً بزراعة نبات الخباز، كونه زهيد السعر ولا رغبة للناس بشرائه، لكنه ينبت ذاتياً في نهاية فصل الشتاء، لا سيما في المناطق غير المزروعة والمساحات الفارغة وتحت ظلال الأشجار.

وتساعد غزارة المطر على إنباته، ويرتفع عن الأرض بمسافة تصل أحياناً إلى نصف متر، ويعد غذاء مفضلاً للدواب، ومناطق انتشاره تعتبر مراعي مهمة يفضلها مربو الماشية.

ويرى خبراء الأعشاب، أن للخباز( معروف بالتولة أو الخبيزة) في سيقانه وأوراقه وزهره فوائد كثيرة تدخل في الطب النبوي والشعبي المتعارف عليه، وذكره العرب والأجانب.

تحولت هذه النبتة بسبب الجوع القاتل الذي يضرب مدينة الفلوجة، إحدى مدن الأنبار (غرب العراق) وجبة طعام أساسية، حتى صار من يملك قبضة منها سعيد حظ في نهاره، إذ يسد بها الأفواه الجائعة.

وعلى الرغم من أن فصل الشتاء، هذا الموسم، كان كريماً بمطره، ساعد على انتشار نبات الخباز إلا أن الأهالي سرعان ما يقطفونه، سعياً لتوفير وجبة طعام، ولهذا لا يكفي جميع المحاصرين الذين ما عادوا يجدون ما يسد جوع أطفالهم.

القصص التي تتمكن من اختراق حواجز الحصار قادمة من الفلوجة -على الرغم من قلتها مقارنة بما يدور هناك- طافحة بالمآسي، مثقلة بالقهر. الحصار مطبق على سكانها بفعل ما تفرضه القوات الأمنية من سياج مُحاصِر بحجة قهر عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) المسيطرين بقوة السلاح داخل المدينة رغماً عن أهلها.

هذا الحصار يمنع دخول أي غذاء أو دواء، في حين يمنع "داعش" بالداخل الأهالي من الخروج للفكاك من حصاره، وإيجاد فرصة للحياة، في وقت يسلب الموت أرواحهم واحداً تلو الآخر، بسبب الجوع والمرض أو نتيجة القصف الذي تباشره القوات المحاصرة وهي تؤكد أنها تدك مواقع وتجمعات لـ"داعش". فيما الأخبار تفيد بوقوع ضحايا من الأهالي بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، قتلتهم نيران القصف.

وبحسب سكان في الفلوجة، تمكن "العربي الجديد" من التواصل معهم، فإن "الخوف من الموت لم يعد موجوداً، بل إن أمنية كل واحد منهم أن يعجل الله بموته" يقول حسن الزوبعي.

ويضيف: "إيماننا بالله يمنعنا من الانتحار لأجل الخلاص، ونسعى لإيجاد أي نبات لكي نصنع منه طعاماً".

ويقول جميل العلي: "الغريب أن تلمس السعادة لدى الأطفال وهم يعثرون على نباتات يمكن أن تتحول إلى طعام بعد طهوها، تراهم يفرحون كثيراً، وكأنهم عثروا على كنز ثمين، يجدون الخباز في ثنايا بناء مهجور، أو بجانب صخرة، وكذلك نبات "الطرطيع"، الذي لا تأكله سوى الماشية".

ويخبر خليل العلواني عن طريقة تحضير طعامهم "نغلي هذه النباتات ونضيف بعض الملح لها وتناولها". ويتابع "أحياناً ننجح في اصطياد العصافير والحمائم، نعمل منها حساء، لكن تبقى النباتات المهمة الأولى واليومية للعوائل التي تسخر أبناءها للبحث عن أي نبات يمكن تحويله إلى طعام".