لا زال الشعب يريد

لا زال الشعب يريد

03 مارس 2016
لكم سياستكم العفنة، ولنا ثورتنا التي سنكملها (فرانس برس)
+ الخط -
كنت بين آلاف هتفوا لشهور "الشعب يريد". كنا نغيّر النصف الثاني من الهتاف بحسب تغيّر الأحداث، أو تغيّر المطالب. كانت مطالبنا لا تنتهي سعياً لإتمام ما شاركنا في الثورة من أجله. كانت أحلامنا وردية وآمالنا عريضة، وكنا مقتنعين أن مطالبنا، باعتبارها مطالب الشعب، ستتحقق.

فاتت شهور طويلة، ولم تتحقق أي من مطالبنا، ربما على العكس تماماً، تم القضاء بشراسة على كل أحلامنا وآمالنا، وتنكّر من كنا نطالبهم بتحقيق المطالب لكل وعودهم وتطميناتهم بتحقيقها، بالأحرى انقلبوا عليها.

هل كنا من السذاجة بحيث تخيلنا أن ما نطلبه يمكن تحقيقه؟ أم أننا كنا نحارب طواحين هواء ننفخ فيها بأنفسنا لتدور فوق رؤوسنا، بينما هي تشحن طاقتها استعداداً للإجهاز علينا؟

لا أشك في سذاجتنا التي أدّت بنا إلى كثير مما نحن فيه. ربما لازالت تلك السذاجة قائمة لدى الغالبية العظمى منا، لكن جلد الذات لا يفيد، وإن كان ضرورة تنبّه إلى عدم تكرار الأخطاء. الأهم أن سذاجتنا ترافقت مع إجرام مخطط من عدو ظاهر كنا نتعامل معه باعتباره مهزوماً ضعيفاً، بينما الواقع أنه ماكر كامن يتحين الفرصة.

لست ممن يرفضون التذكير بما جرى، على العكس، تدبر ما حدث يؤثر فيما هو آت، والمستقبل مرتبط بوقائع التاريخ، فنحن أجزاء من ماكينة كبيرة تدور، والعطب في جزء منها قد يعطبها بالكامل، لذا قررت أن أقف بحدة ووضوح ضد هؤلاء الذين يروّجون اليأس والقنوط، وأدعم هؤلاء الذين يدعمون مواصلة الحراك ومواصلة الثورة، دونما التفاف.

قررت في الوقت ذاته أن لا أترك فرصة لفضح هؤلاء الذين يزعمون أنهم معنا بينما هم خنجر في ظهورنا، ولا أترك فرصة لتذكير هؤلاء الذين أوقعونا في الكارثة بما فعلوه، سواء بالسذاجة أو الغباء أو الجهل. لست من هؤلاء الذين يقبلون العائدين من معسكر العدو بسهولة، مهما حاولوا ادعاء أنهم تطهروا أو جاهروا بأنهم لم يفهموا.

يظن البعض أن ما أفعله طارد لهؤلاء من معسكرنا الذين نسعى ليزيد أفراده حتى نستطيع مواجهة المعسكر الآخر، بينما أعتبر أنّ تلقف كل هارب من المعسكر الآخر، مهما كان جرمه أو غباؤه، مجرد انتهازية لا تليق بمن يسعون لمستقبل أفضل، إضافة إلى ما جربناه من أمثال هؤلاء سابقاً من خيانة.

يتهمونني بأنني حالم، وأن ما أفعله لا علاقة له بالسياسة التي تعني استغلال الفرص لإضعاف العدو، فأحمد الله أنني لست سياسياً، وأحمد الله أنني لست انتهازياً، وأواصل ما أفعله ويزعجهم، متجاهلاً انتقاداتهم ومتجاوزاً اتهاماتهم، وردّي المكرر: لكم سياستكم العفنة، ولنا ثورتنا التي سنكملها بكم أو بدونكم. سنكملها.

اقرأ أيضاً: نوستالجيا الثورة

المساهمون