منزل الفلسطيني هاني عامر.. سجن في قلب مستوطنة

منزل الفلسطيني هاني عامر.. سجن في قلب مستوطنة

سلفيت

محمود السعدي

محمود السعدي
29 مارس 2016
+ الخط -
يصر الفلسطيني هاني محمد عبد الله عامر (58 عاماً) من قرية مسحة غرب سلفيت، شمال الضفة الغربية، على البقاء في منزله الذي تحيطه الأسلاك الشائكة والجدار الفاصل داخل مستوطنة "الكاد"، المُقامة على أراضي مسحة، وكأنه يعيش بسجن منذ 12 عاماً، بعد أن ابتلع المستوطنون أرضه وسعوا إلى طرده من منزله أكثر من مرة.

يقطن عامر في منزله برفقة أسرته المكونة من ثمانية أفراد، منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، ولا يفصله عن منازل المستوطنين سوى 15 متراً، لكنه يصر على البقاء رغم اعتداءات المستوطنين وإغراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة له، تارة ببناء منزل بعيد عن المستوطنة وأخرى بتعويضات مالية لكنه يرفض.

يقول عامر لـ"العربي الجديد": "أنا موجود هنا قبلهم، هم من أتوا وصادروا أرضي وأراضي القرية وأقاموا مستوطنتهم بعد ست سنوات، سأبقى في منزلي ولن أخرج منه، حتى لو استشهدت، أنا أدرك خطورة بقائي هنا ولكنني أدرك قيمته أيضا، لأن التمسك بالأرض لا يقدر بثمن، ولن أفرط بحبة تراب واحدة لهم".

ولم تبقِ سلطات الاحتلال لعامر من أرضه البالغة 3 دونمات سوى دونم واحد فقط، مقام عليه منزل بمساحة 110 أمتار، أنشأه في العام 1972، ولم يسمح له بعدها بأية إضافات، وبدأت سلطات الاحتلال بعدها بإقامة مستوطنة (الكاد)، إذ تعتبر إسرائيل قرية مسحة موقعا استراتيجيا يطل على مدينة تل أبيب في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 وقربها منها، فصادرت ما يزيد على 70% من مساحتها لصالح الاستيطان والجدار، وتحيط بها ثلاث مستوطنات، وتقدر مساحة القرية بأكثر من ألف دونم.

في عام 2004، دخل المواطن عامر مرحلة جديدة من المعاناة، وخيرته سلطات الاحتلال بين هدم منزله أو بقائه داخل الجدار محاطاً بالأسلاك، فاختار البقاء، ووضعوا على مدخل منزله بوابة وكاميرات مراقبة، ويحتاج لتنسيق مسبق من أجل خروج أو دخول أي زائر لديه وكذلك الأمر بالنسبة لعائلته.

الفلسطيني هاني عامر الرابض في أرضه (العربي الجديد)


للوهلة الأولى تشعر أنك على مشارف سجن داخل مستوطنة تحيط به الأسلاك والجدار من كافة الجهات بارتفاع قد يصل إلى ثمانية أمتار، وتدخل إليه بواسطة بوابة وحيدة، وبرغم ذلك فضل عامر البقاء في منزله، رغم تحذير الاحتلال له، فكانت البداية مع المستوطنين الذين يكررون اعتداءاتهم بين الحين والآخر، وقد يصبون غضبهم لوقوع حدث في الأراضي الفلسطينية، كونه العربي القريب منهم.

لم يترك عامر أية مؤسسة حقوقية دولية أو محلية وحتى إسرائيلية إلا توجه إليها، لكن دون جدوى، وبعد مداولات مع المحاكم الإسرائيلية رفض طلب عامر بتحرير منزله وإخراجه من سجن المستوطنة، وردت تلك المحاكم أنها "لا نستطيع أن نقدم أفضل من الموجود".

يطالب عامر بإنصافه، ويؤكد "أسكن في سجن، لكنه أفضل وأوسع مكان في العالم، صحيح أن حياتنا مقدسة، لكن أفضل الموت وعائلتي هنا بدلاً من الخروج".

النشطاء الفلسطينيون الذين يساندون عامر بفعاليات عدة، من ضمنها تنظيم زيارات للمنزل يعتبرون قضيته من القضايا المهمة التي تمثل صمود الفلسطيني في أرضه، إذ يفضل النشطاء وفق حديث عبد الله أبو رحمة الناشط في مقاومة الجدار والاستيطان لـ"العربي الجديد"، أن يسموها "دولة هاني عامر"، لصموده في منزله برغم المعاناة اليومية.

من جانبه، يؤكد مستشار رئيس شؤون هيئة مقاومة الجدار والاستيطان محمد إلياس، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الهيئة تسعى لتوفير حياة كريمة لمثل حالة عامر، من أجل دعم صمودهم، وإحقاق حقوقهم.

ويشدد إلياس على وجود خطر قائم على حياة عامر، ويحذر من إمكانية المساس به، حيث إن وجوده في المنزل مخاطرة كبيرة، نظراً لطبيعة موقعه، لكنه بالتأكيد حالة نضالية قائمة يفتخر بها، فكل تفاصيل حياته يوجد بها تحدٍّ.

وعزل الجدار منذ إنشائه قبل 13 عاماً، نحو 40 تجمعاً سكنياً في مختلف مناطق الضفة والقدس من ضمنها منازل منفردة، إضافة لتأثر 138 تجمعاً من إنشائه.


اقرأ أيضاً: شرطة الاحتلال تسلح المستوطنين لمواجهة البناء الفلسطيني