خلطات تنحيف تقتل فتيات تركيا

خلطات تنحيف تقتل فتيات تركيا

27 مارس 2016
النحافة والرشاقة حلم يتجدّد ربيعاً (إيليف أوزتورك/ الأناضول)
+ الخط -
تغرق الأسواق التركية بخلطات تنحيف تستهدف المراهقات خصوصاً. لكنّ المختصين يؤكدون على خطورة الخلطات التي تؤدي أحياناً إلى الوفاة، خصوصاً أنّ بعضها يباع عبر الإنترنت من دون ترخيص

تكثر الحميات الغذائية في تركيا مع حلول فصل الربيع، خصوصاً لدى الفتيات اللواتي يبدأن البحث عن وسائل تساعدهن في خسارة سريعة للوزن. بذلك، يلجأن إلى خلطات عشبية مختلفة، يجلبنها من الإنترنت، من دون التأكد من مصداقيتها.

تشير تقارير إلى أنّ بعض من استخدموا هذه الخلطات حدثت معهم مضاعفات صحية خطيرة، وصلت إلى حدّ الوفاة أحياناً.

فقدت نورهان (16 عاماً) حياتها، بداية الشهر الجاري، في مدينة إزمير الساحلية، إثر نوبة قلبية مفاجئة. تؤكد والدتها أنّها لم تكن تعاني قبل ذلك من أي أمراض. وبالرغم من عدم وجود أي تقارير طبية تؤكد ذلك، تشدد الوالدة على أنّ سبب النوبة القلبية ناتج عن خلطة تنحيف عشبية، حصلت عليها المراهقة عبر الإنترنت.

في السنوات الأخيرة تكررت المضاعفات الصحية الشديدة التي تتهم بها تلك الخلطات. تقول بايلات دوغو: "توقف قلب ابنتي رُميسة خلال الأشهر الاخيرة أربع مرات. تمكث اليوم في العناية المركزة، فقد أصيبت بتلف دماغي، بالرغم من أنّها في السادسة عشرة فقط. ساءت صحتها بشكل مفاجئ بعد تناولها مواد عشبية منحّفة، حصلت عليها عبر الإنترنت".

تتابع: "لطالما قلت لابنتي إنّها لا تحتاج إلى فقدان الوزن. كانت تشكو أنّ كاحلها بات أعرض. تحوّل الأمر إلى هاجس يؤرقها، فاشترت مع ابنة عمها خلطة تنحيف عبر الإنترنت من دون أن تخبرنا بذلك. لم تعطِ الشركة عنوان بيتنا، وذهبت وتسلّمت الخلطة من مكتب الشحن بمفردها، فهي تدرك أنّنا سنعترض على الأمر. بعد تناولها الخلطة ومعاناتها من مضاعفات صحية، وبينما كنت أبحث عن بطاقة هويتها من أجل المستشفى، رأيت الخلطة في حقيبتها".

حاولت العائلة التواصل مع الشركة التي تبيع الخلطة من دون جدوى. وأثناء البحث تبيّن أنّ وزارة الغذاء التركية كانت قد منعت تداول هذا المنتج في الأسواق والصيدليات، لكن استمر بيعه لفترات طويلة عبر الإنترنت. يقول والد رميسة: "بات على المسؤولين معالجة هذا الأمر. كان قد صدر بحق الخلطة التي استخدمتها رميسة قراراً بمنع التداول والسحب من الأسواق، قبل أن تصل إلى يدها بتسعة أشهر. وما زال البيع مستمراً عبر الإنترنت حتى الآن".

تؤكد اختصاصية التغذية الطبيبة أسماء دمير أوغلو أنّ الهوس بضرورة فقدان الوزن في أسرع وقت ممكن، يصل إلى ذروته مع حلول فصل الربيع: "تصبح أكثر الأسئلة التي نتلقاها هي حول أكثر المنتجات والخلطات العشبية والأنظمة الغذائية والتدابير التي تساعد في خسارة سريعة للوزن". تضيف: "كلّ عام، تعرض في الأسواق خلطة عشبية يروّج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أنّها معجزة الموسم التي تؤدي إلى فقدان الوزن بسرعة قياسية. يلجأ المروجون إلى استغلال صور الممثلات الشهيرات فيزعمون أنّهن استخدمن الخلطة وحصلن على نتائج مذهلة. وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب عليها".

تدعو دمير أوغلو المسؤولين إلى التحرك لمنع ترويج هذه المنتجات، ومراقبة الحملات الدعائية الكاذبة، بالذات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبذل المزيد من الجهود لرفع معايير اختبار هذه المنتجات والموافقة عليها قبل طرحها في الأسواق. كما تشدد على أنّ أكثر الفئات التي تقبل على هذه المنتجات هن المراهقات: "في فترة المراهقة يصبح شكل الجسد أهم شيء بالنسبة للفتاة. يسيطر عليها هوس النحافة لتتشبّه بعارضات الأزياء. ما يزيد الخطورة هو عدم معرفة العائلة باستخدام بناتهن هذه المنتجات، وكذلك جهل الأمهات بمخاطر الاستخدام العشوائي لها، ففكرة أنّ الأعشاب غير مؤذية تسيطر على عقول معظم الناس. وهو أمر خاطئ للغاية".

من جهته، يؤكد طبيب الأمراض الباطنية سليمان جابوكجو على خطورة استخدام مثل هذه المنتجات بجميع أشكالها، سواء كمشروبات عشبية أو حتى كحبوب مغلّفة. يقول: "من الخطأ استخدام هذه المنتجات التي لم تجرَّب وفق القواعد العلمية. بعض المواد لا يمكن للمصابين بالسكري أو الكوليسترول أو الضغط أو القصور الكلوي أن يستخدموها. كما أنّ استخدام هذه المنتجات من دون التأكد من أعراضها الجانبية أمر خطير للغاية. بعض هذه المنتجات قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة وصولاً إلى الموت، بسبب ضررها القوي والسريع للكبد أو الكلى أو القلب أو باقي الأعضاء".

خلطات التنحيف بمختلف أشكالها تباع في الأسواق التركية على أنّها متمّمات غذائية وليست أدوية. في الأسواق 437 منتجاً تباع على هذا الأساس، وجميع هذه المنتجات لا تحوز على موافقة وزارة الصحة التركية، لكن يجري ترخيصها من خلال وزارة الغذاء والزراعة والثروات الحيوانية. لكنّ هذه الوزارة سحبت أخيراً تراخيص 103 منتجات من 51 شركة. مع ذلك، ما زال بعضها يباع عبر الإنترنت.

بدوره، يوجّه عضو رئاسة نقابة الصيادلة في مدينة إسطنبول سردار تورك أيدن انتقادات شديدة إلى القانون الذي يمنح تراخيص متممات غذائية: "تعريف المتممات الغذائية في القانون فضفاض، حتى أنّ الكثير من هذه المتممات يجب أن يوضع تحت بند الأدوية. لكن، لتجنب العملية المكلفة لترخيص الدواء، يتّجه المنتجون إلى وزارة الغذاء بدلاً من وزارة الصحة. هناك ليس عليهم سوى أن يقدموا بياناً بمكونات المنتج، ثم يحصلون على الرخصة. ولا تلغى أي رخصة إلّا إذا خالفت ما قُدّم في بيان المكونات".

اقرأ أيضاً: هذا واقع الإجهاض في تركيا

المساهمون