أوروبا ضد تدفق اللاجئين.. قوانين وأسلاك شائكة وعنف

أوروبا ضد تدفق اللاجئين.. قوانين وأسلاك شائكة وعنف

18 فبراير 2016
لاجئون سوريون في اليونان (GETTY)
+ الخط -


دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، قادة الاتحاد الأوروبي المجتمعين اليوم وغداً، في بروكسل، لمناقشة عدد من القضايا منها ملف اللاجئين، إلى التقدم خطوة للأمام وإنهاء حالة التخبط بين أعضاء الاتحاد من خلال وضع سياسة موحدة للتعامل مع طالبي اللجوء.

وشدد المرصد الحقوقي على ضرورة توافق تلك السياسة الموحدة مع حقوق اللاجئين وحمايتهم كأولوية، بالتوازي مع الاعتبارات الأمنية والاقتصادية الأخرى، محذراً من "ردّة أوروبية في التعامل مع طالبي اللجوء" آخذة بالتصاعد في الشهرين الأخيرين بشكل كبير، ولا سيما منذ بدء عام 2016.

واعتبر الأورومتوسطي أن الدول الأوروبية، والتي استقبلت في العام الماضي أكثر من مليون طالب لجوء، عليها أن لا تنسى أن الدول المجاورة للأماكن التي يخرج منها طالبو اللجوء تحمل عبئاً كبيراً منذ عدة سنوات، ولا زالت تستقبل أعداداً أخرى من اللاجئين، رغم أنها تعاني من أوضاع اقتصادية وربما أمنية أكثر سوءاً وأقل استقراراً من تلك التي تعيشها دول الاتحاد الأوروبي.

كما أشار المرصد إلى أن الإجراءات المشددة الآخذة بالتصاعد في الاتحاد الأوروبي منذ أشهر، شملت سن قوانين صارمة بهدف تنفير طالبي اللجوء، وتضييق الخناق عليهم ورفع الأسلاك الشائكة في وجوههم، إضافة إلى فرض الرقابة على الحدود لإيقاف تدفقهم، عدا عن موجة كراهية آخذة بالازدياد والتحول إلى مظاهر عنف بحق طالبي اللجوء، حتى على صعيد أكثر البلدان ترحيباً باللاجئين كألمانيا والسويد.

وفي ألمانيا، أعلنت السلطات المحلية بداية العام الجاري عن قانون يسمح بمصادرة مقتنيات طالبي اللجوء من أجل تمويل تكلفة إقامتهم، حيث تم تطبيقه في ولاية "بافاريا" التي تصادر النقود والمقتنيات التي تزيد قيمتها عن 750 يورو، وفي ولاية "بادن ويتنبيرغ" التي تصادر ما تزيد قيمته عن 350 يورو. واتخذت ألمانيا إجراءات أكثر تشدداً تجاه طالبي اللجوء ذوي الحماية المؤقتة ومن ذلك منعهم من ضم عائلاتهم إليهم مدة عامين.

ومع تصاعد واضح في حجم الأحزاب المناهضة لسياسة استقبال اللاجئين والمهاجرين، تعرض طالبو اللجوء في ألمانيا لاعتداءات مختلفة شملت حرق مساكنهم وتدمير ممتلكاتهم، حيث سجلت مصلحة الشرطة الجنائية أكثر من ألف حالة اعتداء في عام 2015 على مراكز إيواء اللاجئين، في ازدياد يقدر بـ5 مرات عن العام الذي سبقه.

أما النمسا، الجارة الملاصقة لألمانيا، فقامت بنشر نحو خمسمائة جندي على معبر سبايفيلد الحدودي الرئيسي مع سلوفينيا للمساعدة في التدقيق في هويات المهاجرين، وذلك للحد من أعداد المهاجرين الراغبين بعبور أراضيها للانتقال إلى البلدان الاسكندنافية، وهو ما تقوم به ألمانيا حالياً. مع توجه لطرد 50 ألفاً قالت النمسا إن طلبات لجوئهم لم تُقبل.

وفي السويد، أحصت الشرطة منذ يوليو/تموز الماضي، 43 حادث حرق لمراكز إيواء اللاجئين لديها؛ في موجة عدائية يشنّها اليمين المتطرف ضد اللاجئين. وعلى الصعيد الرسمي قامت السويد باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد طالبي اللجوء في البلاد، حيث أعلنت عن رفض 45 في المائة من إجمالي طلبات اللجوء التي تم التقدم بها خلال 2015 والنية بطردهم (حوالى 80 ألف طالب لجوء) من البلاد.


وكانت السويد أعلنت أيضاً عن تعديلات في قوانينها سيبدأ العمل بها في أبريل/نيسان القادم، وتتضمن منح إقامات مؤقتة فقط لمدة 3 سنوات- قابلة للتجديد- لمن ينطبق عليه وصف لاجئ، في حين ستمنح إقامات لسنة واحدة فقط– قابلة للتجديد- كحماية فرعية، بالإضافة إلى قواعد أكثر صرامة فيما يتعلق بلم الشمل.

وتبنى البرلمان الدنماركي قانوناً في يناير/كانون الثاني الماضي، يقضي بمصادرة مقتنيات طالبي اللجوء "من أجل تمويل إقامتهم في البلاد"، وبموجب ذلك سيتم مصادرة الأموال ومقتنيات طالبي اللجوء التي تزيد قيمتها على 1340 يورو. كما تضمن القانون بنوداً أخرى تضيّق من ظروف الإقامة وتطيل المهل المتعلقة بلم شمل العائلات.

ومن أجل تنفير اللاجئين من القدوم إلى الدنمارك، قامت الحكومة الدنماركية في سبتمبر/أيلول الماضي بنشر عدد من الإعلانات في الصحف اللبنانية تحذّر من صعوبة الهجرة إليها، خصوصاً بعد أن شددت قوانين اللجوء إلى أراضيها.

وحذرت الحكومة المجرية في إعلان نشرته في الصحف اللبنانية اللاجئين من دخول أراضيها بشكل غير قانوني، وفرضت عقوبات تصل إلى ثلاث سنوات سجن قبل الترحيل. وكان البرلمان المجري وافق على تشريع جديد في سبتمبر/أيلول الماضي يقضي بتوسيع صلاحيات قوات الأمن المجرية والجيش فيما يتعلق بتعاملها مع المهاجرين الذين يتدفقون إلى البلاد، بما يسمح لهم بفتح النار على المهاجرين بهدف حماية الحدود.

ومع الارتفاع الملحوظ في أعداد طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أوروبا في الصيف الماضي، قامت المجر ببناء سياج من الأسلاك الشائكة على حدودها مع كرواتيا يمتد لـ41 كيلومتراً، وآخر مع صربيا يصل طوله لـ175 كيلومتراً، من أجل وقف تدفق المهاجرين إلى حدودها.

وعلى نفس النهج، قامت سلوفينيا ببناء سور على طول حدودها مع كرواتيا، والتي تمتد على طول 670 كم، بهدف منع وصول المهاجرين إلى أراضيها، واستخدمت في بعض الحالات رذاذ الفلفل لتفريق لاجئين حاولوا المرور عبر أراضيها إلى كرواتيا.

وأعلنت وزارة الداخلية في فنلندا عن نيتها طرد حوالى ثلثي طالبي اللجوء (ما يعادل 20 ألف طالب لجوء) من مجموع الذين تقدموا بطلبات لجوء خلال عام 2015، والبالغ عددهم 32 ألفاً، وتم تعليق خطة كان وضعها رئيس الوزراء للمّ شمل طالبي اللجوء بعائلاتهم.

وشهدت هولندا موجة تحريض ضد اللاجئين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ترافقت مع اعتداءات على مراكز إيواء اللاجئين، إضافة إلى تأخير عملية الإيواء وطلبات لم الشمل لمدة قد تصل إلى 18 شهراً.

وضمن سياسات تمييزية في بريطانيا، قامت إحدى الشركات بتمييز أماكن سكن اللاجئين بطلاء الأبواب باللون الأحمر في منطقة "ميدلسبره"، مما أدى إلى التسهيل على المتشددين في التعرف على أماكن تواجد طالبي اللجوء والاعتداء عليهم، في حين نفت الشركة المسؤولة وجود هدف لأي سياسة تمييزية وأن الأمر كان محض الصدفة.

وفي مدينة "كارديف" في ويلز البريطانية، تم إرغام طالبي اللجوء على ارتداء سوار أحمر من أجل الحصول على الطعام في عملية وصفت بأنها مشابهة لعملية تمييز اليهود في عهد ألمانيا النازية، مما دفع الشركة المسؤولة عن إيواء اللاجئين إلى التراجع عن هذه الخطوة.

وفي فرنسا أظهرت استطلاعات الرأي نمواً في شعبية الأحزاب التي تتبنى سياسات متشددة حيال طالبي اللجوء والمهاجرين، وأبرزت أن 56 في المائة منهم يعارضون فكرة استقبال المهاجرين من الأساس.

وشهدت نهاية العام 2015 عدة هجمات على مراكز إيواء للاجئين، ومن ذلك حرق مخيم كاليه للاجئين شمال فرنسا والذي يقطنه نحو 6000 طالب لجوء أغلبهم من سورية وبلدان أفريقية، وكانت ثلاثة مخيمات للاجئين السوريين والعراقيين قد تعرضت لاعتداءات مماثلة في الأشهر الثلاثة الماضية.

وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بأن بلاده لن تستقبل سوى 30 ألف طالب لجوء، وهي حصتها من اللاجئين التي تم الاتفاق عليها أوروبياً.


اقرأ أيضاً:أوروبيون درجة ثانية.. تمييز سلبي في مقابل "الرجل الأبيض"

المساهمون