العراق: أدوية الأرصفة تستهوي الفقراء قبل أن تقتلهم

العراق: أدوية الأرصفة تستهوي الفقراء قبل أن تقتلهم

14 ديسمبر 2016
مخاطر أدوية الأرصفة كثيرة (رمزي حيدر- فرانس برس)
+ الخط -

تأخذ ظاهرة بيع الأدوية والمنشطات الرياضية على الأرصفة والدكاكين غير المرخصة في العاصمة العراقية بغداد وغيرها من المدن، منحى متصاعدا منذ أشهر عدة، تزامناً مع شح الأدوية في المستشفيات الحكومية وغلائها في الصيدليات العامة. ويزداد التحذير من خطورتها، بعد أن تسببت في وقوع وفيات لتجاوزها صلاحية الاستخدام.

وتتزامن هذه الظاهرة مع "الكبسلة" التي تعني الإدمان على تناول الحبوب المخدرة، والتي زاد انتشارها بعد قرار البرلمان العراقي حظر الخمور أخيراً.

ويرى متخصصون أن تبعات هذه الظاهرة خطيرة على صحة المتعاطين، لأنهم يشترون تلك الحبوب من الشارع بدون وصفات طبية.

الصيدلاني حسن جاسم يوضح لـ"العربي الجديد"، أن "ظاهرة بيع المنشطات والأدوية على الأرصفة وفي أسواق بغداد الشعبية والمحافظات بدون وصفات طبية غير مسبوقة"، مشيراً إلى أنها غير معروفة المصدر، وفي كثير من الأحيان يكون البائع هو الطبيب الذي يعطي المشتري الدواء الذي يراه مناسباً.

ويضيف جاسم "لا توجد رقابة، ووزارة الصحة تتغاضى عن ذلك، والشرطة ينخرها الفساد، فلا تلاحقهم مع الأسف".

ويؤكد مسؤول في وزارة الصحة العراقية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "قسما كبيرا من تلك الأدوية تُسرّب من المستشفيات الحكومية التي تبيعها بسعر مدعوم، وتجد طريقها إلى الأرصفة لتباع بسعر أعلى من المستشفى وأقل من الصيدليات العامة. وهذه الأدوية لا تخضع لشروط الحفظ أو التبريد، لذا تتلف بسرعة، كما أن أصحابها يزيلون تاريخ الصلاحية عند انتهاء مدتها".




ويبيّن أن "وفيات كثيرة وقعت بسبب ذلك، وأن شبانا تناولوا منشطات خاصة برياضة كمال الأجسام والركض وغيرها، وتُوفوا بسرعة أو أصيبوا بالشلل أو الجلطات القلبية"، مضيفاً أن "الظاهرة تدرّ ذهبا على القائمين عليها، وهي أحد أوجه الفساد".

ويقول المواطن فرقد عادل (35 عاماً): "عندما أمرّ ببعض الأسواق الشعبية في بغداد ألاحظ انتشار بسطات الأدوية، ومنها أدوية السرطان والقلب والشرايين والحساسية، فضلا عن منشطات جنسية وأخرى رياضية مختلفة المنشأ، والمشكلة أن كثيراً من الشباب والرجال يُقبلون على شرائها من دون الذهاب إلى طبيب متخصص".

ويتابع عادل "أصبحت حبوب الفياغرا مثلاً والمنشطات الجنسية الأخرى في متناول الجميع وسببت مخاطر كبيرة، بسبب تعاطيها من دون وصفة طبية وبدون معرفة منشئها. وأعرف كثيراً من الشباب أصيبوا بأمراض القلب بسبب تعاطي تلك الأدوية باستمرار".

ويذكر متخصصون في مجال المنشطات أن العشرات منها تباع على الأرصفة، ويشتريها الباعة من تجار متخصصين يجلبونها من خارج البلاد أو من مخازن أدوية غير قانونية.

وبحسب مصادر طبية من داخل وزارة الصحة، فإن نحو ثلاثة إلى خمسة مواطنين يموتون شهرياً بسبب الأدوية الفاسدة أو جرعات المنشطات الزائدة المتوفرة على بسطات الأرصفة والدكاكين غير المرخصة.

وتواجه وزيرة الصحة، عديلة حمود، تهما تتعلق بتردي الواقع الصحي في البلاد منذ تسلمها الوزارة قبل عامين.

أما مسؤول وحدة المراقبة في منظمة صحة العراقية، الدكتور فاضل الحسيني يقول: "الظاهرة تتحول إلى تجارة مربحة تشارك فيها أطراف عدة وهم التاجر والشرطي وموظف الصحة والضحية المواطن"، مبينا أن أي عمليات تفتيش ودهم، أو ما يصطلح عليها شعبيا باسم "كبسة" لم تنفذ منذ شهور طويلة، وهذا ما يجعل تلك التجارة المربحة رائجة رغم مخاطرها واستغلال الفقراء".



المساهمون