سباقات فحوادث في شوارع السعوديّة

سباقات فحوادث في شوارع السعوديّة

29 نوفمبر 2016
يتأكد من شرعية أوراقه (بلال قبلان/ فرانس برس)
+ الخط -
تزداد حوادث المرور في السعودية. وبحسب تقارير رسميّة صادرة، العام الماضي، سجّل 518 ألفاً و795 حادثاً ما أدى إلى وفاة 8 آلاف و63 شخصاً، وإصابة نحو 36 ألفاً و303. هذه الحوادث تكلّف وزارة الصحة أكثر من 530 مليون دولار سنوياً لعلاج المصابين.

وتحتل الرياض المرتبة الأولى في عدد حوادث السير، علماً أنّه يعيش فيها أكثر من ستة ملايين نسمة، تليها مكة ثم المنطقة الشرقية. وتسعى البلاد إلى الحدّ من تهوّر السائقين من خلال إقرار حزمة عقوبات جديدة بحق المخالفين. وقد زادت عقوبة السرعة وتجاوز الإشارة الحمراء إلى 1600 دولار أميركي بدلاً من 238 دولاراً، بالإضافة إلى السجن لمدة أسبوع.
والسائقون الذين قد يهدّدون حياة التلاميذ، يعاقبون بغرامة مالية قدرها 1600 دولار. في هذا الإطار، حذّرت المديرية العامة للمرور من خطورة تجاوز بعض السائقين الحافلات المدرسية أثناء صعود التلاميذ أو نزولهم منها تحت طائلة الغرامة، لافتة إلى أن الغرامة تصل إلى 1600 دولار. وفرضت غرامة مماثلة في حال عدم الوقوف عند نقاط التفتيش أو استخدام أجهزة غير مسموحة، على أن تزيد الغرامة المالية بالإضافة إلى عقوبة بالسجن في حال هروب السائق بعد حادث مروري.

لكن المشكلة لا تكمن في غياب العقوبات، وإن كانت ضعيفة، بل في عدم الاهتمام بتطبيقها في ظلّ قلّة وجود شرطة المرور في الشوارع، واعتمادهم على كاميرات الرصد الآلي (ساهر) لتوثيق المخالفات. في هذا السياق، يؤكّد خبير المرور عبدالله ناصر أنّ غياب شرطة المرور عن الميدان يؤدّي إلى زيادة عدد السائقين المتهورين، خصوصاً وأن الحصول على رخصة قيادة رسمية أمر سهل جداً، ولا يحتاج لأكثر من اختبار بسيط لا يتجاوز الخمس دقائق، إذ إنه لا يركز على الأمن والسلامة، ويكتفي المسؤولون بطرح بعض الأسئلة عن إشارات المرور.
يقول لـ "العربي الجديد": "نتمنى أن تساهم تلك العقوبات في تقليل حوادث المرور التي ارتفعت بشدة في السعودية". لكنه لا يتوقع أية نتائج إيجابية، في حال لم يكن هناك حضور مكثف لشرطة المرور. ويشدد على ضرورة ألا يقتصر وجودهم على تحرير المخالفات، بل منع وقوع المخالفات التي تهدد حياة الآخرين وتؤدي إلى وقوع حوادث. يضيف أنّ المخالفات البسيطة قد تؤدي إلى حوادث كبيرة "باختصار، نحتاج إلى شرطة لضبط المرور، لا جباة مخالفات فقط".



وتسعى إدارة المرور إلى التقليل من الحوادث، من خلال التركيز على ربط حزام الأمان، وهو ما لا يلتزمه السعوديون عادة. وتشير التقارير الرسمية الصادرة عن إدارة الأمن والسلامة إلى أنه يمكن تفادي أكثر من 70 في المائة من الإصابات المرورية، في حال كان السائق ومن معه يضعون حزام الأمان. في هذا السياق، يقول الباحث الاجتماعي موسى الجبر، إن التهوّر في القيادة، وتجاهل أنظمة المرور، أمران يهدّدان حياة السعوديّين. يقول لـ "العربي الجديد": "نستنزف شبابنا من خلال عدم تعليمهم أصول القيادة"، لافتاً إلى أن "كل حادث شهدته السعودية، العام الماضي، كان ناتجاً عن التهوّر في القيادة أو مخالفة قواعد المرور". يضيف أن السائقين لا يتعلّمون أصول السلامة المرورية "حتى نظام ساهر لا يقلّل من المخالفات".

إلى ذلك، يؤكّد الباحث في السلامة المرورية، خالد البوعنين، أنّه على الرغم من جهود إدارة المرور، ستبقى عاجزة عن حلّ المشكلة، طالما أنّها تركّز على المخالفات ولا تردع المتهورين. يقول لـ "العربي الجديد": "تحولت شوارعنا إلى ساحات سباق، وهذا أمر مرعب جداً". يضيف: "على الرغم من كلّ ما يبذله المسؤولون لحلّ مشاكل المرور، إلّا أنّ حلّ هذه الأزمة يبدو مستحيلاً. لا السائقون يكتسبون ثقافة احترام أنظمة السير، ولا شرطة المرور تفرض حضورها بشكل صارم وجدي".

ويشدّد البوعنين على أن المخالفين يكرّرون أخطاء غيرهم الذين لم يحاسبوا. لذلك، قلّة هم الأشخاص الذين يحترمون قواعد المرور. يضيف: "حين تقرّر أن تكون ملتزماً بالأنظمة، وتترك مسافة بينك وبين السيارة التي أمامك كما يفعل أي سائق محترم، فستجد من يرمي بسيارته أمامك في ذلك الفراغ، ليعاقبك على التزامك". ويلفت إلى سائقين لا يحترمون أولوية السير، وآخرين يركنون سياراتهم في أماكن ممنوعة ما قد يؤدّي إلى إغلاق الشوارع بطريقة غير نظامية. يضيف أن المشكلة باتت كبيرة لأن جهاز المرور لا يتعامل معها بالفعالية المطلوبة، ولم يعد له وجود حقيقي في الميدان. ويشدد البوعنين على أنه قبل مضاعفة الغرامات، لا بد من مراجعة عمل شرطة المرور والتركيز على دورها.

دلالات