بلاغات كاذبة... أهالي الإسكندرية يخشون الأجسام الغريبة

بلاغات كاذبة... أهالي الإسكندرية يخشون الأجسام الغريبة

23 نوفمبر 2016
طوق أمني (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -
يلازم القلق والخوف أهالي الإسكندرية، الذين يعيشون في انتظار التأكّد من خلوّ الأجسام الغريبة التي تنتشر في الشوارع من المتفجّرات. فإذا ما صادف أحدهم عبوة أو جسماً غريباً، يسارع إلى إبلاغ الشرطة، وإن كانت معظم هذه البلاغات كاذبة وتهدف إلى نشر الرعب فقط

حالة من القلق والتوتّر والغضب يعيشها أهالي محافظة الإسكندرية (شمال مصر)، في ظلّ كثرة البلاغات عن الاشتباه بأجسام غريبة أو مواد متفجّرة، ما يدفع السلطات إلى اتخاذ تدابير وإجراءات احترازية و"تعسفيّة" في بعض الأحيان.

ورغم أنّ غالبيّة البلاغات كاذبة، إلّا أنّ كثرتها تقلق أهالي المدينة الساحلية، الذين يلومون السلطة الحالية في ظلّ تردّي الأوضاع الأمنية والاقتصادية. وتراهم في حالة انتظار لكارثة يمكن أن تحلّ عليهم في أية لحظة.

وكانت البلاغات السلبيّة قد انتشرت بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة. وأشارت مصادر إلى الاشتباه بـ72 جسماً غريباً في الإسكندرية خلال الشهر الماضي، ما أدى إلى استنفار المواطنين، الذين صاروا يخشون أي جسم غريب يجدونه على الأرض أو قرب جدار أو أسفل أية سيارة. وعادة ما يتجمّع الأهالي حول الأجسام الغريبة، بالإضافة إلى سكان المباني المجاورة، ريثما تصل القوى الأمنيّة.

أخيراً، أثار جسم غريب الرعب بين المرضى والعاملين في مستشفى الرمد للعيون في دائرة قسم شرطة العطارين، وسط الإسكندرية، خشية احتوائه على مواد متفجّرة. وحضرت قوات الحماية المدنية إلى المكان على الفور، وأخلي المستشفى من المرضى، ليتبيّن عدم صحة البلاغ.

من جهته، يؤكّد مدير إدارة الحرائق في قوات الحماية المدنية في الإسكندرية، عمر جاب الله، أن الإدارة تتلقى عدداً كبيراً من البلاغات عن وجود أجسام غريبة تشبه القنابل في أماكن متفرقة من المدينة. يضيف أن قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات في المديرية يتعاملون بكل جدية مع أي بلاغ يتعلق بوجود قنبلة أو متفجرات في المدينة، حرصاً على حياة المواطنين. ويوضح أنّ المبلّغ لا يتعرض لأية عقوبات، مطالباً جميع المواطنين بمساعدة الشرطة في الحفاظ على الأمن والتبليغ على الفور بمجرد الشك في وجود أي جسم غريب.

ويقول المدير السابق للعلاقات العامة في مديرية أمن الإسكندرية، محمد محفوظ، إنّ تداعيات البلاغات السلبية أثرت كثيراً على شعور المواطن بالأمان والطمأنينة. ويشير إلى أنّ تعدّد البلاغات يثير مشاعر القلق، خصوصاً بعد تبادل الاتهامات بين الحركات المناهضة للانقلاب والسلطات الحالية.

ويرى الموظّف في إحدى الشركات، محمد أبو الحسن، أنّه بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الجيش في عام 2013، لم يعد المواطن يشعر بالأمان، أكان من أفراد الأمن أنفسهم أو من البلطجية الذين يجولون بحرية في ظل تواطؤ الأجهزة المعنيّة. ويرى أنّ الدلائل تشير إلى أن هذه البلاغات "صناعة أمنيّة"، خصوصاً أنها تتكرّر بهدف إرهاب الشعب وتخويفه، ومنعه من النزول إلى الشارع للمطالبة بحقّه الطبيعي في حياة كريمة، ورفض الظلم والفساد.

من جهته، يقول صاحب شركة سياحة في منطقة الإبراهيمية، مرسي إبراهيم، إن حقيبة صغيرة ملقاة في مكان ما، أو جسماً غريباً كفيل بإثارة الرعب بين السكان، خصوصاً الأطفال الذين نشأوا وما زالوا على العنف والضرب والسلاح والقتل والاعتقالات. يضيف: "حين يصبح كيس أسود مهماً لدرجة كبيرة، وقادراً على إخافة الرجال والنساء والأطفال، ندرك جميعاً معنى غياب الأمن والأمان، ونعلم كيف نجح الانقلاب في تحويل مصر إلى غابة كبيرة محفوفة بالمخاطر".

وتعليقاً على الخوف من "الكيس الأسود" أو من أيّ جسم غريب، يقول علاء محمود (37 عاماً)، إن الأسر أصبحت تخشى على أبنائها من النزول إلى الشوارع بسبب انتشار أخبار عن وجود مفرقعات أو متفجّرات في أماكن ومناطق كثيرة. يضيف أن كثيرين يخشون ركل أية علبة أو جسم غريب في الطريق، خشية أن يكون عبوة ناسفة.

بدوره، يرى محمود الغرباوي، وهو مدرس، أن سبب انتشار ظاهرة البلاغات السلبية يرتبط بعدم اهتمام أجهزة الأمن إلا بالتصدي للتظاهرات المعارضة للانقلاب، من دون السعي إلى الحد من الفوضى في الشوارع، والانفلات الأمني. ويؤكد أن أوضاع المدينة قد تردّت إلى درجة كبيرة جراء الإهمال الحكومي في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن استمرار الحال على ما هو عليه يهدد المواطنين.

يشار إلى أن القيادي في التحالف الوطني لدعم الشرعية، أحمد عبد العزيز، اتهم وزارة الداخلية بالضلوع في زرع الأجسام الغريبة في أماكن متعددة، في محاولة منها لإلصاق التهمة بمؤيدي الشرعية، وردع المواطنين عن المطالبة بالحرية بعد تخويفهم وإقناعهم بأن حياتهم في خطر دائم.

ويرى عبد العزيز أنّ الأجهزة الأمنيّة قادرة على ملء الشوارع بالمتفجّرات لتحقيق مخطّطاتها وإقناع المواطنين بأنّهم في حاجة إليها لحمايتهم، في وقت يعرف الجميع أنّها تؤدّي إلى إثارة الرعب بين المواطنين، وقد يسمح هؤلاء بانفجار بعض هذه الأجسام لإخافة المواطنين. ويلفت إلى أن القوى الأمنية لا تكترث بأمن المواطنين، بل تساهم في تخويفهم من خلال وضع عبوات في الطرقات، والحديث عن الإرهاب لردعهم عن المشاركة في تظاهرات ضد النظام.

من جهته، يقول مدير المباحث الجنائية في مديرية أمن الإسكندرية، شريف عبد الحميد، إن قوات الأمن تتلقى إخطارات من أقسام الشرطة عن وجود عبوات بدائية الصنع هنا أو هناك، فنرسل قوى الأمن إلى الأماكن المشتبه فيها على الفور، ونتّخذ التدابير الأمنية المناسبة، ونفرض طوقاً أمنياً، ونفحص العبوات، ونغيّر خطّ سير السيارات إلى حين الانتهاء من العمل، ونتأكد من عدم وجود أجسام أخرى في المنطقة، بالإضافة إلى المؤسسات الحيوية والهامة في المنطقة.

وفي ما يتعلق بقلق المواطنين وخوفهم من احتمال وجود قنابل أو متفجرات، يقول مدير المباحث الجنائية إنه ليس هناك أية مسؤولية على الشخص الذي يبلغ الجهات المعنية، لافتاً إلى أن المواطنين معذورون بسبب خوفهم من التفجيرات الدائمة التي تشهدها الشوارع والميادين، موضحاً أن بعض البلاغات كانت عبارة عن أجسام تحتوي على دوائر تشبه القنابل، إلا أنها خالية من المتفجرات. ويرى أن الهدف منها تخويف الأهالي.