العراق يخالف القانون: 250 ألف طفل عامل بسبب الفقر

العراق يخالف القانون: 250 ألف طفل عامل بسبب الفقر

14 نوفمبر 2016
يحملون أوزاناً تفوق احتمالهم (وثيق خوزاي- Getty)
+ الخط -



منذ صيف عام 2015 التحق الطفل ماهر (12 عامًا) بالعمل حمّالا في أحد المراكز التجارية في العاصمة العراقية بغداد. ويعمل مدة لا تقل عن خمس ساعات يوميًا. يحمل البضائع التي غالبًا ما تفوق قدرته على حملها غير آبه لقانون العمل الذي يحدد سن العمل.

آلاف الأطفال مثل ماهر تركوا دراستهم وانخرطوا في مختلف الأعمال، وأغلبهم أيتام أو فقدوا رعاية الأب بعد انفصال والديهم، أو بسبب الهجرة. أسباب كثيرة تدفع هؤلاء الصغار إلى البحث عن عمل يعيلهم وأسرهم بدون الاكتراث للقوانين الموجودة، التي تمنع عمل الأطفال.

تقول الباحثة الاجتماعية في مركز الاستماع والإرشاد القانوني في محافظة ديالى، ليلى مجيد لـ"العربي الجديد"، إنه "في أكثر الأحيان يشغّل التجار الأطفال بسبب حاجة هؤلاء إلى العمل، ولأن أجورهم بسيطة، كما أنهم أقل عرضة للمشاكل من الشباب والرجال". وأضافت أن "غالبية التجار وحتى الأطفال أنفسهم لا يخشون القوانين لأنها باختصار شديد غير مطبقة على أرض الواقع، إذ إنّ جميع القوانين في العراق مجرد حبر على ورق".

ولفتت مجيد إلى أن "تطبيق القوانين ومنع الأطفال من العمل يحتم في المقابل إعطاء هؤلاء حقوقهم، وهذا ما لا يمكن الجهات المعنية تطبيقه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، لذلك نرى أن قوانين كثيرة هامة غير مفعلة ومهملة لأن تفعيلها يترتب عليه واجبات لا يمكن تطبيقها".

وقدرت مجيد نسبة الأطفال العاملين في العراق بأكثر من 250 ألف طفل يعملون في أشغال ومهن لا تناسب أعمارهم ولا بنية أجسامهم.

من جهته، قال المحامي عمر محمود، لـ "العربي الجديد": "إنّ قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 جاء وفق النظام الاقتصادي العالمي الجديد، فكثير من الخبراء يعتبرون أن قانون العمل السابق لعام رقم 71 لسنة 1987 لم يعد ينسجم مع الواقع ولذلك وضع القانون الجديد".




ولفت إلى "توقيع العراق بعد عام 2003 اتفاقيات دولية تخص الاقتصاد وقطاع العمل، تمنع عمل الأطفال وتفرض عقوبات في حال حصول تحرش جنسي أو عمل جبري أو تشغيل الأطفال بحسب نص القانون. كما يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مليون دينار او بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف إحدى المواد الواردة في القانون، والمتعلقة بتشغيل الأطفال والتمييز والعمل القسري والتحرش الجنسي".


من جهتها، أوضحت مسؤولة مكافحة عمالة الأطفال في العراق دنيا عبيس أن "وزارة العمل تراقب أعمار الأطفال العاملين التي يسمح بها القانون، وتفرض غرامات على مخالفيها من أصحاب المشاغل، كما أحالت كثيرا منهم إلى المحاكم".

وأضافت عبيس في تصريح صحافي أن "هناك شروطا لعمالة الأطفال من سن الخامسة عشرة إلى الثامنة عشرة، وهناك 78 مهنة ممنوعة عنهم"، مشيرة إلى أن لدى وزارة العمل مشاريع عدة مع وزارة التربية، ونجحت في إعادة كثير من الأطفال إلى مدارسهم بعد تسربهم منها للانخراط في الأعمال".

وأوضحت أن "الوزارة وضعت ثلاثة حلول للأطفال العاملين وهي شمولهم بقروض ميسرة، أو توفير فرص عمل لهم، أو شمولهم ببرنامج الرعاية الاجتماعية، وكل ذلك لا يتم إلا بعد ضمان عودة الأطفال إلى مقاعدهم الدراسية".

وبيّنت عبيس أن "خلطاً يحصل بين عمالة الأطفال وأطفال الشوارع، وأقرت بصعوبة السيطرة على أطفال الشوارع لأن وراء تشغيل بعضهم بؤر مستفيدة وعصابات منظمة"، لافتة إلى أن الوزارة تجري جولات ميدانية مستمرة للسيطرة على هؤلاء من خلال تدوين معلومات عنهم، ومحاولة ثنيهم عن العمل في الشارع عبر إيجاد فرص عمل أخرى أو إعادتهم إلى مقاعد الدراسة.




المساهمون