تلاميذ تونسيون خارج المدرسة

تلاميذ تونسيون خارج المدرسة

06 أكتوبر 2016
لن يتسنى للبعض ترديد النشيد (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
لطالما أوجدت مشكلة النقص في الكادر التربوي خصوصاً في المدارس الابتدائية أزمة بين وزارة التربية ونقابة التعليم الأساسي في تونس. وقد تسببت في احتقان لدى الكثير من الأهالي، لكنّ مشاكل أخرى تطرأ هذا العام وتتسبّب في عدم عودة الآلاف إلى مدارسهم.

على الرغم من مرور أسبوعين على بدء العام الدراسي، ما زالت عدة مدارس تعاني من مشاكل كبيرة أهمّها المناصب الشاغرة، ورفض بعض المدرسين بدء مهامهم بسبب بعدهم عن المدارس، خصوصاً في المناطق الداخلية.

في هذا الإطار، أعلن المدير الجهوي للتربية في القيروان (وسط) محمد الصغير العباسي أنّ 20 في المائة من التلاميذ في المحافظة لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة مع بداية الموسم الدراسي، أي ما يصل إلى 15 ألف تلميذ من أصل 71 ألفاً. وأشار إلى أنّ ذلك يعود أساساً إلى عدم التحاق المدرّسين النواب بالمدارس ومواصلة اعتصامهم في مقر المندوبية. كذلك، تتواصل بعض أشغال الترميم والصيانة في بعض المدارس التي كان من المفترض أن تكون جاهزة خلال 15 يوماً.

من جهتهم، نفذ مديرو بعض المدارس وأولياء الأمور وقفة احتجاجية أمام المندوبية الجهوية في سيدي بوزيد، تنديداً بالتهميش الذي تعانيه المدارس في المنطقة، رافضين التعويل سنوياً على المدرّسين النواب.

على صعيد متصل، منع بعض الأولياء في منطقة فريانة بمحافظة القصرين أبناءهم من مباشرة الدروس. ويعود ذلك إلى عدم وجود سور للمدرسة، إلى جانب تدهور حالة الأقسام وتصدع جدرانها وأسقفها، وصعوبة المسالك المؤدية إلى المدرسة، وبعدها عن التجمعات السكنية.

من جهته، أكد مدير المدرسة عامر هرشي أنّ المدرسة لم تشهد أي صيانة أو توسعة منذ تأسيسها عام 1983. تابع أنّها تشكو من عدّة مشاكل أهمها عدم صلاحية دورات المياه، واهتراء بنيتها التحتية، وانتشار الرطوبة في معظم أقسامها، مشيراً إلى أنّ 180 تلميذاً لم يلتحقوا بعد بمقاعدهم.

في المقابل، حرم جزء آخر من التلاميذ من الالتحاق بمقاعدهم، بسبب الشغورات في الكادر التربوي. مثل هذا حصل في محافظة مدنين التي تعاني من نقص يصل إلى 500 مدرّس لم يلتحقوا بمدارس المحافظة. وفي هذا الإطار، كشف الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الأساسي منجي هلال أنّ تلاميذ مدرستين في المنطقة لم يلتحقوا بسبب إغلاق وزارة التربية لهما، مع تعهدها بنقلهم إلى مدارس مجاورة، وتوفير النقل وقاعات المراجعة والمطعم المدرسي. لم يطبق شيء من هذا بعد، وبقي التلاميذ محرومين من العودة.

في محافظة قفصة (جنوب) شهدت معتمدية بلخير تعطل الدروس وعدم التحاق نحو ألف تلميذ من أصل 1922 تلميذاً بسبب نقص المدرسين. وتعاني 11 مدرسة ابتدائية من أصل 16 هناك من مشكلة المناصب الشاغرة. عن ذلك، قال المدير الجهوي للتربية لزهر رحال إنّ 121 مدرّساً نقلوا إلى مدارس المنطقة، لكنّهم رفضوا الالتحاق في أماكن عملهم بذريعة بعد المسافة، وعدم القدرة على الوصول.

بدوره، يقول الكاتب العام لنقابة التعليم الأساسي في تونس المستوري القمودي لـ "العربي الجديد" إنّ النقابة كثيراً ما نبهت إلى مئات المناصب الشاغرة خصوصاً في المدارس الداخلية. وقد عرفت مدارس محافظة صفاقس 1200 نقص في الإطار التربوي، و800 في محافظة نابل، و400 في بزغوان، و300 في سليانة. وتشهد المناطق التي سجلت شغوراً في الإطار التربوي العديد من التحركات الاحتجاجية منذ بداية الموسم الدراسي تنديداً بتعطل الدروس وعدم التحاق الأبناء بمقاعدهم.

كذلك، أكدت النقابة رفضها اللجوء إلى زيادة عدد التلاميذ داخل الفصول، وعدم انتداب مدرسين جدد نظراً للحالة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد. لكن بعض المدرّسين نشروا بعض الصور من داخل الفصول التي يدرّسون فيها للتأكيد على لجوء الوزارة إلى زيادة عدد التلاميذ في كلّ فصل. وهو ما فعله المدرّس في مدرسة "التضامن 2" في العاصمة صلاح الدين مولهي. فقد نشر صوراً تظهر وجود 45 طفلاً في فصل ابتدائي واحد. وينصّ القانون على ألا يتجاوز عدد التلاميذ في الفصل الواحد 35 تلميذاً. لكنّه فوجئ يوم 30 سبتمبر/ أيلول الماضي باستدعائه من جانب المندوبية الجهوية للتربية في أريانة- قسم النزاعات لاستجوابه على خلفية نشر تلك الصور.

يذكر أنّ وزارة التربية قدّرت حجم المناصب الشاغرة بأربعة آلاف، بينما أكدت نقابة التعليم الأساسي أنّ حجم الشغور يصل إلى عشرة آلاف. وهو ما دفع الوزارة بعد مفاوضات عديدة مع النقابة إلى القبول بانتداب نحو ألف مدرّس نائب لتدارك الأمر. وتتولى المندوبيات الجهوية دراسة ملفات المدرّسين النواب المترشحين للتدريس لاختيار القوائم النهائية، وهو ما يتطلب أيضاً انتظار الكثير من التلاميذ بداية عامهم الدراسي.

المساهمون