لا تقتلوا جوليا

لا تقتلوا جوليا

31 أكتوبر 2016
ماذا تعني هذه الرحلة؟ (عن فيسبوك)
+ الخط -

جوليا هي الفتاة اللطيفة، ذات الشخصية القوية، التي تكتشف العالم. جوليا هي الثائرة على أغلب العادات التي تحيط بالفتاة في مجتمعاتنا وتكبّلها، ولو أدّى هذا الأمر إلى إنزال غضب والدتها، التقليدية في أفكارها، فوق رأسها طوال الوقت. جوليا هي الفتاة التي تغرّد خارج سرب العائلة، وخارج سرب المنطقة والأهل والجيران، وخارج سرب المحيط كلّه. تثور جوليا وتعاند، وتستمتع بما تقوم به.

جوليا هي الطفلة المشاكسة التي تفضّل ألعاب الصبيان على ألعاب البنات، وجوليا هي المراهقة الرافضة لما تمليه عليها العادات، وهي نفسها المرأة قليلة الخبرة التي ظنّت أنها اكتشفت الحب خلف واجهة زجاجية في أحد الأسواق عندما لاحت لها "العينان الخضراوان"، فحاولت التمسّك بهذا الحب، ولو أنه ظل يخذلها مرّات ومرّات، من دون تقدير لما قدّمته من تضحيات كي تفوز به.

تشبه جوليا، التي وقفت وحيدة على المسرح، مع الشخصيات الكثيرة التي قدمتها، وجوه فتيات كثيرات في صراعاتهن اليومية مع الحياة وتفاصيلها وحواجزها. وجوليا فوق المسرح ليست وحيدة. بل تصير هي وبعضٌ من أمها وأبيها وزوجها وابنتها وأختها وجارتها والبقال والطبيب وكل هذا المحيط الذي يمكن أن يضعنا فيه المكان والزمان.

ولجوليا مرض خبيث يتسلّل إلى صدرها الأيمن إسمه سرطان، وطوله ستة سنتيمترات. تقبل جوليا تحدّي هذا الغريم الذي داهمها فجأة. ربما تفهم جوليا نظرات العطف التي تهبط فجأة على مريض السرطان وربما لا تفهمها. لكنها تلتقطنا لتجذبنا إلى دوامة الحالة المرضية التي تعيش فيها، بما تحمله من مضاعفات نفسية وجسدية تترك آثارها فيها كامرأة وكإنسان.

سرطان؟ ماذا يعني سرطان؟ ما هو هذا "الذي لا يسمّى"؟ ولماذا تنظر إليه الناس هكذا؟ ماذا يعني العلاج الكيميائي؟ والعلاج بالأشعة؟ وجراحة الاستئصال بعد هذا كلّه؟ ماذا تعني هذه الرحلة؟ ولماذا هي؟ ولماذا أنا؟ ولماذا أنت؟ وكيف يتم اختيارنا للإصابة بالسرطان؟ هل نكون قد اقترفنا ذنباً؟ أم تراه وحده الحظ مسؤول عن هذا الأمر؟ ماذا يعني أن تخسر المرأة صدرها في قاموس النساء؟ وكيف تكون نظرة الرجل إليها؟ وكيف تكون نظرتها إلى نفسها قبل ذلك؟

كل ما سبق، بما يحمل من انفعالات إنسانية حاولت الممثلة أنجو ريحان أن تعبّر عنه في مسرحية "إسمي جوليا" التي تنفرد ببطولتها. ولعلّها كانت مؤثرة أكثر في المشاهد الدرامية، هي المتمرّسة بالكوميديا التلفزيونية التي تلعب فيها شخصيات مختلفة. وقد نجحت في إيصال الرسالة التي تواطأ معها المؤلف والمخرج يحيى جابر فيها: النظرة والكلمة يمكن أن تكونا قاتلتين. أكثر أذية من السرطان أحياناً.


المساهمون