فرزاد وذكرى.. إيرانيان صاحبا مقهى طريق بسيارة "فولكس فاغن"

فرزاد وذكرى.. إيرانيان صاحبا مقهى طريق بسيارة "فولكس فاغن"

29 أكتوبر 2016
هذا المقهى خاصتهما (العربي الجديد)
+ الخط -

أراد فرزاد حسيني وذكرى عباسي بدء حياتهما بطريقة مختلفة. اشتريا سيّارة فولكس فاغن زرقاء وحوّلاها إلى "مقهى طريق"، في العاصمة الإيرانيّة طهران.

تشبه نجمةً تلاحقها الأنظار في الشارع. هذا ما يقوله فرزاد حسيني عن سيّارة الفولكس فاغن الزرقاء التي يملكها وزوجته ذكرى عباسي، والتي حوّلاها إلى مقهى. فيها، يقدّمان للزبائن القهوة والشاي وغيرهما من المشروبات الساخنة والتي هي عبارة عن أعشاب إيرانية مغليّة، بالإضافة إلى حلويات معظمها غربية، فكان مقهى الطريق الذي مزج بين ما هو قديم وجديد.
رغم أنّ الفكرة لاقت ترحيباً، إلّا أنّها تعدّ غريبة في بلد كإيران. فالمواطنون لم يعتادوا احتساء القهوة يوميّاً إلا مؤخّراَ، ولطالما فضّلوا الشاي. إلّا أن سيارة الزوجين التي باتت مقهى جوّالاً، تقدّم مزيجاً من المشروبات الإيرانية وغير الإيرانية، كالقهوة.

ما إن تتوقّف السيارة في محطّة معيّنة، حتى يتقدّم الناس نحوها. غالباً ما تجذبهم سيارة الفولكس فاغن ذات الطراز الكومبي. اتّبع الزوجان أسلوب ركن السيارة في أماكن معيّنة، حتى بات لديهما زبائنهما اليوم، وما زال مقهاهما يجذب المزيد من الناس.

يقول حسيني (25 عاماً)، والذي يحمل شهادة جامعيّة في علم الاجتماع، إن الفكرة خطرت في باله قبل ثلاث سنوات تقريباً، وأراد وزوجته بدء حياتهما معاً من خلال إطلاق مشروع صغير. فكّر في استخدام سيارة قديمة محبوبة وملفتة، وهذا الأمر كفيل بجذب الزبائن، على حدّ قوله. يضيف لـ "العربي الجديد"، أنه في البداية حاول شراء حافلة من طابقين، لتكون مقهى ومطعماً جوالاً. لكن الأمر كان صعباً، خصوصاً أن الحافلات في إيران تابعة للجهات الحكومية، ففكّر في سيارة فولكس فاغن، واصفاً إيّاها بـ "الغريبة والظريفة".

وما إن نزلا إلى الشارع بسيّارتهما الزرقاء، حتى لاقى مشروعهما ترحيباً ونجاحاً. يبيعان القهوة والشاي بعدما يتوقفان في مكان محدّد في طهران. يبدآن العمل في السادسة صباحاً ويستمرّان حتى التاسعة مساءً.

يضيف حسيني، أن كثيرين رحبوا بالفكرة، خصوصاً الشباب، الذين باتوا يسألونه عن أماكن تواجدهما في الأيام المقبلة. كما لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي. ومن خلال تطبيق "تليغرام" الرائج في إيران، يضعان إحداثيات حول أماكن تواجد "مقهى الطريق".



في الوقت الحالي، يعمل حسيني وزوجته بمساعدة بعض الأصدقاء. صحيح أن ماكينة القهوة وبعض المشروبات الأخرى تكون موجودة داخل السيارة، إلا أن المشكلة تكمن في إيجاد المكان الذي سيعملان فيه، والذي يختارانه غالباً قرب الحدائق العامة، ومحاولة تأمين الكهرباء لوصلها بالأجهزة. يلفت حسيني إلى أنه يرغب في الحفاظ على بساطة فكرة مشروعه، ولا يريد تحويله إلى مشروع كبير، موضحاً أن بساطته هذه تجذب المارة والزبائن المعتادين. ويشير إلى أن تغيير الفكرة يعني فشل المشروع برمّته.

يقول حسيني إنّه لم يستخدم سيّارة مماثلة في محافظة أخرى. أصلاً لا يملك إلّا سيارة واحدة. ورغم أنّهما فكّرا في التجوال بسيارتهما هذه في مدن أخرى، إلّا أنّهما فضّلا التركيز على العمل في مدينة طهران الكبيرة والواسعة.

من جهتها، تبدي عباسي رضى كبيراً عن مشروعهما، هي التي تخرّجت من كلية الصحافة ودرست تصميم المجوهرات. ويبدو أنّ لديها وزوجها وأصدقائهما الذين يتواجدون أحياناً في مكان عملهما ميولاً فنيّة، ويظهر ذلك في كيفية وضع الماكينات داخل السيارة، والأكواب المستخدمة، ليكون مقهى الطريق مميّزاً في كل شيء. وترى أنّ أفضل ما في هذا المشروع هو "التعرف على أناس كثر". فهي لا تحبّ العمل في أماكن مغلقة أو لا تحب الروتين.



وتلفت عباسي إلى أنّه مع مرور الأيام، لاحظت اختلاف ردود فعل الإيرانيين حيال المشروع بحسب المنطقة التي يتواجدون فيها. تقول إن الاستغراب صفة عامة، وإن كان آخرون يثنون على "الفكرة الجميلة والمختلفة والغريبة"، ما يزيد من الإقبال. وتشير إلى أن البعض يتعامل مع الأمر بطريقة تقليدية، ولا يرى في المشروع ما هو مختلف. تضيف أن لديهما زبائن من جميع الفئات العمرية، إلا أن الأذواق تختلف من منطقة إلى أخرى، رغم أنهم يقطنون في طهران. كما ترى أنّ اتساع المدينة يجعلها غنية، وبالتالي ليس مستغرباً أن يفضّل أناس في منطقة ما أنواعاً معينة من الشاي أو القهوة، ليختلف ذوق آخرين في منطقة أخرى في العاصمة.

تضيف عبّاسي أنّها حقّقت وزوجها ما يريدان خلال فترة زمنيّة قياسيّة، وسيعملان على ضمان استمرار المشروع بالطريقة نفسها، لافتة إلى أن سيّارة الفولكس فاغن هذه ساعدتهما في التعرف على أناس جدد، وبات مقهى الطريق مكاناً لالتقاء الأصدقاء بشكل دوري. توضح أن تغيير المكان والتجديد يجعل كثيرين يرغبون في لقائهما لاحتساء القهوة أو الشاي.

دلالات

المساهمون