حياة مرضى سعوديين معلّقة بأجهزة

حياة مرضى سعوديين معلّقة بأجهزة

28 أكتوبر 2016
المعاناة ليست بسيطة (بهروز مهري/ فرانس برس)
+ الخط -
يصعب على سعوديّين يعانون من الفشل الكلوي إيجاد متبرّعين ينهون معاناتهم، علماً أن نسبة المرضى تقدّر بـ 17 ألفاً في البلاد، وهي نسبة تفوق المعدّل العالمي. يقول مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء، فيصل شاهين، إن عدد مرضى الفشل الكلوي في السعودية يرتفع بنسبة 10 في المائة سنوياً، من دون إنشاء مراكز جديدة لغسيل الكلى. ويعالج نحو 15600 مريض بالغسيل الدموي و1500 مريض بالغسيل البريتوني.

ولا تكمن المشكلة في عدد المرضى الذين يحتاجون إلى زرع كلى، بل في عدد المهدّدين بنتيجة مماثلة. ويقدّر شاهين عددهم بأكثر من 600 ألف مريض.

يلفت أطباء إلى أن الإصابة بمرض الفشل الكلوي في تزايد مستمر، نتيجة الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، خصوصاً السكري والضغط والجفاف، مشيرين إلى خطورة هذه الأرقام. ويطالبون وزارة الصحة بالعمل على توفير مراكز الغسيل الكلوي بمستوى لائق، وإعداد وتأهيل الكوادر الوطنية (الأطباء وطاقم التمريض والفنيين) لخدمة المرضى.

ولا تعدّ عملية الغسيل رخيصة. تؤكد مصادر في وزارة الصحة أن جلسة الغسيل الواحدة تكلف مع الأدوية نحو 1400 ريال (317 دولاار أميركيا)، توفّرها الدولة للمرضى مجاناً. ويكلف المريض الواحد وزارة الصحة أكثر من 218 ألف ريال سنوياً (5782 دولارا أميركيا). وكانت وزارة الصحة قد وقّعت عقداً مع شركتين أميركيّتين لتوفير الغسيل والعلاج للمرضى السعوديّين والوافدين إلى الحج بأكثر من 13 مليار ريال (3448 مليار دولار أميركي).

إذاً، تغطي الدولة جميع التكاليف، إلا أن المشكلة تكمن في قلة مراكز الغسيل، خصوصاً في المدن والمحافظات غير الرئيسية، والتي لا تتجاوز 140 مركزاً تضمّ 3452 جهاز غسيل للكلي. ويحتاج كل مريض إلى متوسط ثلاث جلسات غسيل أسبوعياً، تستغرق الواحدة منها نحو أربع ساعات (علماً أن فترة الانتظار تصل إلى ثماني ساعات).

في هذا السياق، يكشف سعود الشمري عن معاناته مع غسيل الكلى، ما أدى إلى توقفه عن الدراسة والعمل، لأنه مضطر إلى الذهاب إلى المستشفى يوماً بعد آخر للغسيل. يقول لـ "العربي الجديد": "أتردد على مراكز الغسيل منذ أكثر من ثماني سنوات، وكل جلسة تستغرق نحو ست ساعات، حتى بات جسمي منهكاً". يضيف: "بسبب مرضي، خسرت كل ما هو جيد في حياتي، ولم أكن قادراً على إكمال الدراسة أو العمل. ولن تحل مشكلتي إلا من خلال زرع كلية".

الأمر نفسه يقوله فهد الزويد، الذي يغسل كليته منذ أربع سنوات. يقول لـ "العربي الجديد": "الألم يصيب جسدك بالوهن. والأصعب أن حياة المريض تكون معلّقة بالأجهزة، فلا يستطيع الابتعاد عن مكان وجودها ولو ليومين، ما يبعده عن كل شيء جميل في الحياة".

من جهته، يؤكد الطبيب المتخصّص في علاج أمراض الكلى، ماجد موسوي، أنّ حياة مريض الكلى تكون شبه معطلة كونه يضطر للغسيل ثلاث مرّات أسبوعيّاً. وكل جلسة تستغرق نحو ستّ ساعات ما بين الغسيل والانتظار، ما يؤثر على دراسته في حال كان طالباً، وعمله في حال كان موظفاً. يضيف أن البعض يعانون أيضاً من مشاكل نفسية أو التهابات الحوض أو تجمّع الحصى في الكلى والمثانة، وغيرها، وهذه تزيد من معاناتهم.

إلى ذلك، يرى الطبيب المتخصص في المسالك البولية، فهد النجراني، أنّ الحلّ الأمثل للحدّ من عدد المصابين بالفشل الكلوي هو زيادة عمليات زراعة الكلى، والتي تعد من أسهل عمليات الزرع، لافتاً في الوقت نفسه إلى القيود التي تضعها وزارة الصحة على التبرّع، والتي تجعل الأمر صعباً. يقول لـ "العربي الجديد": "لا يُسمح بالتبرع من غير الأقارب، وهذا يجعل معاناة المرضى مستمرة، في حال عدم وجود تطابق بين المريض وبين أقاربه المستعدين للتبرّع".

منذ عامين، يحاول المركز السعودي لزراعة الأعضاء مع الجهات المعنية إصدار قانون يجيز التبرع بالأعضاء بين غير الأقارب. يقول رئيس المركز فيصل شاهين: ""ننتظر بالفعل موافقة مجلس الوزراء على نظام التبرع بالأعضاء من غير الأقارب، وفق آلية تمنع تجارة بيع الأعضاء".

وبحسب إحصائيّة للمركز السعودي لزراعة الأعضاء، فقد أجريت 4415 عمليّة زراعة كلى في السعودية في عام 2014. ويقول شاهين إنه بحسب تحليل بيانات المرضى بين عامي 1990 و2013، يمثّل التبرع من الأقارب من الدرجة الأولى (الأبناء والآباء والأشقاء والأزواج) نحو 77.5 في المائة، يليه التبرع من الأقارب من الدرجة الثانية (الأحفاد والأجداد والأعمام والأخوال).

المساهمون