"المساواة" في دروس إلزاميّة للاجئي الدنمارك

"المساواة" في دروس إلزاميّة للاجئي الدنمارك

28 أكتوبر 2016
منشورات داعمة للمساواة (العربي الجديد)
+ الخط -

"في الدنمارك، الرجال والنساء متساوون". من هنا كانت الدروس التي يتلقّاها شيروان محمد وصديقه مرتضى وغيرهما من طالبي اللجوء والمهاجرين في البلاد، حول المساواة بين الرجل والمرأة. لا يخفي شيروان أنّه "في البداية، شعرت بالخجل عندما كانت المدرّسة تشرح لنا بعض الأمور مدعّمة بصور. لكنّني فهمت أنّ المقصود هو: عندما تقول المرأة كلا، فهذا يعني كلا". أمّا مرتضى، فيقول: "لا أعرف بعد لماذا هذه الدروس، ربما يخافون من تحرّش البعض بالفتيات والنساء".

بهذه الطريقة، تلتحق الدنمارك بالدول الإسكندنافية الأخرى، مثل السويد والنرويج، فتقدّم دورات ودروساً إلزامية في "طرق التصرف" مع الجنس الآخر، لطالبي اللجوء ولهؤلاء الذين حصلوا على إقامات.

على الرغم من الخجل الذي يشعر به البعض عند التطرّق إلى هذا الأمر، إلا أنّ السلطات المشرفة على شؤون المهاجرين وطالبي اللجوء، بما فيها الصليب الأحمر الدنماركي، ترى أهميّة في تقديم تلك الدروس. ويقول نمر محمود، وهو أحد مستشاري الدمج، إنّ "الأمر سوف يتوسّع ليشمل الآلاف، بعد تسجيل مشاكل عدّة في الشوارع والمسابح". ويضيف: "يظنّ البعض أنّ الأمر محاولة لتغيير ثقافة الرجال والشباب الوافدين من بلاد عربية وإسلامية، لكنّ تلك الدروس في الواقع تنطوي على أهمّ إتيكيت التصرّف المحترم بين البشر". ويتابع: "لا أظنّها مهينة لأحد. ففي دولنا، لا يسمح لك لا قانونياً ولا مجتمعياً أن تعدّ الأنثى مباحة، فتصرخ بها وتوجّه إليها كلمات جارحة أو إيحاءات جنسية أو تجبرها على المعاشرة وما شابه".

من جهتها، تشرح ميريت كريستيانسن، وهي متطوّعة في الصليب الأحمر، أنّ "الأمر في مجمله يدور حول مساعدة الرجال خصوصاً الشبان العازبين، لفهم بعض أهم أسس التصرف في مجتمع غربي تبدو ثقافته مختلفة تماماً عما اعتاده هؤلاء. وفي هذا الإطار، نتناول تقاسم الأدوار بين الرجال والنساء في الحياة اليومية". وتضيف: "يمكن القول إنّ الأمر برمّته عبارة عن تأهيل لهؤلاء من أجل مستقبلهم في بلاد اللجوء".

وتأتي المواد التي تقدَّم للمهاجرين وطالبي اللجوء، صريحة ومباشرة في تناولها ما هو غير مباح فعله تجاه الجنس الآخر. فنجد على سبيل المثال: "لا يمكن لرجل غريب أن يلمس امرأة أو يقترح ممارسة الجنس عليها"... "ليس بحسن أن ترقص مع أنثى وتعرض عليها الجنس أو تلمسها"... "يمنع تصوير امرأة غريبة أو أطفال"... "يمنع التحدّث مع النساء على الشاطئ عن الجنس، أو في المسابح أو حمامات السونا".




يدلّ ذلك على أنّ الشكاوى المتعلقة بتحرّش جنسي أو بعدم فهم ما تعنيه تحيّة ما أو ابتسامة، بالإضافة إلى تناول وسائل الإعلام بعض الحوادث، دفعت ببعض البلديات إلى مثل هذه الخطوة بالتعاون مع الصليب الأحمر. ووفقاً لما نشرته الصحف المحلية نقلاً عن المكتب الإعلامي للصليب الأحمر الدنماركي، فإنّ "طالبي اللجوء بغالبيّتهم العظمى، يدركون مبكراً قواعد اللعبة بين الرجال والنساء وكيفية التصرف في الأماكن العامة". على الرغم من ذلك، صرّحت مديرة "المؤسسة الوطنية للجنس والمجتمع" ماريانا لومهولت، لصحيفة "مترو" الثلاثاء الماضي، بأنّ "ثمّة ضرورة للتربية الجنسية ولتقديم دروس للاجئين حول الهوية الجنسية، على الرغم من الحاجة إلى موارد كبيرة في هذا المجال بهدف التعامل مع طلبات المراكز الهائلة".

تجدر الإشارة إلى أنّ مراكز إيواء اللاجئين ومدارس الدمج في البلاد ترتكز على مواد تدريسية أعدت تحت عنوان "الاحترام بين الجنسَين". وإذا كان بعضها يحتوي على أهمّ أسس التصرف المرتبط باحترام حدود الرجل للمرأة في المسائل الجنسية، إلا أنّ تلك المواد تحتوي كذلك على صور وشروح حول مسائل المساواة في الوظائف المنزلية. ويخبر شيروان أنّ جلبة حدثت في الصفّ عند شرح ذلك، إذ يرى البعض أنّ حمل الرجل مكنسة كهربائية أمر معيب. سألت المدرّسة حينها زميلاً لي: كم تبلغ والدتك من العمر؟ لم يفهم علاقة والدته بالأمر، لكنّها راحت تناقشه حول ما تعانيه والدته اليوم من أمراض، ففهم مقصدها. كان من الأفضل لو أنّها تلقّت المساعدة خلال رعايته ورعاية إخوته الثمانية". يضيف: "بالتالي، هذه الدروس ليست مهينة ولا سيئة". من جهتها، تعلّق أم زاهر ضاحكة: "يا ليت رجالنا فهموا ذلك ونحن صبايا". كذلك، تتعدّى هذه الدروس المسائل الجنسية والمساواة بين الجنسَين، لتشمل طرق التصرّف في النطاق العام للمجتمع.

تشكو مدرّسات دنماركيات من صعوبة إيصال الفكرة، فتقول المتطوّعة إنغا هاوغوورد: "أرغب في مساعدتهم لفهم عقلية المجتمع الدنماركي، حتى يسهل عليهم الاندماج لاحقاً. لكنّ البعض عالق في ما اعتاده، فيما يعاني البعض الآخر من صدمات تصعّب العمليّة التثقيفية. ونتحدّث عن إقناع هؤلاء الرجال بالمساواة بين الرجل والمرأة!".

في سياق متّصل، كانت النرويج قد ذهبت في يناير/ كانون الثاني الماضي، على أثر ما وقع في كولن الألمانية، إلى تدريس اللاجئين مبكراً حول آليات التصرّف في المجتمع، كجزء من آليات الدمج. إلى ذلك، استعانت أوسلو في عملية تثقيفها، بتسجيلات فيديو أعدّتها منظمة العفو الدولية حول مكافحة الاغتصاب. وفي الاتجاه نفسه، سارت استوكهولم بعد موجة مقلقة من التحرّش الجنسي وسوء فهم بعض الثقافات الجديدة لما تعنيه ابتسامة توجّهها امرأة لشخص جديد في المجتمع.

المساهمون