"المعرفة الخضراء" لإنقاذ بيئة غزة

"المعرفة الخضراء" لإنقاذ بيئة غزة

25 أكتوبر 2016
الفريق من المتخصصين الجامعيين (محمد الحجار)
+ الخط -
قليلة هي المبادرات التي تهتم بالبيئة، وفي الوقت عينه تنشط بشكل كبير عبر أعضائها لتؤدي إلى نتائج فعالة. هذه حال "تجمع المعرفة الخضراء" في غزة

وسط ما تمرّ فيه بيئة قطاع غزة الفلسطيني المحاصر من تهديدات للبنى التحتية وتدني جودة التربة وتلوث المياه وملوحتها، ظهر فريق تجمعه فكرة التطوع لنشر ثقافة التعاطي مع البيئة بأسلوب ايجابي مبتكر. أسلوب يساهم من خلاله "تجمّع المعرفة الخضراء" في تبديل بعض المفاهيم الخاطئة والشائعة حول البيئة.

يضم الفريق مجموعة من طلاب تخصصات الهندسة البيئية، والهندسة المعمارية، وعلم النفس، والتربية. تأسس مطلع العام الجاري من خلال عشرين شاباً وشابة، ليصبح عددهم اليوم ثلاثين. هدفهم التعامل مع فئات عديدة من المجتمع كرجال الأعمال والحرفيين وأصحاب المصانع وغيرهم.

يعمل الفريق على قضايا عديدة، منها إدارة النفايات الصلبة، والمياه، والصرف الصحي، والاحتباس الحراري، والعمارة الخضراء، والطاقة المتجددة. وينظم برامج تدريبية وورش عمل وحملات وبرامج توعية قائمة على منهجية التعليم المجتمعي التفاعلي، من خلال قاعدة معلوماتية تراعي جميع الفئات، وتنشر الوعي البيئي باستمرار.

طالبة الهندسة البيئية يارا صرصور، العضوة في الفريق، تقول لـ"العربي الجديد": "نحن في حاجة إلى حلول لمشاكل البيئة في القطاع. أبرز القضايا سوء إدارة المياه، وإعادة تدوير النفايات، وتلوث الهواء، وعدم استخدام الموارد". تبيّن للفريق بحسب صرصور أنّ أخطر المشاكل البيئية الحالية في غزة هي النفايات الصلبة، في ظل غياب الوعي بمخاطرها، خصوصاً المواد البلاستيكية، وعدم تقدير الحكومة فوائد إعادة التدوير، وعدم اهتمام أصحاب رؤوس الأموال بهذا القطاع، وبدعم وتطوير المشاريع التي تهتم بالبيئة.

من جهتها، تستعيد هيا الغلاييني، وهي خريجة هندسة بيئية من الجامعة الإسلامية في غزة، جولة الفريق في محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع. لاحظت خلالها عدم استخدام أي طاقة كهربائية لخدمة مشاريع بيئية. وعلمت في المحطة أنه لا وجود لكهرباء كافية لتحويل النفايات الصلبة إلى مواد عضوية تمكن الاستفادة منها. كذلك، عدم وجود موارد مفيدة على صعيد تطوير آلية التدوير الصناعي.

تشير الغلاييني إلى أنّ الاقتصاد الأخضر هو أكثر أنواع الاقتصاد نجاحاً في الدول الإسكندنافية ودول أوروبية أخرى. وهو استخدام الموارد البيئية المستدامة التي تفيد المجتمع أيضاً. تقدم مثالاً عن الأخشاب، فبدلاً من رميها في النفايات من الممكن استخدامها في أدوات تعود بالفائدة على صاحبها.

خضع الفريق في بداية تأسيسه إلى دورات وإرشادات من مهندسين بيئيين، كذلك، دورات في مهارات مخاطبة الجمهور. يقول المهندس المعماري العضو في الفريق أحمد الراعي: "هدفنا التحدث إلى الناس حول ثقافة التعاطي مع المياه واستهلاكها السليم، والعمارة الخضراء أي الزراعة في المباني، وقد بدأت تظهر بالفعل على كثير من الأسطح".


يقف خلف تأسيس التجمع، الإعلامي والناشط المجتمعي أحمد الكريري، الذي كان هدفه الحفاظ على البيئة كأسلوب حياة، وتعزيز الوعي في مفاهيم البيئة. نظم الكريري عدة فعاليات منها ما ضمّ مجموعة من الخريجين من مختلف الاختصاصات الى جانب عدد من المختصين والمتمولين لتحفيزهم على الاستثمار البيئي.

خاض الفريق مبادرات عديدة تعرفوا من خلالها على تجارب. منها مبادرة إعادة التدوير "شباب الأعمال" التي تجمع الأخشاب غير اللازمة في المناجر بدلاً من حرقها والإضرار بالبيئة، فتصنع منها تحفاً فنية. وهكذا تخلق المبادرة أيضاً فرص عمل خضراء لبعض النجارين والحرفيين.

مبادرات عديدة ينظمها التجمع (محمد الحجار) 



أما مبادرة "الزراعة الحضارية" فتدعو إلى الابتعاد عن المواد الكيميائية الضارة، واستخدام السماد العضوي، في ظل استخدام معظم المناطق الزراعية في القطاع المبيدات. وقد ظهر أنّ أنواعاً كثيرة منها محرّمة دولياً بناء على تحاليل أجرتها مؤسسات دولية حذرت من الاستمرار في استخدامها.

كذلك، كانت مبادرة "الطباخ الشمسي" الأولى من نوعها في القطاع، وتهدف إلى تعزيز استخدام الطاقة الشمسية للطبخ، والاستغناء بالكامل عن الغاز. وهناك أيضاً مبادرة "غرين كيك" التي تهتم بتصميم قوالب تحضير الكعك. وتنشط في المبادرة فتيات صممن القوالب من أحجار الطوب التي لم تستخدم في أعمال البناء. كذلك، استخدمن في بنائها الرماد بدلاً من دفنه، وهو بديل جيد بيئياً.

يقول الكريري لـ"العربي الجديد": "عملنا مبني على التطوع لذلك، فإنّ مبادراتنا تتميز بالمرونة. نسعى إلى تشبيك نشاطاتنا ومبادراتنا الحماسية مع كلّ المؤسسات المحلية والدولية والطاقات الشابة".

المساهمون