البيت حلم مستحيل في تونس

البيت حلم مستحيل في تونس

24 أكتوبر 2016
لحسن حظّها أنّها تملك منزلاً (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
عائلات كثيرة في تونس، خصوصاً تلك التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى وما دون، تجد نفسها عاجزة عن شراء بيوت في ظل ارتفاع الأسعار. واقع أدى إلى ركود في سوق العقارات، على الرغم من إطلاق برنامج السكن الأول

بات شراء بيت في تونس أمراً يؤرّق الطبقة الوسطى، خصوصاً خلال السنوات العشر الأخيرة. وتشير إحصائيات صدرت أخيراً، إلى أنّ 25 في المائة من التونسيين لا يملكون بيوتاً. ويبدو أن هذه النسبة إلى زيادة في ظلّ ارتفاع أسعار البيوت في المدن الكبرى. وهو أمر بات يتطلب تدخلاً من سلطات الإشراف لمساعدة العائلات.

وتشير الإحصائيات إلى أنّ عدد العائلات التونسية يقدّر بثلاثة ملايين عائلة، في وقت يقدّر عدد البيوت في البلاد بنحو ثلاثة ملايين و300 ألف مسكن، ما يعني وجود أكثر من بيت لكل عائلة. وبحسب وزارة التجهيز، يشيّد 50 ألف مسكن سنوياً، 70 في المائة منها تشيّد من المواطنين، و20 في المائة من خلال الباعثين العقاريين الخواص (سماسرة عقارات) المرخص لهم. أما الـ 10 في المائة الأخرى، فتشيد عن طريق الباعثين العقاريين العموميين. مع ذلك، يوجد في تونس آلاف المساكن غير المأهولة، في وقت تعجز آلاف العائلات عن الشراء. كذلك، يواجه مئات الباعثين خطر الإفلاس، في ظل الركود الذي يشكو منه هذا القطاع، والذي يهدّد مصير عشرات الشركات.

وكانت وزارة التجهيز قد أشارت في عام 2014 إلى تضاعف أزمة السكن والعقارات في تونس، لافتة إلى أن سبب غلاء البيوت والعقارات في البلاد هو قلة الأراضي التي يمكن البناء عليها، وارتفاع كلفتها، بالإضافة إلى ارتفاع كلفة مواد البناء واليد عاملة. وما فاقم هذه الأزمة هو أنّ التونسيين باتوا يتنافسون مع العائلات الأجنبية، خصوصاً الليبيين والإيطاليين والفرنسيين، على الرغم من وجود نحو 430 ألف شقة شاغرة لا يستغلّها أصحابها.

ونظّم الباعثون العقاريون معرض البعث العقاري في المركز الدولي للمعارض في تونس، خلال الشهر الماضي، بهدف التعريف بالعقارات التي شيّدت أخيراً، وأماكن تواجدها وأسعارها والإجراءات التي تتيح للتونسيين شراء عقار.

يلفت الباعث العقاري، أحمد سالمي، إلى قلّة إقبال التونسيين على المعرض، في ظل ارتفاع الأسعار وفقدان الأمل في الحصول على منزل بسعر مناسب. يضيف أن غالبية الشركات تنشر إعلانات عبر الإنترنت وبعض وسائل الإعلام، علماً أن بيوتاً وعقارات كانت قد شيّدت قبل سنوات وما زالت تنتظر من يشتريها بسبب ارتفاع الأسعار.

ويؤكّد سالمي أنّ الباعثين العقاريين غير قادرين على تخفيض أسعار الشقق السكنية في ظل ارتفاع أسعار الأراضي الذي تضاعف أربع مرات، خلال السنوات الخمس الأخيرة، ووصل سعر المتر المربع الواحد إلى نحو 1500 دولار في بعض المناطق، عدا عن ارتفاع أسعار مواد البناء وكلفة اليد العاملة والأجور، وزيادة معدلات الفوائد المصرية على القروض العقارية وغيرها.

ونتيجة الركود، يواجه عقاريّون مشاكل تتعلّق بتسديد قروض المشاريع السكنيّة. وكان رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، قد كشف الشهر الماضي عن إجراءات وتسهيلات جديدة لطالبي القروض السكنية، مشيراً إلى إطلاق برنامج السكن الأول، والذي يستهدف الطبقة الوسطى. ولفت إلى أنّ الدولة ستدعم كل من يتقدم للحصول على قرض سكني، وتؤمن تمويلاً ذاتياً يقدّر بنحو 15 ألف دولار على شكل قرض، بهدف مساعدة المواطنين.

من جهته، يبيّن رئيس الغرفة النقابيّة للباعثين العقاريّين، فهمي شعبان، أن اقتناء منزل ضمن هذا البرنامج يشترط أن يتقاضى الراغب راتباً أعلى من الحد الأدنى للأجور (نحو 150 دولاراً) بنحو أربعة أضعاف، على ألا يتجاوز عمر أحد الزوجين 40 عاماً، وأن يكونا متزوجين منذ أكثر من عشر سنوات، ولا تتجاوز قيمة البيت الذي يطمح الثنائي إلى شرائه 70 ألف دولار.

ويوضح شعبان أن الشارين يحصلون على فترة سماح لمدة خمس سنوات، قبل تسديد القرض على مدى سبع سنوات. هذه الإجراءات استبشر بها العقاريون خيراً، في وقت تفاءل مواطنون في الحصول على مسكن بعد طول الانتظار.

في المقابل، يرى بعضهم أن الشروط أبقت الأمر صعباً بالنسبة لمئات العائلات، خصوصاً شرط مرور عشر سنوات على الزواج، وعدم تجاوز عمر أحد الزوجين الأربعين عاماً. في هذا السياق، يقول المواطن عبد الحميد سويسي أنّه تجاوز الأربعين من العمر، فيما لم يمض على زواجه العشر سنوات، لافتاً إلى أن "عائلات كثيرة تواجه المشكلة عينها".

من جهة أخرى، فإن معظم رواتب الموظفين في تونس لا تتجاوز 500 دولار، ما يعني أنه ليس في إمكانهم الانتفاع من هذا البرنامج، في إشارة إلى أنّ أزمة السكن ستظل قائمة. يقول المواطن محمد الشافعي إن آلاف العائلات لن تنتفع بهذا البرنامج، لافتاً إلى أن راتبه لا يتجاوز 400 دولار.

دلالات