عائدٌ إلى الجامعة

عائدٌ إلى الجامعة

17 أكتوبر 2016
هل هي خطوة موفّقة العودة إلى الجامعة(جوزيف براك/فرانس برس)
+ الخط -

الشعور مزيجٌ من الغرابة والحنين والإرباك. إحساس مختلط لم يظهر منذ فترة طويلة. يبدأ بالتكوّن عند بوابة المدخل الخارجي للجامعة، حيث يهرب الشرطي إلى الداخل من الشمس التي تطارد وجهه، ولا ينتهي عند الطبقات الخشبية التي سيجتمع فوقها طلاب الدراسات العليا، بعد قليل، من مختلف الأعمار.

يقولون إن لا عمر متأخّراً للدراسة، فالمرء لا يكبر أبداً على التحصيل العلمي. ويقولون أيضاً إن الإنسان يجب ألا يملّ من البحث عن المعرفة مهما شاب رأسه أو تساقطت شعراته. يتحدثون عن الأمر بمنتهى اليقين، لكنهم لا يذكرون شيئاً عن شعور العودة المتأخّرة بعد انقطاع.

قالت لي مسؤولة شؤون الطلاب، وهي سيدة لطيفة، عندما دخلت إلى مكتبها كي أتقدم بملفّ الانتساب: "نظّم أوراقك بشكل مرتّب. أنتَ الآن طالب جامعي". قالتها ممازحة، ثم ابتسَمَت، فالملف كان مرتّباً. ابتسمتُ لابتسامتها ولم أعلّق.

وجوه الطلاب في الكلية صارت أكثر شباباً من ذي قبل. هكذا فكّرت في نفسي. يمكن للمرء أن يقيس الزمن الذي يمرّ من خلال وجوه هؤلاء الشباب. يمكنه أن يتأمّل مليّاً وطويلاً بالحماس الفائض في عيونهم وفي حركات أجسامهم.

هناك موظفون لم يلتقِ بهم المرء منذ التخرّج، ولو في صدفة. باستثناء السنّ، لم يتغيّر فيهم شيئاً. وربما كان هذا أمراً مؤسفاً. حتى طريقتهم في الكلام وأسلوبهم في التعبير وذوقهم بالألوان، كأنها جميعاً بقيت على حالها وثبتت في مكانها ولم تتبدّل. كأنهم صورة من مشهد توقّف في زمن آخر. رغم ذلك، تسلّل جيل من المُحاضرين الشباب إلى الصفوف. وهذا أمر من المفترض أن يكون إيجابياً ويترك أثراً طيباً على أساليب التفكير وعلى العلاقة بين الأساتذة والطلاب.

صعود السلّم صار أكثر صعوبة. درجاته باتت أثقل. لكنه شرّ ومجهودٌ لا فرار منه طالما أن المصعد جعل يصغر سنةً بعد سنة والازدحام أمامه يزداد. قليلٌ من الرياضة باتت مفيدة هذه الأيام بعدما خشّبتنا كراسي المكاتب.

ترى، هل من الجيد الجلوس في الطبقات الخلفية خلال المحاضرة الأولى أملاً بالاندماج التدريجي بالمحاضرات بعد غياب؟ أم تراه من الأفضل التموضع في الطبقات الأمامية تأكيداً على الاهتمام والجدية بالمشاركة في النقاشات؟ هل يلعب المرء دور العارف بأسرار المهنة ومشاكلها وخباياها؟ أم يترك لنفسه فرصة اكتشاف ما قد يكون جديداً، إن وجد؟

لكن قبل أي سؤال آخر، هل هي حقاً خطوة موفّقة العودة إلى الجامعة بعدما وقعنا في فخاخ المهنة؟


دلالات

المساهمون