الطقوس المغربية الشعبية في عاشوراء

الطقوس المغربية الشعبية في عاشوراء

11 أكتوبر 2016
تجري الطقوس عبر إشعال النيران (العربي الجديد)
+ الخط -
بحلول ظلام ليلة الثلاثاء، ولمناسبة إحياء المغاربة لعاشوراء التي تحل غدا الأربعاء بالبلاد، يعمد العديد من الأطفال وحتى الشباب إلى حرق أغصان الأشجار وعجلات السيارات المطاطية، في مشاهد احتفالية بالكثير من المدن والبوادي، ضمن طقوس تسمى "شعيلة" أو "شعالة".


و"شعالة" هو طقس احتفالي شعبي، غير ديني، يقوم على إشعال الأطفال والمراهقين ذكورا وإناثا للنيران في أمكنة وفضاءات خالية بجوار الأحياء والأزقة، خاصة الشعبية منها، ويكون التحضير له طيلة أيام خلت بجمع إطارات السيارات وأغصان الأشجار، وكل ما يمكن أن يزيد من توهج النار.

ويحوم الأطفال حول النار المشتعلة، ليلة عاشوراء، مع ترديد الأهازيج المعروفة في هذه المناسبة، من قبيل "بابا عيشور ما علينا لحكام ألالة.. عيد الميلود يحكموه الرجال ألالة"، ومعناها أن عاشوراء مناسبة لينعم بها الأطفال والفتيات بحرية اللهو واللعب، وبأن حكم الرجال لن يكون إلا بحلول ذكرى المولد النبوي في ربيع الأول. وأيضاً من الأهازيج الشائعة بهذه المناسبة "عيشوري عيشوري عليك دليت شعوري"، والمقصود أن هذا الاحتفال هو مناسبة تسدل فيه كلّ فتاة محتفلة شعرها وتبتهج خلافاً للأيام العادية.

وتشوب هذه الطقوس الاحتفالية ليلة حلول عاشوراء كثير من السلوكيات المعروفة في المجتمع المغربي، خاصة لدى الفئات الفقيرة وغير المتعلمة، حيث تحرص نساء على اغتنام إشعال نيران "شعالة" من أجل ممارسة طقوس الشعوذة، إذ يعتقدن بأنها الأنسب زمنياً لتنفيذ مخططاتهن السحرية.

ويعتقد السحرة والمشعوذون أن الليلة التي تسبق عاشوراء، وخصوصا وقت إشعار "نيران شعالة"، فرصة سانحة لرمي الأعمال السحرية في النار المستعرة، باعتبار أن السحر يدوم عاما كاملا، بخلاف الأعمال السحرية في أوقات أخرى تدوم فقط أربعين ليلة، ما يجعلهم أحرص على تنفيذ طقوس الشعوذة في هذه الليلة.

ومن الطقوس الشعبية الأخرى التي لا زالت توجد بقاياها في بعض المناطق المغربية، بالرغم من اندثارها شيئا فشيئا، امتناع النساء عن الأشغال المنزلية، من كنس وتنظيف للبيت، وهو ما قالته رقية الفاسية، لـ"العربي الجديد"، مضيفة أن "النساء يرتحن يوم عاشوراء من استعمال المكنسة، ولا حتى غسل الأواني".

وفي صباح عاشوراء تنتشر طقوس شعبية أخرى، على رأسها التراشق بالمياه، حيث يعمد أطفال وشباب، وحتى كبار السن أحيانا من الجنسين، إلى رمي المارة والراجلين أو الجيران بالماء، وهو ما يسمى في المغرب بـ"زمزم"، كناية عن ماء زمزم المتواجد بالديار المقدسة.

وتحول الطقس الاحتفالي في عاشوراء برمي الماء على المارة في الشارع، إلى تصرفات وسلوكيات عدوانية يقوم بها مراهقون وشبان، تتعدى حدود التسلية لتصبح أفعالا انتقامية من البعض، خاصة لدى من يعمدون إلى مزج الماء بسوائل خطيرة، من قبيل "ماء النار"، وهو ما يؤدي إلى حوادث خطيرة، وفي أحسن الحالات إلى شجارات ومعارك بين الناس.

شمس الدين عبداتي، رئيس منتدى المستهلك المغربي، انتقد ممارسة هذه الأفعال وخطورتها على سلامة المواطنين، بالقول إن "رش المارة بالماء يكون أحيانا ممزوجا بسوائل خطيرة"، مردفا أن الأمر لا يقتصر على الماء فقط، ولكن أيضا يضاف إليه الرشق بالبيض.

ولفت عبداتي إلى أنه "لا يعقل، والمغرب يتبع سياسة التقشف والحوكمة الرشيدة، أن يتم تبذير الماء والبيض، في الوقت الذي يتطلب من المواطنين ترشيد استعمال الماء، وتنمية الاقتصاد وتطوير أدائه"، مبرزا أن هذه السلوكيات تتنافى وأخلاق المغاربة ويأباها الواقع المعيش للأسر".