المغرب يفرض تأشيرات على السوريين

المغرب يفرض تأشيرات على السوريين

09 سبتمبر 2015
يتسولون في أحد شوارع البلاد (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

في وقت تزداد الجهود الإنسانية لدعم اللاجئين السوريين، فرض المغرب تأشيرة دخول عليهم، بالإضافة إلى الليبيين، عازياً الأمر إلى الضرورات الأمنية ومحاربة الإرهاب.
قرارٌ أعلنه العاهل المغربي محمد السادس في 20 أغسطس/آب الماضي خلال خطاب لمناسبة ذكرى "ثورة الملك والشعب"، بعدما طالبه طفل سوري بمنحه تأشيرة دخول إلى المغرب للالتحاق بوالده. وعزا السبب، في خطابه، إلى تنامي التطرف وزيادة العصابات الإرهابية. في ظل هذا الوضع، اضطرت البلاد إلى اتخاذ مجموعة تدابير وقائية لحماية أمنها واستقرارها، وفرضت تأشيرة دخول على بعض الدول العربية، وخصوصاً سورية وليبيا. وفي خطابه، أسف للظروف القاهرة التي دفعت المغرب إلى اتخاذ هذا القرار، معرباً عن تضامنه مع شعبي الدولتين السورية والليبية.

في السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض، محمد الغالي، إن "الأسباب التي دفعت الرباط إلى فرض تأشيرة دخول على السوريين أملتها ظروف تتعلق بحماية الأمن القومي للمملكة. يضيف أنه نظراً لوقوع سورية وليبيا تحت سيطرة المنظمات الإرهابية التي تتحكم بسيادتها، فإن قرار التأشيرة يهدف إلى التحكم بنتائج الانفلات الأمني في هذين البلدين، ويسعى إلى حماية حدود البلاد من أي مخاطر مستقبلية".
يضيف، استناداً إلى خطاب العاهل المغربي، أن "هذا الإجراء ليس عنصرياً ضد شعبي البلدين اللذين يعيشان ظروفاً صعبة، بل هو مؤقت بانتظار زوال الأسباب التي أدت إليه". ويشير إلى أن العاهل المغربي دعا إلى حسن التعامل مع الذين تقطعت بهم السبل في هذين البلدين، فالمطلوب هو تفهم الاجراء في إطار الحفاظ على الأمن القومي من المخاطر الإرهابية.

وفي 11 أغسطس/آب الماضي، وجه طفل سوري يدعى حيدر (10 سنوات)، وهو من مدينة حمص، رسالة إلى العاهل المغربي طالبه فيها بمنحه تأشيرة دخول، وذلك في تسجيل مصور بث على موقع "يوتيوب". وقال الطفل في التسجيل إن والده يتواجد في المغرب، ولديه إقامة لأن زوجته مغربية. إلا أنه لم يحصل على تأشيرة بعدما تقدم والده بطلب الحصول عليها ثلاث مرات، وقد رفضتها السلطات. وحتى اليوم، لم يدخل حيدر إلى المغرب، ولم تعلن السلطات في الرباط عن أي جديد بقضيته.

تسجيل مماثل ظهرت فيه امرأة مع أطفالها الأربعة، مطالبة بالحصول على تأشيرة دخول وخصوصاً أنها متزوجة من رجل مغربي، على الرغم من أن القانون المغربي يسمح للأبناء من أب مغربي وأم أجنبية الحصول على الجنسية المغربية، كما يمنح الجنسية المغربية للأبناء من أم مغربية وأب أجنبي، شرط الإقامة لمدة خمس سنوات في البلاد. إلا أن الإجراء الجديد يفرض تأشيرة حتى على من يملكون الجنسية المغربية. ويقول أستاذ العلوم السياسية لـ "العربي الجديد": "يندرج هذا الإجراء في إطار ممارسة الدولة سيادتها وفق معايير المعاملة بالمثل والقانون الدولي الذي ينص على كل أشكال الحماية للإنسان والأطفال. في هذا الإطار، لا يسمح لأحد بالخروج عن هذا السقف مهما كانت مبرراته حفاظاً على الأمن القومي".
ويقول رئيس مركز مرصد الشمال لحقوق الإنسان محمد بن عيسى إن فرض التأشيرة على الأطفال يرتبط بالخوف من "تهريب الأبناء من دون موافقة وليّ الأمر، أو وجود نزاعات بين الأهل كالطلاق وإسقاط الحضانة، بالإضافة إلى التحقق من هوية الجميع خشية محاولة الاتجار بهم".

ويقدر عدد اللاجئين السوريين في الأراضي المغربية ما بين 1300 و1500، وفق المرصد. ودخل معظمهم عبر الحدود الجزائرية ــ المغربية، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية بين الطرفين في يناير/كانون الثاني عام 2014، وقد اتهمت المغرب الجزائر بترحيل السوريين إلى أراضيها. وتحاول بعض المجموعات الدخول إلى مليلية المحتلة عبر الحدود الإسبانية، من خلال اقتحام السياج الحدودي، أو اللجوء إلى المهربين الذين يعمدون إلى نقلهم بالسيارات في مقابل الحصول على المال. ولم تسجل أي حالة غرق لسوريين قبالة الشواطئ المغربية، بحسب بن عيسى.
أما الذين استقروا في المغرب، فقد حصل 400 شخص منهم على حق الإقامة، الأمر الذي قد يمكنهم من إيجاد فرص عمل في المستقبل. ويشير بن عيسى إلى محاولات تقودها جهات حكومية بالشراكة مع بعض المنظمات غير الحكومية، من خلال برنامج يسمح للمهاجرين من الاستفادة من التعليم والصحة والسكن، بالإضافة إلى تسجيل عدد من الأطفال في المدارس المغربية ليتابعوا تحصيلهم العلمي.

اقرأ أيضاً: سوريّون في الجزائر.. العين هنا والقلب هناك