مدارس مصرية... مبانٍ متهالكة وجحور ثعابين

مدارس مصرية... مبانٍ متهالكة وجحور ثعابين

27 سبتمبر 2015
يتوجّان إلى مدرستهما غير آبهَين بما ينتظرهما (الأناضول)
+ الخط -

عقب إجازة عيد الأضحى، ينطلق اليوم العام الدراسي الجديد في مصر. وفي حين أعلنت الحكومة المصرية جاهزيتها لاستقباله، إلا أن الواقع يؤكد أن أكثر المدارس في المحافظات قديمة، ومبانيها متهالكة ومعرضة للانهيار فوق رؤوس التلاميذ في أية لحظة. كذلك، تفتقر إلى أسوار ومقاعد وشبابيك، بينما تحيط بها القمامة. أيضاً، تحوّل أكثرها إلى ملاجئ للكلاب الشاردة والزواحف والثعابين السامة، مما يعرض حياة التلاميذ للخطر.

وتبرز مخاوف من استمرار حال العام الماضي، عندما كان التلاميذ يتكدّسون في بعض تلك المدارس، وبضطرون مثلاً إلى قضاء حاجتهم في محيط تلك المنشآت، التي تخلو من دورات مياه تصلح للاستخدام البشري. وأكثر المدارس التي تعمل بدوامَيْن، لم تشهد أية صيانة منذ عشرات السنين. وقد ظهرت بعض الشروخ في جدران الأبنية والأسوار، في حين تحوّل العديد منها إلى كاراجات، وأنشأ البعض مقاهيَ أمام مداخلها وبموازاة أسوارها.

وبعدما أكّدت وزارة التربية والتعليم أن المدارس كلها على أتمّ الاستعداد لاستقبال التلاميذ في العام الدراسي الجديد، وأعلنت في وسائل الإعلام أن مديري المدارس انتهوا من أعمال الصيانة البسيطة والشاملة، كانت جولة لـ "العربي الجديد" على عدد من مدارس محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) للتأكد من أوضاع مدارسها.

هنا، يبدو أن الحشرات والكلاب والقطط الشاردة والثعابين سوف تستقبل التلاميذ في مدارسهم مع بداية العام الدراسي الجديد في عدد لا بأس به من المدارس، بينما تحوّل محيط بعضها إلى مكبّات قمامة كبيرة. ويشير بعض الأهالي إلى أنهم يعمدون إلى رشّ المدارس بالمبيدات على حسابهم الخاص، حرصاً على حياة أولادهم. إلى ذلك، تحوّل محيط بعض مؤسسات تربوية أخرى إلى ورش ومواقف عشوائية للميكروباصات، مثلاً، بالإضافة إلى أن أسوارها وجدرانها غطيت بإعلانات خاصة ببيع الأراضي والوحدات السكنية والشعارات الانتخابية.

وعلى الرغم من الحديث عن الصيانة، إلا أن صنابير المياه، في عدد من المدارس، غير صالحة للاستخدام وفي حاجة إلى صيانة، فضلاً عن عدم نظافة دورات المياه والمجاري الطافحة دائماً. وهو ما يشكّل خطراً على صحة التلاميذ. في الإطار نفسه، تعدّ العشرات من المدارس آيلة للسقوط، خصوصاً في المناطق الشعبية، مع افتقارها إلى مساحات للراحة مثلاً، في حين أصبح عدم توفّر المقاعد ومستلزمات الصفوف الأخرى أمراً عادياً.

اقرأ أيضاً: مدارس مصر وسط المجاري

لا يختلف واقع المدارس الحكوميّة في المحافظات الأخرى، عما هو في مدارس القاهرة الكبرى. وكان عدد كبير من الأهالي والمدرسين والإداريين قد تقدّموا بشكاوى إلى المسؤولين منذ انتهاء العام الدراسي الماضي، مطالبين بإنقاذ أطفالهم من كوارث المدارس وعدم تكرار مسلسل العام الماضي الذي راح ضحيّته أكثر من 15 تلميذاً ضحية الإهمال وسقوط نوافذ وأبواب عليهم. وفي هذا السياق، أوضح العديد من مديري المدارس في شكاواهم أن المدارس تستقبل التلاميذ وهي خالية من المقاعد مثلاً والإضاءة للدوام المسائي. لكن، ما من مجيب. وقد احتفظ بعض هؤلاء بنسخ عن تلك المذكرات لمواجهة أي مسؤول في حال وقوع كارثة.

في هذا الإطار، يؤكد ياسر سعيد وهو ناشط في المجتمع المدني على أن "وضع المدارس في مصر لا يليق بالبشر، وأن عدم الاهتمام بالمدارس هو وراء انتشار ظاهرة التسرّب المدرسي". يضيف: "التعليم هو قاطرة التقدّم في أيّة دولة من دول العالم، ومصر ما زالت تتعامل مع نظم التعليم بطرق القرون الوسطى"، مطالباً الدولة بالاهتمام ببناء المدارس لتشجيع الأهالي على إرسال أولادهم لتلقي العلم بدلاً من (تطفيشهم)".

ويقول سعيد: "على الرغم من أننا في القرن الحادي والعشرين، إلا أن ثمّة مدارس مبنيّة بالطوب الأبيض في بعض القرى النائية، وأسقفها ألواح من الصاج (نوع رديء من الألومنيوم). وفيها، يواجه تلاميذها البرد القارص ويعانون من هطول الأمطار". ويشير إلى أن "بعض المدارس خالية من أية وسائل تعليمية، وهي بلا أبواب ولا شبابيك ولا إضاءة. من جهة أخرى تعاني من تخاذل المسؤولين أمام البلطجية، الذين يسيطرون على أسوار المدرسة ويحولونها إلى ساحات انتظار أو مقاه. وقد حوّلوا بعضها إلى مواقف لركن السيارات". ويعود سعيد ليشدّد على أن "المدارس تفتقر إلى أدنى المتطلبات، وهي دورات المياه"، سائلاً: "كيف يصمد التلميذ أو التلميذة أكثر من ست ساعات؟".

أمام هذا الواقع، يجد أولياء أمور كثر أنفسهم أمام تحدٍّ كبير وهو إلحاق أولادهم بتلك المدارس على الرغم من كلّ عللها، إذ إن تلك الخاصة هي لميسوري الحال. ويبقى الأطفال هم الضحايا.

اقرأ أيضاً: "بزنس" مزدهر و"سرقة واستغلال"

المساهمون