الزواج "الجمهوري" في السودان يحل أزمة العنوسة

الزواج "الجمهوري" في السودان يحل أزمة العنوسة

03 اغسطس 2015
حفل زفاف في الخرطوم (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

باتَت تفاصيلُ جديدة تضاف إلى مراسم الزواج في السودان. أبرزها إعداد حفلات تكاد تكون أشبه بمهرجانات. ولا يبالي العروسان بصرف كثير من المال، علماً أنهما يمضيان سنوات في سداد الديون. لطالما عرف السودانيون "الشيلة" في الزواج، وهي الملابس التي يقدمها العريس لعروسه قبل فترة من الزفاف، وقد يصلُ عددها إلى مائة قطعة من الملابس والأحذية والحقائب وغيرها من احتياجات العروس الأساسية، بما فيها أدوات الزينة والحلي، بالإضافة إلى المهر.

في الآونة الأخيرة، صار السودانيون يتبارون لدفع مهور عالية، وقد تفوق قيمتها أحياناً المائة مليون جنيه سوداني (نحو 174 ألف دولار). ومن خلال الشيلة، يمكن للعروس فتح محل ألبسة. أما الذهب، فقد تصل قيمته إلى نحو عشرين ألف دولار، عدا عن استئجار صالة للزواج عادة ما تكون كلفتها عالية، بالإضافة إلى طلب حضور فنان ليغني ثلاث ساعات فقط، وهو الوقت التي تسمح فيه السلطات لإقامة حفلات في البلاد، أي حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً.

وإثر ذلك، تراجعت نسبة الزواج في البلاد، وخصوصاً أن الشباب يعمدون إلى تقليد بعضهم البعض حتى بلغت نسبة العنوسة في البلاد، وفقاً لوزارة الشباب والرياضة، 20 في المائة، في وقت أكدت منظمات المجتمع المدني أن نسبة العنوسة وسط الشباب ارتفعت إلى أكثر من 35 في المائة.

إلى ذلك، عمد الحزب الجمهوري السوداني، وهو حزب إسلامي محظور في السودان على الرغم من تزايد عدد أنصاره، إلى تبسيط الزواج، على أن تتنازل المرأة عن حقوقها باتفاق مع الزوج في ما يتعلق بـ "الشيلة" والمهر الذي حدد بجنيه واحد (0.17 دولار) فقط، من دون الحاجة إلى شراء ملابس جديدة أو أثاث جديد. أما مراسم الزواج، فتكون في خيمة على مقربة من منزل العروس. ويدعو العروسان الأهل والأصدقاء والجيران، ويوزع التمر والمياه وعصير الكركدي. وتحرص العروس على حضور عقد قرانها، ولا ترتدي فستان الزفاف بل الزي القومي، فيما يرتدي العريس جلابية سودانية ويحرص أصدقاؤهما من الجمهوريين على ارتداء الزي القومي الأبيض. وتتضمن وثيقة العقد ما يعرف بشروط الكرامة للعروس، أهمها التزام العريس بعدم الزواج بأخرى، فضلا عن العصمة المشتركة ما يعني أنه لها الحق في تطليق نفسها.

اقرأ أيضاً: السودانيات يبيّضن بشرتهن 

تقول أم كلثوم التي تنتمي إلى هذا الحزب إنني "تزوجت بهذه الطريقة، وتعرضت لانتقادات من عائلتي التي تتمسك بطريقة الزواج التقليدي، وتعتقد أن المهر يرفع قيمة الفتاة لدى الرجل. لكنني أصريت على موقفي ووجدت تجاوباً من أصدقائي من غير الجمهوريين". ترى أن "تبسيط الزواج أفضل من أن يقضي العروسان العمر كله في التحضير لليلة واحدة، يصرفان فيها كل ما يملكان".

من جهته، يؤكد أمجد لـ "العربي الجديد" أنه "مفتون جداً بزواج الجمهوريين، ويراه مميزاً وراقياً". يتمنى أن يعمم. يحكي عن تجربته، قائلاً إنه مضى ثلاث سنوات على خطوبته من دون أن يتمكن من الزواج لأنه ما زال يعمل على تأمين مصاريف الزفاف وتجهيز المنزل، ولا يعلم كم سنة أخرى يمكن أن ينتظر بعد.

في السياق، يقولُ عضو الحزب الجمهوري عيسى إبراهيم لـ "العربي الجديد" إن الزواج عند الجمهوريين يستند إلى الشريعة الحنفية والشافعية، وتعطى المرأة حقها باتفاق بين الزوجين، بهدف تسهيل الزواج. وعادة ما لا تطول فترة الخطوبة. ولعقد الزواج هناك أربعة شروط، هي المحل والولي والشاهدان والمهر. ويشدد في وثيقة الزواج على صون كرامة المرأة، على ألا يتزوج الرجل عليها، وتكون العصمة في يد كليهما، وذلك استناداً إلى مذاهب الشافعية والحنفية والمالكية.

ويؤكد إبراهيم أنه لا يحضر لأي وليمة، باستثناء تقديم التمر والعصائر. وفي اليوم التالي، يمكن للعروسين الذهاب إلى العمل من دون التقيد بشهر العسل. أيضاً، يمكنهما التسوق، وذلك دليل على أن تبسيط الزواج يساهم في إنهاء العزوبية التي تفاقمت بسبب التعقيدات التي تصاحب مراسم الزواج، الذي قد يستمر لأيام عدة، وتصرف فيه أموال طائلة، فضلاً عن البذخ بحجة صون كرامة المرأة وعزتها.

إلى ذلك، تقول الباحثة الاجتماعية نسرين محمد إن المغالاة في الزواج والتقليد الأعمى هما سبب أساسي في عزوف الشباب عن الزواج وتخوفهم من الإقدام عليه. وترى في زواج الجمهوريين نموذجاً يمكن أن يؤخذ به مع بعض التحسينات التي تراعي طبيعة المجتمع السوداني الذي يعلي شأن الذكور. وتؤكد أنه مع ازدياد البذخ وصرف كثير من المال في حفلات الزفاف، ترتفع نسبة العنوسة.

اقرأ أيضاً: "البطان" لإثبات الرجولة 

دلالات