كان يا ما كان.. سياحة صحيّة في لبنان

كان يا ما كان.. سياحة صحيّة في لبنان

04 يوليو 2015
كانوا يقصدون لبنان للعلاج والخضوع لعمليات جراحيّة دقيقة (Getty)
+ الخط -
في ظل الأزمة التي يمرّ بها لبنان، لم يعد مستشفى الشرق، ولم تعد للسياحة الصحية مكانتها ووزنها كما في السابق. أما الأسباب فمتعددة، وأبرزها تلك الأمنية، ليليها الوضع الاقتصادي المتردّي. وتتجه اليوم الأنظار نحو الأردن الذي أصبح من رواد الاستشفاء والطبابة والعلاج.
وكانت السياحة الصحية في لبنان قد ازدهرت مع بداية القرن العشرين، ليحظى بلقب "مستشفى الشرق الأوسط". هذا ما كان، في حين أن الصراعات ما بين المستشفيات والمؤسسات الضامنة تتنازعه اليوم، وقد أرخت بثقلها على جودة الاستشفاء والطبابة. تجدر الإشارة إلى أن السـياحة الصحية تؤمّن للمستشـفيات العالمية 30% من موازناتها.

يمكن القول إن موقع لبنان على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ساهم في دعمه سياحياً، نظراً لقربه من دول الشرق والغرب بالإضافة إلى مناخه المعتدل والمناسب للصحة. وهو ما دفع في السابق إلى وضع استراتيجيات تهدف إلى الترويج له كمركز متقدّم للسياحة الصحية في الشرق الأوسط والعالم، والتوجه إلى توقيع بروتوكولات مع بلدان عربية لاستقطاب المرضى واستقبالهم بشكل منتظم.

"السياحة الصحية في لبنان.. وداعاً". بهذه الكلمات ينعى نقيب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، في حديث إلى "العربي الجديد" هذه السياحة. يقول: "في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وعبء تكاليف الاستشفاء، وتراكم الديون الاستشفائية، واللجوء السوري، والحملة الإعلامية على القطاع الاستشفائي، والتصوير بأن مستوى الاستشفاء بات دون الحدّ الأدنى بفعل تراكمات الأخطاء الطبية، وفسخ العقود مع بعض المستشفيات بدلاً من التدقيق في العمق بما يجري على أبواب المستشفيات وتحويل المخالفات إلى قضاء مختص في الشؤون الصحية كي يكون الحكم عادلاً... في ظل هذا كله، من الصعب جداً التحدث عن سياحة صحية سليمة تشبه ما كان عليه الوضع سابقاً". يضيف: "اليوم، وبكل أسف، تبيّن لنا في المؤتمر الأخير حول السياحة الصحية في البلدان العربية، أن الأردن أصبح حالياً مستشفى الشرق بدلاً من لبنان".

ويتابع هارون: "أما نحن، فنهدم هذا القطاع الاستشفائي بفعل السياسات الصحية الخاطئة وتأخير دفع المستحقات. إذا كانت الدولة عاجزة في هذا المضمار، يتوجّب عليها على أقل تقدير، أن ترسم خطة إنقاذية لدعم السياحة الصحية. عندها، نستطيع استقبال 250 ألف سائح أجنبي، وبالتالي ننعش الوضع المالي المتأزم الذي نعيشه وتخفّ وطأة المطالب المستمرة لدفع المستحقات في أوانها". ويؤكد أن "الوضع الحالي لا يبشّر بالخير، في حال استمرّينا على هذا المنوال.. سوء التفاهم ما بين الدولة والقطاع الصحي".

من جهته، يكتفي نقيب الأطباء، البروفسور أنطوان بستاني، بالردّ على سؤال "العربي الجديد" حول الموضوع قائلاً: "ليس عندي أي تعليق على السياحة الصحية في هذه المرحلة الدقيقة، التي يمرّ بها لبنان. كل شخص مسؤول يرى الوضع من منظاره".

أما النقيب السابق، البروفسور شرف أبو شرف، فيقول إنه "بالرغم من كل الثغرات، ما زلنا بأفضل حال، خصوصاً مع المستشفيات الجامعية التي تحافظ على جودة الطبابة والاستشفاء. كذلك، ما زال العرب وخصوصاً من الخليج، يقصدون لبنان للعلاج والخضوع لعمليات جراحية دقيقة أو عمليات تجميل. هي الأرخص كلفة والأفضل جودة بين دول الجوار".

بالنسبة إلى مستشار وزير الصحة العامة، وائل أبو فاعور، الدكتور بهيج عربيد، وهو عضو في اللجنة الوطنية للسياحة الصحية، فإن "السياحة الصحية في لبنان تتراجع للأسف وسط الظروف الراهنة لا سيما تلك الأمنية الدقيقة. إلى ذلك، لم تعد شركات التأمين تضمن السياح العرب، نتيجة الوضع المتردي. لذا، نحن بحاجة إلى دعم كبير وعمل متواصل للنهوض بهذه السياحة من جديد". ويتابع أن "الأنظار تتجه اليوم إلى الأردن حيث السياحة الصحية نشطة وتؤمّن إيرادات طائلة لخزينة الدولة. وحتى نستعيد مكانتنا، لا بدّ من وضع أسس تنظيمية وآلية ضبط ورقابة على المستشفيات لكي تتمكن من تقديم الخدمات الصحية الاستشفائية على أكمل وجه".

إلى ذلك، يعرب رئيس اللجنة النيابية الصحية، الدكتور عاطف مجدلاني، عن قلقه على مصير القطاع الصحي في لبنان في ظل غياب أي دعم للسياحة الصحية. ويقول: "كل شيء اليوم إلى تراجع، ولم يعد بإمكاننا إنعاشها من جديد في ظل التدهور الاقتصادي".

إقرأ أيضاً: طبيب العائلة قائد الأوركسترا

المساهمون