الفصام العربي

الفصام العربي

24 يوليو 2015
تعيش عدد من الدول العربية إحباطات (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

الفُصام، أو ما يطلق عليه الأطباء مرض "الشيزوفرينيا" داء معروف. ربما هو غير شائع، وربما أعداد المصابين به ليست كبيرة، مقارنة بأمراض أخرى، لكن بعض الدراسات تؤكد ارتفاع أعداد المصابين بالفصام حول العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
ويفسر العلماء ارتفاع أعداد المنفصمين بتوفّر مسببات المرض بشكل أوسع مما كانت عليه في السابق، إضافة إلى تطوّر الخدمات الطبية للكشف عنه، وتحديث إحصائيات الأمراض المنتشرة، ما يتيح للعلماء والباحثين الحديث بالأرقام عن التطوّر بالزيادة أو النقص.

لكن نظرة سريعة على الأسباب الشائعة لزيادة انتشار الفصام بين البشر تمنح دلالات خطيرة، فبين أبرز الأسباب الإحباط والفشل، وبينها الحرمان في مرحلة الطفولة، وبينها العاهات المستديمة الناتجة عن حوادث أو اعتداءات، كما أن بينها بمستويات أوضح الفقر والبطالة وانعدام المأوى.

والواقع أن تلك الأسباب متوفرة بمستويات مختلفة في معظم دول العالم الثالث، وخاصة دول المنطقة العربية، حيث تعيش عدد من الدول العربية، إحباطات متتالية على مدار العقدين الأخيرين، وتشهد بعضها فشلاً سياسياً واقتصادياً يؤدي بالتبعية إلى فشل مجتمعي، وتعيش نسبة كبيرة من مواطني الدول العربية تحت خط الفقر، كما أن حقوق الطفل العربي ضائعة أو متدنية، في حين أن مئات الآلاف في دول عربية قد أصيبوا بعاهات دائمة أو أمراض خطيرة.
كل أسباب الفصام متوافرة تقريباً في منطقتنا العربية، يضاف إليها حالة من غياب الوعي والتضليل الرسمي التي تزيد الطين بلة.

لكن الأكثر خطورة في قضية الفصام هو رد فعل المصاب، فوفقاً لكونه مضطرب التفكير والانفعال والسلوك، فإن هذا يؤدي إما إلى اضطراب الأفكار وعدم وضوح الرؤية، وصولاً إلى الشعور بالهلاوس، ثم الانطواء والنكوص، وكلها أمور تضرّ المصاب نفسه أو المقربين منه. وإما إلى الإدمان لتجاوز الفشل في التفكير أو التغلب على المشكلات من خلال الهرب إلى الخيال أو تغييب العقل، وإما إلى اللجوء للسلوك العنيف في مواجهة كل من حوله، ما يجعل المصاب بالفصام خطراً على المجتمع كله.

وبينما يمكن للشخص العادي بقليل من المعرفة أن يشخص الإصابة بالفصام، إلا أن الحديث عن المرض الخطير في الثقافة العربية نادر، وربما لا يتناوله أحد في وسائل الإعلام، حتى أن التجارب الدرامية القليلة التي تناولته لم تكن بالمستوى اللائق بخطورة المرض، خاصة مع تفاقمه بسبب الأوضاع السياسية القائمة.
يبقى أن مسؤولية الحكام عن انتشار المرض تهمة ثابتة بسبب توفيرهم كل أسبابه، وربما بعض الحكام أنفسهم مصابون بالفصام.

اقرأ أيضاً: فستان العيد

المساهمون