لغتنا المهددة بالزوال

لغتنا المهددة بالزوال

01 يوليو 2015
لغات مقدسة باتت تقتصر على الطقوس الدينية (Getty)
+ الخط -

تثير طالبة في الجامعة اللبنانية مسألة الحرفين العربي واللاتيني. فقد اختارت الحرف اللاتيني الذي تتواصل به يومياً مع زميلاتها، لكتابة الخطوط العامة لبحثها العربي. واقتصر استعمالها العربية على شرح المضمون.

في أواسط الستينيات، دعا الشاعر اللبناني سعيد عقل إلى استبدال الحرف العربي بالحرف اللاتيني، فقامت القيامة عليه ولم تقعد. حملة خاضها القوميون واليساريون والعروبيون من كل نوع ضده، مع أنّ أحداً منهم لا يشكك بشاعريته. رد يومها على الحملة بأنّ الحرف اللاتيني سيفتح أمام اللغة العربية آفاقا كونية ويحررها من التعقيدات القواعدية. ولم تشفع له هذه المرافعة، إذ اُعتبر- في حينه- يطالب بتبرير لمزيد من تبعية المنطقة لدول الاستعمار الغربي الزاحفة عليها. لم يكتب لفكرة الشاعر عقل أن تنمو أكثر من مجرد دعوة لم يجد من يتبناها، وظلت أسيرة جدل محدود الدوائر سرعان ما تجاوزه الزمن، خصوصاً أنّ معركة التعريب يومها كانت تخاض من خلال نخبة من أساتذة الجامعة اللبنانية وغيرهم من المثقفين.

نجح هؤلاء في تعريب مواد الفلسفة وعلم الاجتماع والنفس والأنتروبولوجيا وغيرها في المدارس والجامعات. وصدرت حينها وبعدها عشرات بل مئات الكتب والأبحاث في هذه التخصصات، التي كان البعض يعتبر العربية قاصرة عن الإحاطة بها والتعبير عن مكنوناتها. إذاً لم تظهر لغتنا قاصرة عن التدريس والبحث في هذه العلوم.
بالتأكيد الموضوع أكبر من حروف لاتينية، إذ يطال اللغة العربية كهوية لشعب من جذورها، وقد يكون المدخل هو استبدال الحروف. أكثر من ذلك يمكن أن تزول اللغة العربية من الوجود. هذا ليس من باب المبالغة أو التخويف، فالأونيسكو ومئات الباحثين والعلماء العرب قالوا مثل هذا الكلام في مؤتمرات وندوات منذ سنوات طويلة.

والحقيقة أنّ الكثير من اللغات تندثر، ولا ينفع القول إنّ اللغة العربية لغة مقدسة لنزول القرآن
بلسانها، ووجود منوعات واسعة من العلوم الشرعية مكتوبة بخطها. فالكثير من اللغات المقدسة باتت تتلى في مراكز العبادة والطقوس الدينية فقط.
في عصر العولمة تصبح نظرية داروين البقاء للأقوى هي السائدة من دون منازع. فالمعدل السنوي لاندثار اللغات كما تقول وثائق الأونيسكو هو 25 لغة من أصل 6 الآف لغة موجودة على هذا الكوكب. ونصف العدد الإجمالي سينقرض مع نهاية القرن. البعض يتحدث عن ذلك التاريخ كموعد لنهاية اللغة العربية، والبعض الآخر يقصّر المدة إلى 50 عاماً. وهذا ما يفتح الحديث وينكأ الجراح.
(أستاذ في كلية التربية – الجامعة اللبنانية)

اقرأ أيضاً: لغتنا الجميلة

المساهمون