عودة "سفينة نوح"

عودة "سفينة نوح"

05 يونيو 2015
الأطفال والكلاب ينصتون (حسين بيضون)
+ الخط -

عادت الحياة إلى مكتبة "سفينة نوح" في شارع أبو طالب في العاصمة اللبنانية بيروت بعد عامَين من إقفالها، وقد أثارت الأضواء في المكتبة وأصوات الكلاب استغراب الجيران والمارة. على مدى أيام، استمرت أعمال التنظيف قبل الموعد المحدد لإطلاق كتاب "بيروت" للكاتبة والناشرة رانيا زغير، بالتعاون مع الرسام إتيان بسترماجي.

اختارت زغير المكتبة التي تخصصت طوال عشرين عاماً في أدب الأطفال لإطلاق كتابها الجديد الذي يتوجّه إلى هؤلاء، "في محاولة لإعادة الروح إلى المكتبة التي عرّفت آلاف اللبنانيين إلى ذلك الأدب، وكانت رائدة في تقديم المؤلفات العربية الموجهة للأطفال إلى أن أغلقت أبوابها في عام 2013 نتيجة ضعف الإقبال".

يتناول الكتاب "قطرة إحساس" التي وصلت إلى المدينة الحديدية الصدئة عبر "منطاد الضحك"، وتسللت إلى معمل الصابون لتشكيل فقاعات الفرح التي انتشرت في أرجاء المدينة وأعادتها إلى الحياة.

لم تشأ زغير أن يكون توقيع الكتب في حفل تقليدي، "بل عبر سلسلة نشاطات لتشجيع القراءة وتزيينها للأطفال في خلال أسبوع يتضمّن فقرات مطالعة صباحية ومسائية غير تقليدية. لكن عدم تفاعل إدارات المدارس مع المشروع وتذرّعهم باقتراب موعد الامتحانات، دفعنا إلى حصر البرنامج بالفقرات المسائية فقط".

وفي إطار "اختراع الأمل بإعادة حب المطالعة إلى الأطفال"، اختارت زغير إقامة نشاطين غير تقليديين. الأول هو جلسة مطالعة للأطفال مع كلاب أليفة من جمعية "أنيمالز ليبانون" والثاني حفلة قراءة بملابس النوم. وبالفعل حضر الكلاب على الموعد. تنوّعت فصائلها بين الهاسكي الكبير والكوكابو الصغير. اختلفت حماسة الكلاب في نزول الدرج باتجاه إحدى قاعات المكتبة، وأثارت ضحكات الأطفال المرتفعة اضطرابها. لكن بعد وقت قصير، تآلف الجميع وجلس الأطفال والكلاب جنباً إلى جنب على بساط واحد في وسط القاعة للاستماع إلى قصة رانيا، وذلك في ضوء الشموع التي زيّنت رفوف المكتبة الفارغة.

بعدما خذلت المدارس زغير، اقتصر الحضور على عدد من معارفها وأصدقائها الذين أحضروا أبناءهم على اختلاف أعمارهم حتى الخمس سنوات، ترافقهم المربيات اللواتي خاطبنهم طوال فترة القراءة باللغة الفرنسية. فاختلط صوت رانيا المرتفع وهي تقرأ بالفصحى بأصوات المربيات ونباح الكلاب التي عبّرت عن حماستها للاستماع إلى القصص.

وفي يوم الافتتاح، لم تكتفِ زغير بتوقيع الكتاب، بل عمل الأطفال الذين حضروا على بناء مجسّم للمدينة الصدئة وتلوينه لإعادة الحياة إليها، "في محاولة لتعميق المعنى الموجود في النص من خلال البناء التفاعلي".

من جهتها، حضرت مالكة المكتبة ليلى بساط النشاطات وبدت الفرحة على وجهها وهي تشاهد الأطفال المنهمكين بوضع الكلاب في أحضانهم الصغيرة وتقليب الصفحات في الوقت نفسه.

وتتحدث بساط لـ "العربي الجديد" عن أسباب إقفال المكتبات الصغيرة في لبنان، وكسر "دورة الكتاب". تلقي اللوم على "ثقافة المتاجر الكبيرة أو الأسواق التي أكلت حصة المكتبات الصغيرة. في التسعينيات مثلاً، كانت دور النشر الكبيرة تصدر الكتب ونبيعها نحن، إلى جانب القرطاسية وإقامة النشاطات الثقافية في مكتباتنا. ومع الوقت، تحولت دور النشر إلى مكتبات عملاقة مرتبطة بالمراكز التجارية الكبيرة، فأخذت منا التخصصات في أدب الأطفال أو الأدب الإنجليزي. كذلك ارتفعت رفوف القرطاسية لديها وانخفض عدد الزوار لدينا". تضيف: "احتكرت العديد من الإصدارات حتى تمت تنحية المكتبات الصغيرة بشكل كامل وإخراجها من دورة الكتاب التي أصبحت محصورة بيد رؤوس الأموال الضخمة".

تجدر الإشارة إلى أن بساط رفضت عدداً من العروض من مطاعم ومقاه، لشراء المكتبة. وفضّلت إبقاءها على حالها، جاهزة لاستقبال نشاط ثقافي بصرف النظر عن حجمه أو هوية زائريه.

كلاب لتسهيل القراءة

تشير رانيا زغير إلى أن لجمع الأطفال مع حيوانات أليفة، ولا سيّما الكلاب، مجموعة فوائد، ومنها "معالجة مشكلة تعثّر النطق لدى الأطفال، الذين لن يشعروا بالخجل من أنفسهم في حال تعثّروا ببضعة أحرف وهم يقرأون لكلابهم. يضاف إلى ذلك بناء علاقة مع الحيوان والتخلص من رهاب الطبيعة، الذي يعاني منه معظم أطفال الجيل الجديد، وكذلك تعزيز مناعة الصغار".

اقرأ أيضاً: رِن رِن يا جرس