موجات نزوح وخوف وهلع في مدن اليمن

موجات نزوح وخوف وهلع في مدن اليمن

05 ابريل 2015
الشوارع خالية من الحركة (العربي الجديد)
+ الخط -

"لم يعد أحد يفكر في شراء الحلوى هذه الأيام، لقد ماتت حركة البيع والشراء، كل شيء توقف وتعطل"، هكذا يشكو ماجد عبدالله الذي يعمل محاسباً مالياً لدى أحد أشهر محلات ومخابز بيع الحلويات في العاصمة اليمنية صنعاء، مشيراً إلى أنه بات يتمنى أن يجمع في نهاية عمله مساء 25 في المائة مما كان يحصّله قبل سبعة أيام.

فحتى ثامن أيام عمليات "عاصفة الحزم"، بدت شوارع صنعاء خالية تماماً من الحركة، وحتى من المارة ووسائل النقل، كما ارتفعت موجات نزوح من تبقى من السكان، والذين قرروا العودة إلى محافظاتهم ومناطقهم، بعد أن توقفت الأعمال الخاصة والحكومية بشكل كامل. فالمحلات التجارية على امتداد شوارع كاملة وقت الظهيرة كانت مغلقة، ومعها عدد من محطات البنزين والتي ينذر إغلاقها بأزمة وقود قادمة.

محمد السالمي (42 عاماً) لديه عربة متحركة لبيع ملابس الأطفال، وجدناه يركن عربته على  رصيف أكثر شوارع صنعاء المعروفة بالازدحام. إنه لا يستوعب أين ذهب الناس منذ أسبوع، ويتذكر كيف كان يأتي وقت العصر ويتوقف في شارع يكتظ بحركة المرور، وزحام النساء اللواتي يخرجن مع أطفالهن للتسوق. ويشبّه الحاج محمد الحركة في السوق الآن، بالحركة الفارغة "وكأننا في أول أيام شهر رمضان".

أصوات الغارات وعاصفة الغبار التي اقتحمت صنعاء، مساء الخميس الماضي، كانت العنوان الأبرز الذي يخطر ببال عرفات البدري، أحد المواطنين الذين لا يزالون يسكنون في صنعاء، حيث أشار إلى أن "أكثر من 20 امرأة من نساء الحي يجتمعن مساء كل يوم في بدروم أرضي، كي لا يتأثر أطفالهن بأصوات الغارات".

ارتفاع الأسعار

محافظة تعز، أكبر المحافظات اليمنية من حيث التعداد السكاني، تشهد، هي الأخرى، هدوءاّ نسبياً في الوضع العام، بحسب عادل المريري، أحد القاطنين في المدينة، الذي يؤكد لـ"العربي الجديد" أنه خلال اليومين الماضيين "ارتفعت أسعار المواد الغذائية الرئيسية بنسبة 10 في المائة عن سعرها الطبيعي، فيما اختفت تماماً الكثير من السلع عند بعض التجار".

ويرجع المريري اختفاء المواد وارتفاع أسعار السلع إلى زيادة إقبال المواطنين على شراء المؤن لتخزينها، ما شجع التجار على احتكار المواد ورفع الأسعار، رغم أن الكميات متوفرة، بحسب تصريحات الجهات الرسمية.


وقال مصدر أمني لـ"العربي الجديد" إنه مع بداية نهار الخميس، تم التحرك فعلاً من قبل الجهات الأمنية بعد تشكيل حملة لضبط المخالفين من التجار، وأوضح أنهم ضبطوا ستة من التجار المخالفين و"ستستمر الحملة لمراقبة بقية المخالفات".

 مأساة حقيقية    

لا يختلف الحال في محافظة عدن الجنوبية، حيث يعيش المواطنون حالة من الهلع والخوف، خصوصاً في منطقة خور مكسر، والتي تجري فيها حرب شوارع بين عناصر الحوثيين وعناصر اللجان الشعبية من أبناء عدن، إذ طالت الاشتباكات المسلحة منازل الموطنين. فقد أشارت الإحصائيات الأولية إلى سقوط ما يقارب 20 قتيلاً وعشرات الجرحى من المواطنين، نتيجة سقوط القذائف التي يطلقها عشوائياً عناصر الحوثيين على المنازل، كردة فعل منهم على ضربات عاصفة الحزم، الأمر الذي دفع عشرات الأسر إلى النزوح عن عدد من الأحياء.

وتحدثت مصادر طبية عن أن المستشفيات التي يتم إسعاف الجرحى فيها تعاني نقصا كبيرا في الأدوية، لا سيما تلك الخاصة بالعمليات الجراحية والأكسجين، مشيرة إلى أنه لم تعد هناك مستشفيات في المدينة تتسع لاستقبال مزيد من الضحايا.

وفي نفس الاتجاه، أوضح محمد سالم، صاحب محل تجاري، لـ"العربي الجديد" أن بعض القذائف أدت إلى إحراق عدد من المحال التجارية المجاورة لمحله في خور مكسر، مشيراً كذلك إلى أن المواطنين يعانون نقصا كبيرا في المواد الغذائية، بسب الأوضاع.


ودخلت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت جنوب اليمن، على خط الأزمة اليمنية أخيراً. وبحسب الناشط الشبابي عبدالله بامسيعد، فإن المواجهات التي اندلعت منتصف ليل الجمعة الماضي بين عناصر تنظيم القاعدة والجيش، أدت إلى نزوح عدد كبير من سكان "حي الشهيد خالد" الواقع شرق مدينة المكلا بالقرب من ميناء المكلا، نحو المساجد والبيوت الآمنة القريبة منهم، نتيجة إصابة منازل المواطنين المطلة على الشارع العام للحي بأضرار مادية كبيرة.

وقال بامسيعد إن الانفجارات التي استهدفت القصر الجمهوري في المكلا أيضاً ومبنى شرطة النجدة، أعقبها تبادل إطلاق نار، جعل المواطنين الذين يسكنون بالقرب منها يعيشون حالة من الهلع والخوف.

وفي اتصال هاتفي بمصدر طبي، حصل "العربي الجديد" على حصيلة أولية للقتلى من المدنيين، حيث توجد إفادات عن مقتل 3 مواطنين وعشرات المصابين الآخرين، والذين تم نقلهم إلى مستشفى ابن سينا المركزي لتلقي العلاج.

هكذا يعيش المواطنون في العديد من المحافظات اليمنية، التي تشهد أجواء حرب حقيقية، يوماً بعد آخر، وتتوسع رقعة الأزمة الاقتصادية للمواطنين، وهو أكثر ما يثير المخاوف من أزمة إنسانية حقيقية.