سلفيو البحرين من نانسي عجرم إلى جمانة حداد

سلفيو البحرين من نانسي عجرم إلى جمانة حداد

20 مارس 2015
جمانة متهمة بالإلحاد
+ الخط -
(مدارات خليجية)

اشتعل الجدل في الشارع البحريني مع قرب استضافة هيئة الإعلام الكاتبة اللبنانية جمانة حدّاد، ضمن فعاليات مهرجان "ربيع الثقافة" السنوي.

الخبر معلن منذ فترة، لكن الحملة المناهضة لاستضافة حدّاد بدأت مع اقتراب موعد حضورها إلى البحرين، واستهل الحملة النائب محسن البكري، إذ أصدر بياناً اعتبر فيه الاستضافة: "ضرباً لعقيدة أهل البحرين وإيمانهم الراسخ، وتعدياً على الثقافة الإسلامية للمجتمع البحريني".

وتحسباً لأية انتقادات مسبقة توجّه إليه، قال إن "اعتبار الإلحاد والإباحية والمجاهرة بهما ثقافة وتطور، أو تقديم دعاة الكفر بوجود الله والمطالبين بتحرير الجسد والرذيلة إلى الجمهور البحريني على أنهم شخصيات مثقفة، هو أمر خطير تقدم عليه هيئة الثقافة"، مطالباً زملاءه في البرلمان "الوقوف ضده ومحاسبة مرتكبيه".

وناشد البكري رئيس الوزراء التدخل لإيقاف ما وصفه بـ"الكارثة التي ستحل على النشء والمجتمع باسم الثقافة"، بحسب تعبيره.

ووجه النائب السلفي سهام نقده إلى هيئة الثقافة، والتي تترأسها وزيرة الثقافة السابقة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، والتي اصطدمت في كثير من مراحل عملها بالوزارة وخارجها، بالتيار الديني، والسلفي خصوصاً، في مناسبات عدة.

وفي معرض نقده اعتبر أن الهيئة "لم تكن موفقة في اختيار برامجها والشخصيات التي تستضيفها، فهي تركض خلف أسماء مصنّعة غربياً دون التمحيص والتدقيق في القيمة الحقيقية لمن تستضيفهم". بل ذهب إلى القول إن "المجتمع اللبناني يلفظ جمانة حداد ويرفضها، في حين تفتح هيئة الثقافة البحرينية أبوابها لها".

التهديد لم يكن متوقعاً أن يجد له صدى على الأرض، فالبرلمان الحالي المكوّن من 40 نائباً، لم يتوقع أن ينساق وراء الحملة، فهناك 36 منهم مستقلون، ونائبان سلفيان ومنبري واحد، بالإضافة إلى نائب واحد من "جمعية الرابطة الإسلامية" (الشيعية).

كما لم يكن متوقعاً أن تجر هذه الحملة أيّ قطاع من الشارع البحريني إلى مواجهات أو مناكفات خارج الفضاء الإلكتروني.

لكن المفاجأة وقعت ظهر الجمعة، يوم الإجازة الرسمية، إذ كتب النائب الإخواني السابق محمد خالد الذي وقّع على بيان منع نانسي عجرم، على حسابه على "تويتر": "صاحب السمو رئيس الوزراء حفظه الله يصدر أوامره بمنع وإلغاء فعالية جمانة حداد. الله أكبر ولله الحمد".

وبعد ساعةٍ غرّدت جمانة: "رئيس الوزراء البحريني يصدر قراراً بمنع الشاعرة جمانة حداد من القدوم إلى البحرين لإحياء أمسيتها. إلى الوراء سر. أراكم بخير يا أصدقائي".


ومهرجان "ربيع الثقافة" مشروعٌ دشنته الوزيرة السابقة قبل سنوات، وكان مثار جدلٍ في الشارع البحريني، بين مؤيد لسياسته في الانفتاح على الخارج، وبين معترض، حتى من قبل الفنانين البحرينيين الذين ينتقدون تهميشهم لصالح الشخصيات والفرق الأجنبية.


المعركة مع نانسي عجرم
والتيار الديني بشقيه السلفي والإخواني، كان له معارك سابقة مع قطاع الثقافة، بدأت برفض استضافة المغنية اللبنانية نانسي عجرم عام 2003، في فترة الوزير السابق نبيل الحمر، وصولا إلى مواجهات متكررة مع الوزيرة مي آل خليفة.

في الواقعة الجديدة، يتكرّر سيناريو المواجهة القديم مع الحكومة، بسبب استضافة المطربة نانسي عجرم، التي قاد التيار السلفي حملة ضدها، وتزعّم الحملة النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل المعاودة، ويومها وقّعَ بياناً مع بعض نواب المنبر الإسلامي، لمنع عجرم من دخول البحرين وإحياء حفل نظمته وزارة الإعلام.

الحملة قادت إلى تفاعل في الشارع، وتناولها بعض خطباء الجمعة، وتفاعلت في صورة اعتصامات واحتجاجات، وانتهت بمواجهة مجموعات شبابية مع الشرطة، سرعان ما تبرأ منها المعاودة، باعتباره لم يدعُ لها، وانتهت الأزمة بوعد أن تلتزم الفنانة اللبنانية بـ"التقاليد من ناحية اللباس المحتشم". واستمرت الحفلة الغنائية ولكن تقلص عدد الحضور إلى النصف، ولم تستمر الحفلة لأكثر من ساعة واحدة مع انتشار أمني كثيف.

الوزيرة والنواب
وكان ملف الثقافة والسياحة من الملفات التي احتك فيها النواب بالحكومة مراراً، كان أشدها الصدام مع الوزيرة مي آل خليفة عام 2012، حين طلب استجوابها بسبب أمسية موسيقية في منطقة المحرق القديمة.

وقاد الاعتراض وقتها إلى اعتصامٍ عشرات أمام المكان الذي أقيم فيه الحفل، ما استدعى تدخل الأمن. وتحت قبة البرلمان تصدّت آل خليفة بعنف، وقالت كلمتها المدوية: "الشرهة عليكم ما فيكم رياييل"، (العيب عليكم فليس بينكم رجال). ما استفز النواب وأثار عاصفة من الاعتراضات، وطالبو باستجوابها، معلنين مقاطعة الجلسات ما لم تقدّم اعتذاراً.

الحكومة تحفظت على الاستجواب، وحاولت تمرير تسوية سريعة للوضع، فأعادت النواب برفقٍ إلى جلسات البرلمان، من دون أن يحصلوا من الوزيرة على اعتذار.

عوداً على بدء
في المواجهة الجديدة، هاجمت "جمعية الأصالة الإسلامية" (السلفية)، في بيان أصدرته الأربعاء 18 مارس/آذار الجاري، استضافة هيئة الثقافة جمانة حداد، في الفعالية التي تنظمها في أبريل/نيسان المقبل، ونعتت حدّاد بأنها "ملحدة تجاهر بالإلحاد والدعوة للإباحية والزنا"، وأضافت: "أن شعبها اللبناني نفسه لفظها وأجبرها على إغلاق مجلتها التي كانت تروج للإلحاد والإباحية"، في إشارة إلى مجلة "جسد" التي كانت تشرف على إصدارها.



الجدل انتقل إلى مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، وأطلق البعض وسم (#البحرين_لا_ترحب_ بالملحدين) اعتراضا على زيارة حداد، التي عبّرت عبر حسابها على "تويتر" عن حزنها بقولها: "كم يحزنني هذا الهاشتاغ الذي انطلق اليوم ضدي وضد زيارتي للبحرين. يحزنني من أجل مطلقيه لا من أجلي
#البحرين_بيتي_أيضاً".

وطالبت "الأصالة" بمنع دخول حداد إلى البحرين، وهدّدت باللجوء إلى الأدوات المتاحة بمجلس النواب لمحاسبة الوزير المسؤول عن هيئة الثقافة حالياً، وهو وزير الأشغال والبلديات والتخطيط العمراني، عصام خلف، الذي ألحقت بوزارته "هيئة الثقافة" قبل أسابيع فقط، بعدما تم الإعلان عن تحويل وزارة الثقافة إلى هيئة مستقلة تحت قيادة مي آل خليفة.

والجمعية التي تملك نائبين فقط في البرلمان الجديد، توعّدت بالتنسيق مع باقي النواب "لمنع نشر الإلحاد والاحتفاء بالملحدين على أرض البحرين المسلمة الطاهرة"، وأنها "ستوظف في سبيل ذلك كل الأدوات الرقابية الممكنة". بل ذهبت إلى شجب هيئة الثقافة "لاستخفافها بمشاعر أكثر من ألف مليون مسلم وتحدي عقيدة الشعب البحريني بدعوة ملحدة".