خديجة المراكشية تعشقُ صباغة الكراسي

خديجة المراكشية تعشقُ صباغة الكراسي

22 فبراير 2015
قبل نحو تسع سنوات، بدأت خديجة مهنتها (العربي الجديد)
+ الخط -
لم تتصوّر خديجة المراكشية (نسبة إلى مدينة مراكش في جنوب المغرب) أنها قد تصبح يوماً ما مسؤولة عن إعالة طفلها الوحيد. اليوم، تسعى جاهدة إلى توفير جميع احتياجاته. لا تريد منه إلا أن ينجح في دراسته، ويشق طريقه في الحياة، من دون أن يطلب معونة من أحد. كانت قد انفصلت عن زوجها قبل سنوات. بعدها، عرفت أنه يتوجب عليها أن تكون قوية، وتجد عملاً مناسباً، لتتمكن من الاهتمام بابنها كما تريد.

هكذا لم تستسلم خديجة للظروف، واضطرت إلى العمل في مهنة تعدّ حكراً على الرجال، ونادراً ما تختارها النساء. تقول لـ"العربي الجديد" إنه "لم يكن لدي خيار آخر، وكنت مضطرة إلى العمل، فلا يوجد معيل لي أو لابني". تضيف: "حاولت البحث عن عمل على غرار جميع النساء في بلدي، وخصوصاً في مدينتي مراكش. ولأنني لا أملك أية شهادة، كنت مضطرة إلى البحث عن عمل لدى شركات التنظيف، أو الطهي في المطاعم. لكنني لم أعثر حينها على أية وظيفة. فاضطررت إلى الالتحاق بشركة خاصة بصباغة الطاولات المدرسية والكراسي التي عادة ما نجدها في المقاهي أو الإدارات الرسمية".

تتابع: "في ذلك الوقت شعرت بالارتباك: من جهة كنت سعيدة لأنني حصلت على وظيفة بعد طول انتظار، ومن جهة أخرى كنت خائفة من عدم قدرتي على أداء العمل بالحرفية المطلوبة، وخصوصاً أنه لم يسبق لي أن عملت أو حتى رأيت امرأة تقوم بعمل مماثل".

قبل نحو تسع سنوات، بدأت خديجة العمل في هذه المهنة، تعلمت الصباغة على الحديد. بدأت مشوارها في شركة خاصة، حيث تعلمت أصول العمل الذي لم يكن صعباً بالنسبة إليها. تقول لـ"العربي الجديد": "لم أكن أعرف شيئا عن مهنتي. لكنني وجدتها بعد ذلك ممتعة للغاية. صرت أعشق الألوان والصباغة. وأحب وضع اللمسات الأخيرة على المنتج، فأنا الشخص الأخير الذي يصل إليه المنتج، ومهمتي أن أحوله إلى تحفة فنية".

تضع خديجة، التي تعمل حالياً في ورشة خاصة بصناعة الكراسي والطاولات والموائد الحديدية، وغيرها من ديكورات المنازل المصنوعة أيضاً من الحديد، لثاماً على وجهها، بسبب الرائحة القوية لمادة "الفيرني" التي تستخدمها، علماً أنها قد تؤدي إلى مشاكل صحية عدة، منها الضيق في التنفس، وغيرها من المشاكل في حال أكثر العامل من استنشاقها.

بعدما أنهت حديثها، وضعت خديجة اللثام على وجهها مجدداَ، وحملت "الشيتة" (فرشاة الصباغة)، وعادت إلى مكانها لتستأنف عملها. لم تعد تكترث لنظرات الناس التي ما زالت تستغرب عملها هذا. هؤلاء لا يعرفون أنها مسؤولة عن إعالة أسرة.