حرب على المباني العشوائية في تونس

حرب على المباني العشوائية في تونس

28 ديسمبر 2015
ينتظر البعض قرارات التسوية (Getty)
+ الخط -
تبدو الحكومة التونسية مصرّة هذه المرة على حلّ أزمة المباني العشوائية التي ازدادت في السنوات الأخيرة. وعدا عن قرارت إزالة هذه المباني التي يجري تنفيذها، فرضت غرامات مالية مرتفعة على أيّ بناء غير مرخّص

طوال سنوات، عرفت معظم المدن التونسية فوضى المباني غير المرخصة. ومع ازديادها في السنوات الأخيرة، أصدرت الجهات المختصة آلاف قرارات الهدم، وسعت إلى تنفيذها.
عام 2013 سجل 5976 محضر معاينة بناء فوضوي، صدرت في شأنها 3009 قرارات هدم، نفذ منها 1445 قراراً. وعام 2014 سجل 10275 محضر معاينة بناء فوضوي، صدر بشأنها 5433 قرار هدم، نفذ منها 2963.

إدارات شرطة بلديات المحافظات تتابع كلّ المخالفات وتنفذ قرارات الهدم. ومنذ يوليو/ تموز 2013 تأسست فرق موزعة على كامل محافظات البلاد. انطلقت في عملها الفعلي منذ نهاية 2013. وتعهدت النيابات الخصوصية، بحسب ما جاء في المنشور عدد 9 المؤرخ في 29 مايو/ أيار 2013، بتوفير المعدات والتجهيزات اللازمة للشرطة البلدية لتنفيذ قرارات الهدم لكلّ البنايات المتجاوزة، خصوصاً أنّ البلديات قد تعرضت إلى الحرق وإتلاف العديد من معداتها خلال فترة الاضطرابات الأمنية عامي 2011 و2012، ما يؤثر بشكل كبير على تنفيذ مهامها.

المباني محل الخلاف أقيم معظمها على أراض تملكها الدولة. وتصل نسبة ما استولى عليه أشخاص إلى 40 في المائة من أراضي الدولة، وهي التي تصدر قرارات هدم للمباني المشيدة عليها خصوصاً.

آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة التجهيز والإسكان تشير إلى أنّه من بين نحو 80 ألف مسكن يبنى سنوياً، هناك 30 ألف مسكن يبنى بشكل عشوائي من دون ترخيص بناء. وقد انتشرت هذه المباني على بعض الأراضي التابعة للدولة وعلى الملك العام، كالحدائق والغابات، وشيدت حتى في المناطق الأثرية والمقابر.

يعتبر المنسّق العام للنقابة القطاعية للشرطة البلدية محمد الولهازي، أنّ "عدد العناصر المكلفين غير كاف لتنفيذ كلّ القرارات، إذ يبلغ عددهم 1450 عنصراً مقسمين على 24 محافظة، يقومون بعدّة مهام أخرى إلى جانب تنفيذ قرارت الهدم، على غرار مراقبة التجاوزات الصحية والتجارة العشوائية. الأمر الذي يتطلب دعمهم بشرياً ومادياً ولوجستياً".

من جهته، شيّد المواطن منير مسكناً على حديقة عمومية في تونس العاصمة عام 2011. استغرقه بناؤه خمسة أشهر فقط. يقول إنّه اضطر إلى ذلك بسبب ارتفاع ثمن الأرض وارتفاع أسعار مواد البناء، وهو ذو دخل بسيط ولم يعد قادراً على العيش في بيت مستأجر. يضيف: "اليوم بتّ مهدداً بالعودة إلى الشارع بعد أن صدر قرار بهدم منزلي، وتلقيت تنبيهاً لإخلائه".

من جهتها، تشير حبيبة إلى أنّها تعرّضت لعملية غش: "باعني أحد الأشخاص عام 2011 قطعة أرض تبيّن في ما بعد أنّها في منطقة غير مرخصة للبناء. اليوم أنا مُطالبة بتسوية وضع مسكني الذي بنيته عليها وتقديم ملف تسوية للبلدية المختصة بالنظر، وآمل أن أجد حلاً كي لا أخسر المنزل".

شيّدت آلاف المباني من دون رخص أو صفة قانونية في تونس، خصوصاً في أعقاب الثورة وما ترافق معها من انفلات أمني. استغل بعض المواطنين ضعف الدولة. اليوم تبدو أجهزة الدولة حريصة على تنفيذ قرارات الهدم، خصوصاً في ما يتعلق بالمباني التي شيّدت على الأملاك العامة. واتخذت الشرطة البلدية منذ يناير/ كانون الثاني 2014 إلى غاية أكتوبر/ تشرين الأول، ما يقارب 3550 قرار هدم جديد لمبان شيّدت على أملاك عامة نفذت منها قرابة 1990 قرار هدم، فيما أحيل أكثر من 2100 ملف إلى القضاء.

في سياق متصل، تقدم نواب باقتراح قانون أمام البرلمان يتعلق بتسوية أوضاع المساكن غير الشرعية. وهو اقتراح يخوّل البعض تقديم ملفات لتسوية أوضاع مبانيهم، خصوصاً التي شيدت في أراضٍ مؤهلة للبناء ولا ينقصها إلاّ الترخيص القانوني.

وفي هذا الإطار، يقول كاتب الدولة لدى وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، المكلف بالإسكان أنيس غديرة، إنّ المباني العشوائية في تونس تشكل ظاهرة خطيرة، خصوصاً مع بناء آلاف المساكن على الأراضي الزراعية، وعلى حساب المناطق الخضراء. ويشير إلى أنّ "أبرز سبب لتزايد عدد المباني غير الشرعية هو ارتفاع سعر الأراضي، إلى جانب قلّة الأراضي المخصصة للإسكان".

يتابع غديرة أنّ وزارة التجهيز والإسكان قررت توفير الأراضي المهيأة للسكن بالعدد الكافي، وبحسب احتياجات العائلات التونسية، وتعديل أسعار السوق لتكون أسعار الأراضي في متناول الطبقات الفقيرة، ما يخدم في تجنب اللجوء إلى البناء العشوائي.

كذلك، يشير غديرة إلى إقرار غرامة مالية على البناء العشوائي. وتراوح الغرامة بالنسبة للمباني الصناعية على المتر المربع الواحد بين 35 و250 دولاراً أميركياً. بينما تراوح الغرامة على المباني السكنية بين 75 و250 دولاراً للمتر المربع الواحد.

اقرأ أيضاً: بيوت صفاقس هجرها أهلها وسكنها مشرّدون

دلالات