أراضٍ بدل الرواتب لموظّفي غزّة

أراضٍ بدل الرواتب لموظّفي غزّة

16 ديسمبر 2015
ينتظرون الحصول على دفعة من الراتب (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -

لم يتقاض نحو أربعين ألف موظّف من حكومة غزة رواتبهم منذ ثلاثة أعوام. أزمةٌ ما زالت تؤرّق الحكومة وحركة حماس، ما دفع مسؤولين في الحركة إلى الإعلان عن مشروع لتوزيع أراض حكوميّة في غزة على الموظفين، كبديل عن مستحقاتهم المالية المتأخرة. هذا القرار الذي أعلنه نائب رئيس وزراء حكومة حماس المقالة في غزة زياد الظاظا نهاية الشهر الماضي، أثار جدلاً كبيراً في الشارع الفلسطيني بين مؤيد ومعارض. وقد اعتبر البعض أن القرار ظالم، ويعد سرقةً لأراضي الشعب الفلسطيني وممتلكاته.

حتى الآن، لا يعرف عبد الله الطويل، وهو أحد موظفي حكومة غزة، مدى استفادته من مشروع كهذا. يقول إنه يحتاج إلى المال حتى يتمكّن من إعالة أطفاله. كل يوم يمرّ عليه تزداد حياته صعوبة. لا يريد إلا سد جوع أطفاله وتوفير احتياجاتهم الأساسية الأخرى. يقول: "لست بحاجة إلى أراض أو عقارات، ولا حتى كنوز الدنيا. أريد فقط رغيف خبز، وأن أتمكن من أداء مسؤولياتي كرب أسرة قادر على تلبية احتياجات أطفالي وزوجتي، وبناء مستقبل أفضل لهم". وعن رأيه في المشروع، يقول لـ "العربي الجديد": "لست مهتماً بكل الجدل والمشاكل التي تحدث بسبب الانقسام. كل ما أريده هو حياة كريمة لي ولأسرتي".

بدوره، يرى محمود قويدر أن هذا القرار ربّما يكون جزءاً من حلّ لمشاكلهم كموظفين محسوبين على حكومة غزة، إلا أن هذا يعتمد على مدى الاستفادة الحقيقية منه. يضيف: "لم نعد قادرين على تحمل متطلبات الحياة"، لافتاً إلى أن الوضع كارثي وسيئ. نعاني الأمرين بسبب التجاذبات الحاصلة بين طرفي الانقسام، ونحتاج إلى حلول واقعية تساهم في ضمان مستقبلنا واستقرارنا. قد أرضى بأي حل يحفظ لي كرامتي، فأكون قادراً على الاستمرار في الحياة".

أما عاهد سلامة، الذي يعمل في أحد الأجهزة التابعة لحكومة رام الله، فيصف قرار "توزيع الأراضي بدلاً من الرواتب" بأنه "ظالم ومجحف بحق الشعب الفلسطيني، وليس لأي أحد الحق في التصرف بالأملاك العامة"، مضيفاً أن هذا المشروع لن يساعد أحداً. وتابع: "نعاني بسبب ظروف الحياة الصعبة. لكنني لن أرضى بحل كهذا لأنه ليس من حقي. أتعاطف مع إخواني في حكومة غزة، لكن يجب الانتهاء من معضلة الانقسام كي نجد حلاً لكل أزمات الشعب الفلسطيني في غزة".

واستكمالاً للجدال الذي تبع تصريحات الظاظا، أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "#مش_أرضك"، وغرد كثيرون رفضاً لقرار توزيع الأراضي التي هي ملك للشعب الفلسطيني وليست حكراً على فصيل بعينه. في الوقت نفسه، أبدوا تعاطفهم مع قضية موظفي غزة وأهمية إعطائهم حقوقهم.
على سبيل المثال، غرّد سالم رابعة: "ليس منطقياً أن توزع الأراضي الحكومية على موظفي الحكومة بدلاً من رواتبهم. البديل الوحيد لانقطاع الراتب هو الوحدة الوطنية وإنهاء ملف الانقسام، على أن يحمل الجميع نوايا الوحدة من دون كيل الاتهامات. يضيف أن "توزيع الأراضي أمر مرفوض".

من جهته، كتب الصحافي إبراهيم أبو شعر على صفحته على "فيسبوك"، إن "الأرض لن تقدم شيئاً للموظف"، لافتاً إلى أن 80 في المائة من الأراضي ستباع بثمن بخس. يضيف: "هناك ألف طريقة لحل مشكلة الموظفين بعيداً عن البلطجة".
بدوره، يرى محمد. ي. أن القرار منصف لحقوق موظفي غزة، مشيراً في الوقت نفسه إلى تفريط السلطة بأراضي الضفة الغربية للاحتلال. يقول: "حافظ موظفو غزة على أمن القطاع مدة ثماني سنوات، وحرصوا على قطاعي التعليم والصحة على الرغم من الحصار. مع ذلك، كثيرون من موظفي السلطة في غزة يتقاضون رواتبهم وهم جالسون في بيوتهم".

وبعد أسبوعين على إصدار القرار، أعلن رئيس سلطة الأراضي في قطاع غزة والمُكلّف برئاسة لجنة المشاريع الإسكانية، إبراهيم رضوان، عن تفاصيل المشروع. يقول لـ "العربي الجديد" إن المشروع هو عبارة عن جمعيات إسكانية ستصرف لجميع المواطنين من دون استثناء، علماً أن كل جمعية تتألف من 20 إلى 40 مواطن، وليست أراضي توزع على المواطنين. ويلفت إلى أن ثمن الأرض سيستقطع من المستحقات المتبقية للموظفين بعد تسوية الديون.

وعن أسباب إطلاق المشروع، يوضح رضوان أن هناك أزمة سكن في القطاع. وتقدّر الحاجة السنوية بنحو 10 آلاف وحدة، عدا عن الدمار الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة. يضيف أن هذا المشروع اعتمد بموجب قانون 2/2015م الذي أقرّه المجلس التشريعي، وفوّض بموجبه لجنة عليا للأراضي الحكومية برئاسة رضوان وعضوية تسعة آخرين، ما يعني إضفاء صبغة قانونية ودستورية على المشروع.

ويوضح رضوان أن المشاركة في المشروع اختيارية وليست إجبارية. يضيف: "بموجب المشروع، ستقتطع حقوق الغير المتعلقة بالحكومة والبلديات إجبارياً، فيما ما زال النقاش قائماً حول استقطاع حقوق البنوك من عدمه بشكل إلزامي". يتابع: "لن يستقطع ثمن الأرض من الموظفين إلا بضمان عدم وجود مستحقات عليهم لأي جهة، لتفادي حدوث إشكاليات وأزمات مستجدة لدى الموظفين".

اقرأ أيضاً: مدرّسو غزّة في الشارع