الجفاف يهدد صغار المزارعين في السودان

الجفاف يهدد صغار المزارعين في السودان

05 أكتوبر 2015
الزراعة أهم نشاط اقتصادي في السودان (فرانس برس)
+ الخط -
بالرغم من أنّ الهشاشة البيئية باتت في الآونة الأخيرة سمة كل المناطق الريفية في السودان، فإن بعض المناطق تعاني أكثر من غيرها، حيث تسود الزراعة التقليدية. وهو ما يستوجب تطوير هذا القطاع بهدف ارتقاء الدولة باقتصادها.

وقد أثبتت الإحصاءات أن 80 في المائة من السودانيين يعيشون على إنتاج الحبوب وتربية الماشية، كأهم مصادر للمعيشة في بلد تشكل فيه الزراعة أهم نشاط اقتصادي يساهم في نصف الناتج المحلي الإجمالي.

القطاع الزراعي في السودان يسيطر عليه صغار المزارعين الذين يعيشون فقراً مدقعاً. يعتمد معظمهم على الزراعة المطرية، وتقتطع الجبايات الحكومية المتنوعة النسبة العظمى من مدخولهم الضعيف أصلاً، من دون أن تقدم لهم المعينات اللازمة. بل حتى الذين يلجؤون إلى المؤسسات المصرفية لتمويل عملياتهم الزراعية، قد يواجهون، بما يترتب على تعسرهم في السداد أو عجزهم، عقوبات تتراوح ما بين السجن والتشريد لما في سياسات تلك المؤسسات من تحامل على صغار المنتجين.

تأتي موجات الجفاف الأخيرة، التي لم تترك حتى مناطق السافانا (سهول أشجارها قليلة) لتعمق من حالة الهشاشة، واستمرار مشكلات الأمن الغذائي. وتتفاقم المشاكل أكثر بتزامن الجفاف مع ظاهرة الرعي الجائر، وتعرية التربة، وانفجار النزاعات حول المراعي والأراضي الزراعية. ويسجَّل هنا غياب سياسات التحكم في النزاعات التي كانت تجيدها الإدارات الأهلية، قبل أن يُسنَد الدور إلى مؤسسات حكومية تفتقر إلى خبرات إدارة الأزمات قبل استفحالها.

ومع استمرار آثار تغيُّر المناخ على القطاع المطري، حيث يقدّر التناقص في كمية الأمطار بحوالي 6 ملم شهرياً أثناء الموسم وفقاً لآخر الإحصاءات، يتوقع الخبراء تأثيرات سلبية على استمرارية ما تحقق من تنمية في القطاع. ومع الإشارة إلى ما يُبذل من جهود في إطار مشاريع التكيُّف مع تغيُّر المناخ، فالعقبات المتمثلة في ضعف الارادة السياسية والالتزام، وضعف قدرات المؤسسات والأفراد، بجانب معمِّقات الهشاشة في القطاعات المستهدفة، وضعف التمويل (الأجنبي والمحلي)، تحول كلّها دون الوصول إلى تطبيق سليم لخطة العمل القومية للتكيُّف مع تغيُّر المناخ.

فهل هي ظاهرة الانتباه الانتقائي لدى حكوماتنا التي تقرأ جملة "إرساء الأمن الغذائي"، فتأخد بأول كلمتين وتوليهما الاهتمام الكامل، من دون الكلمة الثالثة الأساسية؟ هي نزعة لدى البشر الذين يمتلكون التصميم الكبير على التركيز بشكل مكثف على صور معينة إلى درجة يصبحون فيها غافلين تماماً عن الصور الأخرى الموجودة أمامهم.

*متخصص في شؤون البيئة

إقرأ أيضاً: الزئبق والسيانيد خطر على السودانيين