عراقيون وكويتيون: الحرب لم تدمّر علاقة الشعبين

عراقيون وكويتيون: الحرب لم تدمّر علاقة الشعبين

22 أكتوبر 2015
انتهاء القطيعة السياسية دعّم العلاقات الاجتماعية (فرانس برس)
+ الخط -

على طرف بعيد من آخر مزارع النخيل على الحدود العراقية الكويتية في محافظة البصرة، مرت المئات أو الآلاف من مواكب الزفاف المشتركة بين العوائل الكويتية والبصرية أو الكوفية، وقوافل التجار وأصوات غناء الفلاحين، في موسم الحصاد، التي تنساب بين الطرفين في البلدين منذ عقود طويلة.

يحلم العراقيون والكويتيون بعودة كل ذلك، كما كان في السابق، مع الذكرى السنوية لعودة العلاقات بين البلدين، إثر قطيعة استمرت 23 عاما، في أعقاب غزو العراق للكويت عام 1990، والتي اندلعت على إثره حرب الخليج الأولى.

ورغم عودة العلاقات السياسية والاجتماعية، وبروز ارتفاع تدريجي مستمر فيها، إلا أن الوضع الأمني والتحسب من عمليات التسلل، يحولان دون ممارسة الكثير من الطقوس العفوية والشعبية التي كانت تزين الحدود بين البلدين.

وشكلت عودة العلاقات العراقية الكويتية فرحةً كبيرة لمواطني البلدين، خاصةً في محافظة البصرة، 549 كلم جنوب العاصمة بغداد، حيث تربط عائلات البلدين وعشائرها علاقات مصاهرة وصداقة عريقة، وكانت العائلات العراقية والكويتية تتنقل بين البلدين نتيجة المصاهرات الكثيرة والعلاقات الاجتماعية الوثيقة.

الحاج أبو حمزة البصري (61 عاماً) كان وقعُ عودة العلاقات بين البلدين عليه واضحا، إذ تربطه مصاهرة مع عائلة كويتية منذ أكثر من 30 عاماً، فهو متزوج من كويتية، وشقيقته متزوجة من كويتي.

يقول لـ"العربي الجديد": "علاقاتنا بالأشقاء الكويتيين لن تتأثر بعوامل السياسة وتقلباتها مطلقاً، وربما لم يكن بمقدوري زيارة شقيقتي، أو بمقدور عائلة زوجتي زيارتنا خلال سنوات التسعينيات، بسبب ما حدث، غير أننا اليوم نتزاور بكل ود ومحبة مع عائلة أخي وصديقي وصهري أبو ساري المطيري".


ويضيف "بعد عودة العلاقات بين البلدين أصبح تزاورنا مع بعضنا أسهل، ولم تعد هناك عراقيل أمامنا، خاصةً أنَّ علاقاتنا طويلة وممتدة لعقود طويلة بين عشائرنا وعشائر دولة الكويت الشقيقة".

وكان لزيارة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري للكويت، في ديسمبر/كانون الأول 2003، أثر بالغ في إعادة العلاقات، ليس على المستوى الدبلوماسي فحسب، بل على المستوى الاجتماعي أيضا.

وفي هذا السياق، يلفت الباحث الاجتماعي مهيمن عبدالودود، إلى أن "العلاقات الاجتماعية بين البلدين طويلة، ولم تتأثر بكل السياسات الماضية وما تبعها من آثار سلبية على البلدين، لكن العلاقات الاجتماعية بقيت مستمرة طيلة تلك السنوات ولم تنقطع بين العائلات العراقية والكويتية التي تربطها علاقات مصاهرة وصداقة وثيقة جداً. الكثير من العراقيين، في البصرة تحديداً، متزوجون من كويتيات، وكذلك هناك مواطنون كويتيون متزوجون من نساء عراقيات، وشكلت عودة العلاقات الدبلوماسية فرحة كبيرة للعائلات والعشائر في البلدين".

حامد الدليمي (54 عاماً) رجل أعمال وتاجر، لم ينقطع عن صديقه الكويتي سهيل العنزي طيلة السنوات الماضية حتى قبل عودة العلاقات بين البلدين. ويوضح الدليمي لـ"العربي الجديد": "لم نكن أنا وصديقي سهيل العنزي نعير أي اهتمام للتقلبات السياسية، حيث تربطنا علاقات عائلية وثيقة، فضلاً عن علاقات العمل والتجارة، وكنت أزوره باستمرار أو نلتقي في أحد البلدان المجاورة ومازلنا، ولكن عودة العلاقات رسمياً بين البلدين لها أثر أكبر في تعزيز تلك الأواصر بين الطرفين بلا شك".

ويضيف الدليمي "زرت صديقي العنزي عدة مرات في الكويت، وفي كل مرة أشعر بمدى وفائه لي واعتزازه بصداقتي، وكنت حين أنوي المغادرة للعودة إلى العراق يحتضنني بشدة ويبكي، طالباً مني البقاء معه أياماً أخرى".

عائشة الشمري (52 عاماً) كويتية متزوجة من رجل عراقي من أهالي البصرة، تقول "لا يمكن لأحد أن يقطع العلاقات الاجتماعية لأي سبب كان، ونحن عقلاء ونعلم تماماً أنَّ علاقات الدم والعروبة والدين أكبر من أن تتأثر بظروف طارئة مرت وانتهت".

وتتابع "ما زلت أعيش مع زوجي العراقي في البصرة حتى اليوم من دون أي مشاكل، ولدي أولاد وبنات يدرسون في الجامعات العراقية، ونزور بين فترة وأخرى الكويت، ويزور أبنائي أخوالهم في الكويت بشكل مستمر وهم يزوروننا كذلك، وشكّل عودة العلاقات بين البلدين تعزيزاً لعلاقاتنا الاجتماعية".

وتقول منى الساعدي (39 عاماً)، وهي عراقية متزوجة من كويتي، وفي زيارة حالياً لعائلتها في البصرة، إن "العلاقات الاجتماعية بين الكويت والعراق لم تكن ظلاً للعلاقات السياسية مطلقاً، ولم تتأثر بها، وأعيش مع زوجي منذ 14 عاماً ونتزاور فيما بيننا بشكل مستمر".


اقرأ أيضا:تغيير ديمغرافي في العراق برعاية "الحشد الشعبي"