اللبنانيّون "شعب يأكل ملحاً"

اللبنانيّون "شعب يأكل ملحاً"

18 يناير 2015
اللبناني معتاد على استهلاك المعجنات أو المخبوزات (حسين بيضون)
+ الخط -

هو محور حديث عدد كبير من خبراء الصحة اليوم، في وقت تحتوي فيه أطعمتنا بمعظمها على كميات كبيرة منه. إنه الملح، الذي يهدّد صحتنا بالجلطات القلبيّة في حال تخطى المعدل الطبيعي.

في آخر دراسة أجريت حول الموضوع في المركز الطبي التابع للجامعة الأميركيّة في بيروت، تَبيّن أن كميّات الملح تخطت المعدل العام في الأطعمة التي نتناولها يومياً، وخصوصاً في الخبز والمعجنات. بالتالي حذّرت الدراسة من مضاعفات صحيّة.

منقوشة الفقير

في لبنان تنتشر أفران المناقيش، التي يقصدها الناس لتناول وجبة الفطور. ويقول أحمد مرتضى: "صحيح أن الأطباء ينصحوننا بتفاديها إذ إنها مشبعة بالزيوت والملح، إلا أنه من السهل الحصول عليها، مادياً".

وتلك الأفران التي تعِدّ مناقيش الزعتر والجبن والكشك وكذلك اللحم بعجين والبيتزا، تحضّر أيضاً الفطائر على أنواعها. فاللبناني معتاد على استهلاك كل أنواع المعجنات أو المخبوزات، على الرغم من أن كثيرين يحاولون تجنّبها تفادياً لإصابتهم بالبدانة.

حذار من المخبوزات

وكشفت دراسة الجامعة الأميركيّة عن أن الإفراط في استهلاك الملح يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبيّة الوعائيّة. وأوضحت أن 35% من الملح الذي يستهلكه اللبنانيون مصدره الخبز والمعجنات و4% المناقيش. وشدّدت على أن التقليل من استهلاك الملح يخفف من احتمالات الإصابة بالنوبات والجلطات القلبيّة والسكتات الدماغيّة وارتفاع ضغط الدم.

إلى ذلك، وبهدف الحدّ من مخاطر الإكثار من تناول الملح، أوصت منظمة الصحة العالميّة بألا يزيد المعدّل اليومي عن خمسة غرامات. من هنا، شدّدت على أهميّة نشر المعلومات حول استخدام الملح في الأطعمة، ورفع مستوى الوعي حول مخاطر الإكثار من تناوله، بالإضافة إلى تغيير عادات الطبخ وتعديل تركيبة المواد الغذائيّة وتشكيل آليّة وطنيّة لمراقبة نسب الملح في الأطعمة وتقييمها.

وتشرح الاختصاصيّة في التغذية، الدكتورة لارا ناصر الدين، التي أشرفت على دراسة الجامعة الأميركيّة، أن "دراستنا كانت حول كميّة الملح الذي يتناوله الشخص يومياً. وقد تبيّن أننا نتناول كميات تفوق المعدل الطبيعي، وهذا ما يدفع إلى الإصابة بجلطات قلبيّة. وقد وجدنا أن الملح في الخبز والمعجنات يتخطى العتبة المسموح بها ليصل استهلاكنا إلى ثمانية غرامات يومياً بدلاً من خمسة".

تضيف ناصر الدين: "لذا، سعينا إلى التنسيق مع وزارة الصناعة ونقابة الأفران بهدف تخفيف كميّة الملح في الخبز، لعلنا ننجح في تفادي التداعيات الصحيّة من جرّاء تناول الملح العشوائي. فليس الجميع قادراً على تحمّل تلك التداعيات". وتشدّد على أنه "وفي حال كان المرء يعاني البدانة، فإن المضاعفات تزداد".

انتبه: خطر

من جهتها، تحذّر الاختصاصيّة في التغذية، نيكول مفتوم، من النظام الغذائي غير السليم وغير المتوازن، وتقول إن "استهلاك الملح بكميات كبيرة في غياب أي نشاط بدني، من الطبيعي جداً أن يؤدّي إلى مضاعفات صحيّة خطرة. لذا، لا بدّ من أخذ العلم بأن الملح أو الصوديوم في الطعام، لا يجب أن يتخطى 2400 ملغرام يومياً. فالجميع معرّض لخطرالاستهلاك العشوائي. وعلى سبيل المثال، الأطفال الذين يدمنون رقائق البطاطا المقليّة المقرمشة التي تحتوي على كميّة كبيرة من الملح، قد تزيد البدانة لديهم، وبالتالي تشكل خطراً على صحتهم".

وتتابع مفتوم أن "التأثير هو ذاته إذا ما أكثرنا من تناول البسكويت أو المخللات أو البيتزا. فهذه الأطعمة تحتوي على كميّة كبيرة من الملح. أما المناقيش، فنسبة الملح تزداد أو تقلّ بحسب معايير تحضير العجينة عند الفرّان".

لا رقابة

ورداً على سؤال حول مراقبة الملح في الخبز، يجيب الاختصاصي في أمراض الكلى والضغط، الدكتور عادل برباري، أن "استهلاك الملح العشوائي وما يخلفه من مضاعفات، يشغل الباحثين في العالم. وكانت إنكلترا مؤخراً قد عمدت إلى قياس كمية الملح في البيتزا".

يضيف برباري، وهو عضو في "الجمعيّة العالميّة لمكافحة الضغط"، أن دراسة الجامعة الأميركيّة استطاعت إلقاء الضوء على كميّة الملح المرتفعة في الخبز والمعجنات، محذراً من أن "كثرة الملح تؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم وتزيد من تصلب الشرايين. وفي حالة لبنان، يمكننا القول إننا شعب يأكل ملحاً".

ويشدّد على دور وزارة الصحة في التدقيق في نسب الملح المستهلكة في الأطعمة، خصوصاً وأنها اليوم تقود حملة سلامة الغذاء".

المساهمون