"زيتوني وزيتي"

"زيتوني وزيتي"

29 سبتمبر 2014
في فلسطين نحو 300 معصرة حالياً (خلف يوسف)
+ الخط -
لموسم قطاف الزيتون في فلسطين نكهته. يصرّ الفلاحون على الالتزام بطقوسه لناحية جمع الثمار ونقلها ثم عصرها وتعبئة الزيت وتخزينه. بدت الحاجة أمينة منصور (70 عاماً)، منشغلة في حياكة المفارش وتنظيف الأوعية استعداداً للموسم الذي ينطلق رسمياً في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
تتحوّل عمليات القطاف، في الكثير من البلدات والقرى الزراعية، إلى مهرجان شعبي. يرافق الأطفال الأهل إلى الحقول للمشاركة في عملية القطاف هذه، ويضفون البهجة على المكان. وتُنظّم بعض المؤسسات والجامعات أيام عمل تطوعية لمساعدة المزارعين، وخصوصاً أولئك الذين تقع أراضيهم بمحاذاة المستوطنات الإسرائيلية. تقولُ أمينة، التي تنتج سنوياً نحو 700 كيلوغرام من الزيتون، لـ "العربي الجديد": "ليس أمامنا الكثير من الوقت، فالموسم يداهمنا، ويجب تجهيز جميع اللوازم والمعدات".

أهازيج الزيتون

تُردّد الحاجة الأهازيج الخاصة بالموسم، منها: "على دلعونا على دلعونا... زيتون بلادي أجمل ما يكونا". تُتابع تنظيف الغربال الذي ستستخدمه لفصل ثمار الزيتون عن الأوراق المريضة التي تسقط على المفارش. تشرح: "قبل القطاف، نجمع ما سقط من ثمار ضعيفة ومريضة على الأرض، ونحفظها في عبوات خاصة، لأنها تعطي زيتاً سيئاً غالباً ما نستخدمه في صناعة الصابون". تضيف: "أتمنى أن نحصل على المعونة هذا العام من الأقارب والمؤسسات. في الماضي كانت عائلتنا كبيرة، قبل أن يذهب أولادي إلى دول الخليج للعمل. نلجأ إلى تشغيل العمال معنا، وندفع لهم في مقابل كل يوم عمل 100 شيكل (نحو 26 دولاراً)". يحب خالد جمال (35 عاماً)، موسم قطاف الزيتون لأنه "يجمع العائلة، ويذكّرنا بأسلوب حياة أجدادنا". يُضيف: "نعدّ الشاي ونطهو الطعام في الحقول". بالنسبة إليه، "لطعام الحقول مذاق خاص". يضيف: "نجد الوقت للحديث مع بعضنا البعض أثناء القطاف. هنا، لا تعكّر التكنولوجيا صفو حياتنا".
أثناء القطاف، يتبادل أفراد الأسرة النكات والأحاديث السياسية والشعبية. وتميلُ العائلات العاملة في حقول الزيتون إلى الاعتماد على الطعام الخفيف والمعلبات، إذ تنشغل النساء في القطاف ولا يملكن الكثير من الوقت للطهي. حنين يشير الحاج رزق محمود (70 عاماً)، إلى أن "موسم قطاف الزيتون كان أجمل وأفضل في ما مضى". يقول: "كان الناس يحبون بعضهم، وتتسابق العائلات في تقديم العونة.
 
اليوم، بدأت هذه العادات تندثر بسبب الانقسام السياسي وكثرة مشاغل الحياة". يحكي محمود عن الماضي. يقول: "في السابق لم نكن نعتمد على المفارش. وكانت المهام تتوزع بين النساء والرجال. نستخدم العصي لإنزال الثمار على الأرض، فيما تجمعها النساء". يُتابع: "حتى الزيت كان ألذ وأطيب، فعمليات العصر كانت تتم من خلال استخدام الدواب التي تجر حجراً كبيراً توضع ثمار الزيتون أسفله. وبعد هرسها، توضع في مياه ساخنة كي يطفو الزيت على السطح. تطورت هذه الآلية مع الوقت، وتم استبدال الدواب بمحوّل كهربائي يحرك الحجر، وصولاً إلى المعاصر الحديثة".
بدوره، يقول صاحب معصرة زيتون، طارق خاطر: "في فلسطين نحو 300 معصرة حالياً، منها نحو 20 في قطاع غزة، وهي كافية، لكنها تحتاج إلى التطوير لرفع جودة الزيت". يعلّق على عمليات القطاف وأثرها على جودة الزيت قائلاً: "الناس كانت تستخدم العصي بكثرة لجني المحصول، كما أن هناك طرقاً حديثة تستخدم فيها مواد كيميائية. لكن القطف باليد يبقى الأفضل، ويعطي زيتاً فاخراً، إلا أن كلفته عالية". يشار إلى أن الفلسطينيين يتداولون العديد من الأمثال الشعبية التي تدلّل على أهمية زيت الزيتون في حياتهم، منها: "خبزي وزيتي عمارة بيتي"، و"إذا كان في البيت خبز وزيت، زقّفت أنا وغنيت"..