شاي بطعم العبودية

شاي بطعم العبودية

03 مارس 2014
الشاي بطعم العبودية
+ الخط -
على مشارف مدينة دلهي، قلب الهند النابض وعاصمتها الاقتصادية، وفي ولاية أسامس الجميلة والرحبة، تنتشر مزارع شاي "تيتلي" الشهير، الذي يصل العالم برمته، لكي نستمتع به صباحا أو مساء أو في أوقات فراغنا بعيداً عن ضغط الحياة اليومية.

لكن هل فكرنا يوماً في أن سعر هذا الكوب، الذي يسعدنا ولو مؤقتا، قد يكون مرعبا، بالنسبة لملايين المعدمين في الهند، بل إنه يسهم  أيضا في انعاش وانتشار ما بات يعرف بـ "العبودية الحديثة".
تحقيق مصور ورد في صحيفة "ذي غارديان" البريطانية رصد عملية انتشال إحدى ضحايا الرق الحديث قبل أن تختفي كمثيلاتها إلى الابد.
وفي الشريط نرى كيف عثر على مقر "سميلا" أو "سومي" الضحية التي خدعت كغيرها بالعهود الكاذبة بوظيفة أو تعليم جِيد، انتهت بهن جميعا إلى مواقف لا يمكنهن الفكاك منها.
نجحت سومي، في استعمال أحد هواتف جيران العائلة، التي استعبدتها عامين، لتتصل بوالدها وتخبره عن مكان سجنها، وإن مالكيها يهددونها بالبيع الى تجارالدعارة في مومباي.
انطلق، تشامبرلن، سريعا مصحوبا بفريق الانقاذ، لعين المكان الذي حددته الضحية، والذي لم يكن سهلاً الوصول اليه لشساعة المدينة، ..مرورا بتلك المزارع الشاسعة التي تنتج أجود وانقى أنواع الشاي الاكثر مبيعا في العالم. جمال منظر المكان لم يكن الوحيد الذي شد الفريق، بل رؤية أطفال وشباب وشيوخ يعملون في تلك الحقول، وكأن التاريخ قد نسيهم أو كأنهم من زمن غير زمن شاربي الشاي في الدول المتقدمة. أجرة هؤلاء قد لا تتعدى 91 بنساً في اليوم، ما جعل أطفالهم فريسة سهلة لتجار الرقيق الابيض، وخاصة الفتيات الصغيرات اللواتي يتم إغواؤهن أو خطفهن من مزارع الشاي أو البيوت في غياب أولياء الامور، لينتهي بهن المطاف خادمات في بيوت الاغنياء، يعملن لأكثر من 17 ساعة، غير مدفوعة الأجر والأكل أحيانا، أوالاستغلال الجنسي في بيوت الدعارة أو جاريات عند الاثرياء، أو ربما للاستغلال الممنوح في الهند حيث الرقابة شبه معدومة.
ويتهم المدافعون عن حملة التصدي للعبودية الحديثة مالكي تلك المزارع، بالمساعدة على انتشار العبودية، لتدني أجور العمال وعدم توافق ظروف حياتهم اليومية مع مردود انتاجها الهائل، كشركة "الكونسورتيوم التي تضم شركة "تيتلي الأم للشاي"، وشركة "تاتا العالمية للمشروبات"، و"البنك الدولي للاستثمار".
ويقول، كلاش ساتيارتي، أحد أعضاء المؤسسة الهندية لانقاذ الاطفال من العبودية: إن الرق مشكلة كبيرة والاطفال هم ضحاياه الاكبر. كما نوه الى أن، سومي واحدة من اربع عشرة بنتاً فقدن من قريتها نفسها.
لكن انقاذ، سومي، من براثين العبودية، التي تنتشر في الهند مثل النار في الهشيم، مع غياب جدية المسؤولين في مكافحة هذه الظاهرة، لم ينقذ حكام بومباي، الذين تغنوا بالهند المعجزة، التي جذبت أنظار عالم الأعمال ورجاله منذ عام 2008، وأصبحت عضوا في التجمع الاقتصادي المعروف باسم "بريكس"، كما أصبحت واحدة من أكبر الديمقراطيات في العالم لتعدادها السكاني.
ففي عام 2013 أدرجتها الولايات المتحدة ومنظمات حقوق الانسان على قائمة أولى الدول التي أخفقت في مكافحة الاتجار في الرقيق الابيض، وثالث أكبر مورد لاموال الجريمة المنظمة بعد المخدرات والاسلحة، كما يشير المؤشر الذي يرصد العبودية في العصر الحديث، إلى وجود 14 مليون شخص في الهند يعيشون العبودية، وهو أعلى رقم على مستوى العالم.
إلى جانب دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "ووك فري" الحقوقية، ومقرها استراليا إلى وجود 30 مليون من العبيد في أنحاء العالم، بتطبيق مفهوم العبودية الذي يشمل أيضا عبودية الدين والزواج القسري و تهريب البشر.

وتقول الدراسة التي وصفت الجريمة بـ "خفية ومتنوعة"، إن نصفهم في الهند لكن تقول المؤسسة، إن هذه الدراسة يمكن ان تساعد الحكومات المعنية كالهند في تقييم العبودية والتخلص منها إذا كانت جدية.

المساهمون