"الربيع اليمني" خريج الجامعة

"الربيع اليمني" خريج الجامعة

21 فبراير 2014
+ الخط -

بعد ثلاثة أعوام على انطلاق ثورة التغيير في اليمن ما زالت خيام الاعتصام منتصبة أمام البوابة الجنوبية لجامعة صنعاء. فهناك لم يرتبط الطالب الجامعي بالثورة ولم يكن شرارتها فحسب، بل كانت الجامعة هي النواة التي قدم الثوار إليها، وتحولت المداخل والشوارع المجاورة لها إلى ساحة لأطول اعتصام في التاريخ. حتى إن الرئيس السابق عندما أراد تهدئة الاحتجاجات أمر بإعفاء الطلاب من الرسوم.

في اليوم التالي لسقوط نظام بن علي في تونس في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني 2011، خرجت مسيرات طلابية من ‏جامعة صنعاء تبارك نجاح الثورة التونسية وترفع شعارات ضد التمديد للرئيس علي ‏عبدالله صالح والتوريث لنجله، وبعضها ‏يطالب صالح باللحاق بـ"زميله بن علي". لتتواصل بشكل شبه يومي أمام بوابة الجامعة حتى أصبحت العنوان الدائم للاعتصام والثورة، أغلقت خلاله الجامعة لقرابة 8 أشهر. وكان يوم الطالب الجامعي هو اليوم الأول للاعتصام المستمر.

لذلك فعنوان الثورة في أهم ساحاتها هو الجامعة، وذلك ليس إلا تأكيداً على الدور الأكبر الذي لعبه الطالب الجامعي في الثورة، وعلى الجامعة كملتقى لفئة مهمة من الشعب استطاعت نيل احترام وتقدير العديد من القوى والشخصيات التي لحقت بهم. وصنعاء، لم تكن إلا صورة مصغرة من الدور الذي لعبه الطلاب في مختلف ساحات الاعتصام في اليمن على مدى شهور.

ولا شك أن التعليم الجامعي تأثر سلبا بسبب الاستقطاب السياسي والصراع، خلال فترة الثورة، وكذا المرحلة الانتقالية السابقة، لكن طلاب جامعة صنعاء، كانوا الأكثر تأثراً بسبب ضياع سنة دراسية جراء إغلاق الجامعة، وهي الفترة التي تم تعويضها باختصار شهور الفصول الدراسية بعد فتح الجامعة على مدى عامين.

"العربي الجديد" وسط ضيق الوقت، استطلعت آراء العديد من الطلاب من جامعة صنعاء وجامعات أخرى، حول دور الطالب الجامعي بالثورة وبالوعي المجتمعي، وأبرز الصعوبات التي يواجهها التعليم، وخرجت بما يلي:

شرارة الثورة

حبيب العريقي خريج جامعة صنعاء وعضو اللجنة ‏التنظيمية للثورة الشبابية في اليمن يرى أن "الجامعة أسهمت في تكوين ‏شخصية الربيع العربي بما تمثله الجامعات من منارات التنوير ‏وصروح العلم فهي تسهم اسهاماً كبيراً في نشر الثقافة وتعميق ‏الوعي بواجبات وحقوق المواطن". ويضيف العريقي: "أنه ليس ثمة ثورة بدون ثقافة والجامعات هي ‏القلاع الثقافية للمجتمع". ‏

والهدف الثالث للثورة "هو تحقيق نهضة تعليمية شاملة تلبي ‏تطلعات الشعب اليمني فقد عمل النظام السابق على تجهيل المجتمع ‏وتدمير المؤسسات التعليمية وتحويلها الى ثكنات امنية.. وقال إن النظام السابق قام "بتعطيل قانون الجامعات السابق الذي كان ينص ‏على انتخاب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الاقسام ‏واستعاض عنه بقرارات وتعيينات لا تمت للمعايير العلمية بصلة سوى ‏الولاء والقرب من الاجهزة الامنية مما انعكس سلباً على مخرجات ‏التعليم".

ولفت العريقي الى أن يوم الطالب الجامعي يترافق مع ذكرى انطلاق الثورة ‏الشبابية الشعبية التي اشعلها طلاب الجامعات "والذي تحل علينا ‏الذكرى الثالثة لانطلاقها في هذا الشهر وارى ان المناسبتين ‏متلازمتان ولا يمكن انفصالهما فيوم الطالب هو يوم الثورة في ‏اليمن".

وبالنسبة لرأيه عن مخرجات التعليم العالي في ‏اليمن، يرى العريقي أن "العملية التعلمية بحاجة الى تغيير جذري والاعلان عن ‏ثورة تعليمية اصبح ضرورة وطنية ولا يمكن ان تكون دولة مدنية ‏حديثة بدون تعليم حديث ومتطور ويواكب العصر. التعليم هو ‏مدخل الثورة الثقافية وهذا ما حدث في كثير من البلدان كالهند ‏وماليزيا وغيرها ، وهذا ما ينبغي ان يكون في اليمن".‏

مناهج تحتاج إلى تحديث

أما صفية الكوماني، وهي طالبة جامعية، فترى أن التعليم الجامعي في اليمن يعتبر ضعيفاً بالمقارنة بالتعليم في الدول الاخرى، وأنه "ضعيف وهش وتلقين وحفظ". معتبرة أن مشكلة الكثير من الطلاب أنهم "لا يحاولون تثقيف أنفسهم بالتالي هذا ينعكس على المجتمع".. وتشير إلى ما يشكو منه كثيرون وهو أن العديد من الكليات "التعليم فيها نظري وهناك مناهج عفا عليها الزمن".

مصدر النهوض

منصور المنتصر طالب ماجستير كلية الاعلام يرى أن اليوم ‏العالمي للطالب الجامعي مناسبة جيدة للوقوف مع رجال المستقبل ‏والاحتفاء بهم لأن طلاب الجامعة هم مصدر النهوض بالامم ‏والشعوب والأفكار الجديدة". وقال لـ"العربي الجديد" انها "مناسبة ‏للتصحيح والتطوير لما هو قائم وإزالة كل العراقيل التي تقف امام ‏الطالب اليوم حتى يسهم اسهاما في خير امته والعالم كله". ‏

‏ وأضاف ان "الجامعة كان لها دور بارز في الإسهام بالتثقيف وبناء ‏شخصية الطالب من خلال النقد للوضع القائم المتردي في كل ‏النواحي مما ساعد على وجود بيئة نقاشية وخاصة في مجال العلوم ‏الانسانية التي شخصت الواقع المتردي وبالتالي تكون لدى الطلاب ‏فكرة التغيير والتفكير به بجدية وحين جاءت الفرصة كان طلاب ‏الجامعة هم الشرارة الاولى وفي صدارة المشهد السياسي معبرين ‏عن رفضهم للوضع القائم من خلال وسائل الاعلام الجديد ‏

لكنه قال إن اليمن يسير ببطء نحو المستقبل..وخاصة ما "يتعلق ‏بعملية التعليم الأساسي او الجامعي أو العالي وذلك لعدم وجود ‏الرعاية التامة والكفوءة والامنية من قبل المؤسسة السياسية حيث ‏كان الخوف من التعليم اساسا على مصالح السياسيين الشخصية في ‏عدم النهوض بالتعليم". ‏

وحول المشاكل التي يواجهها الطالب قال المنتصر، ان "المخرجات ‏تفتقر للتكامل بين النظري والتطبيق لحدود الامكانات وقلة المعامل ‏والمختبرات وضعف التأهيل والتدريب".. لكنه أكد "أن المخرجات ‏وان كانت متواضعة الى حد ما استطاعت ان تشق مستقبلها وبالتالي ‏فمخرجات التعليم لا بد من الاهتمام بها حتى توافي وتواكب ‏احتياجات سوق العمل وبدون ذلك ستصبح هذه المخرجات حملاً ‏على كاهل الحكومة كونها ستكون في سلم البطالة". ‏

دور ضعيف

عفراء علي محيي الدين، طالبة إعلام في المستوى الرابع بجامعة صنعاء، غير متفائلة بوضع الطالب اليمني إذ ترى أن دوره لا يزال ضعيفا ولا يبرز الا من خلال مؤسسات العمل الاجتماعي فقط. وقالت إن أبرز المعوقات غياب تشجيع رئاسة الجامعة للطلاب

من جانبه قال حبيب الضبياني طالب في جامعة صنعاء إن "للجامعة ‏دورها الكبير في تكوين الشخصية الثورية الشابة اليمنية، من اكثر ‏من جانب اهمها ان الطالب الجامعي كان هو من اكثر الفئات ‏تضررا من الانظمة المستبدة والفاسدة ومن جانب اخر يعتبر ‏الطالب الجامعي الاكثر وعيا بمجريات الحياة الاجتماعية ‏والسياسية.. وذلك من خلال ممارسته اليومية في الجامعة".

أما نظرته للتعليم الجامعي باليمن فيرى أنه "يفتقر الى الكثير من ‏الامور العلمية، فمراكز البحوث والدراسات والمعامل والمختبرات ‏تعد شبه منعدمة في التعليم العالي ومثل هذه الوسائل العلمية هي ‏الاساس ويعتمد التعليم العالي باليمن على الجانب النظري وهذا يعد ‏من القصور كما ان هذا يجعل منا في ذيل القائمة بالتعليم العام ‏والجامعي ‎اضف الى ذلك الوضع الاقتصادي الصعب الذي احبط ‏الطالب اليمني، الا اننا في العام المنصرم شهدنا الشباب اليمني ‏يحصد العديد من الجوائز العالمية والاقليمية وهذا يدل على ان ‏الطالب اليمني قادر على مواكبة العصر واللحاق بركب الدول ‏المتقدمة اذا اتيحت له الفرصة وتمكن من التعليم الامثل وتوفير الحياة ‏الاقتصادية الكريمة".‏

ان ما هو قائم الآن لا يختلف عن حالة بقية مؤسسات الدولة مع ‏أن الخلل في هذه الأخيرة يصيب جوانب من حياتنا بالخراب لكن ‏الخلل في التعليم الجامعي هو الخراب الشامل.!‎

نقص المعامل

الطالب عبدالله السامعي، يرى أن "الطالب الجامعي في اليمن لا يزال يعاني من نقص المعامل الحديثة المواكبة لتطورات العصر والتي تجعله يحول ما يدرسه وما هو في عقله إلى حقائق عملية يمكن الاستفادة منها". وأضاف "نرى طلابنا المبدعين في الخارج يحظون برعاية من الدول التي هم فيها للاستفادة من أفكارهم وإبداعاتهم ، بينما بلادنا لا توفر لطلابها أدنى اهتمام أو رعاية ، ودوماً نسمع عن اختراعات جديدة في اليمن لكنها تختفي بمجرد نشر أخبارها في الصحف والمواقع الاخبارية. نتمنى أن توفر الدولة للطلاب بيئة مناسبة للتعليم في الفترة القادمة".

تدخل سريع

أما رقية الحدأ وهي طالبة جامعية فترى أن "التعليم الجامعي في اليمن بجميع تخصصاته العلمية والانسانية في حاله المريض الشديد الوجع وهو يلفظ انفاسه الاخيرة فإما ان يبقى هكذا حتى الموت او التدخل السريع لانقاذه". ورأت أنه بالإضافة للوضع الصعب للجامعات فهي تعاني "الفساد الإداري والمالي والثقافي الذي انهك جسدها".

وقالت إن يوم الطالب "يوم للتعبير عن حاجات ومسؤوليات الجامعة تجاهه". ورأت أنه لا يستفاد من هذا اليوم كما ينبغي في اليمن". فكما ذكرت سابقا سيكون هناك فجوة كبيرة بين ما يتعلمه الطالب وبين المخرجات فستكون ركيكة وهشة". لكنها استدركت "هنا اسمحوا لي بعدم التعميم فهناك من الدكاترة والاقسام من تقف له وترفع القبعة احتراما له وتكريما لجهوده. على العموم علينا اعادة النظر في تشريعات وقواعد التعليم العالي لتكون المخرجات كما ينبغي فتحقق امالاً وتطلعات تسهم في بناء اليمن".

دلالات

المساهمون